عمده المطالب في التعليق علي المكاسب [انصاري] المجلد 4

اشارة

سرشناسه : طباطبائي قمي، تقي، 1301 -

عنوان قراردادي : المكاسب.شرح

عنوان و نام پديدآور : عمده المطالب في التعليق علي المكاسب [انصاري]/ تاليف تقي الطباطبائي القمي.

مشخصات نشر : قم: محلاتي ، 1413ق. = -1371.

مشخصات ظاهري : ج.

شابك : 3000 ريال (ج. 1) ؛ 4500 ريال (ج. 2) ؛ 6000 ريال (ج. 3)

يادداشت : ج. 2 (چاپ اول: 1414ق. = 1372).

يادداشت : كتابنامه.

موضوع : انصاري، مرتضي بن محمدامين، 1214-1281ق . المكاسب -- نقدو تفسير

موضوع : معاملات (فقه)

شناسه افزوده : انصاري، مرتضي بن محمدامين، 1214-1281ق . المكاسب . شرح

رده بندي كنگره : BP190/1 /الف 8م 7037 1371

رده بندي ديويي : 297/372

شماره كتابشناسي ملي : م 75-355

الجزء الرابع

[تتمة الخيارات]

[تتمة أقسام الخيار]

[تتمة السابع في خيار العيب]
[القول في الشروط التي يقع عليها العقد و شروط صحتها و ما يترتب علي صحيحها و فاسدها]
[الشرط يطلق في العرف علي المعنيين]
[أحدهما المعني الحدثي]

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ «قوله قدس سره: و في القاموس انه الزام الشي ء و التزامه في البيع و غيره و ظاهره كون استعماله في الالزام الابتدائي مجازا.»

لا يخفي ان مجرد الشك يكفي في عدم مجال للالتزام بكونه حقيقة في الاعم و بعبارة اخري مع الشك لا يمكن الاخذ بدليل «المؤمنون عند شروطهم» اذ لا يجوز الاخذ بالدليل في الشبهة المصداقية و استعمال الشرط في هذه الموارد التي ذكرها الشيخ لا يدل علي مدعاه فان الاستعمال أعم من الحقيقة.

مضافا الي النقاش في اسناد هذه الروايات أو بعضها و يضاف الي ذلك انه لا يتصور معني الشرط في قوله عليه السلام «الشرط في الحيوان» الخ، فان خيار الحيوان و خيار المجلس بحكم الشارع الاقدس لا بالتزام المتعاقدين.

بل لنا أن ندعي قيام الدليل علي كون استعماله في الالتزام الابتدائي مجازا فان المتبادر من الشرط الالتزام المعلق و أيضا صحة السلب علامة المجاز مثلا لو وعد زيد لصديقه أن يزوره بالليل هل يصدق علي وعده عنوان الشرط.

عمدة المطالب في التعليق علي

المكاسب، ج 4، ص: 4

و لكن اذا قال زيد لابنه ان صمت غدا اشتري لك سيارة يصح أن يقال ان زيدا اشترط في بيع السيارة لابنه و شرطه صوم الابن فلاحظ، و العرف ببابك و صفوة القول انه لا مجال للاستدلال علي العموم بالاستعمالات المذكورة في كلامه.

[الثاني ما يلزم من عدمه العدم]

«قوله قدس سره: الثاني ما يلزم من عدمه العدم من دون ملاحظة انه يلزم من وجوده الوجود أو لا»

افاد قدس سره ان لفظ الشرط له أربعة معان اثنان منها لغويان و اثنان منها اصطلاحيان و المعني الاول من الاولين معني حدثي و يشتق منه المشتقات كالشارط و المشروط.

و الثاني منهما معني جامد و المراد منه ما يلزم من عدمه العدم بلا تعرض لتحقق الوجود عند وجوده و الاشتقاق منه ليس علي الاصل و القاعدة و لذا لا يكون الشارط و المشروط متضايفين فان المراد من الشارط الجاعل و من المشروط ما علق علي الشرط.

و الثالث اصطلاح النحاة حيث يطلقون الشرط علي الجملة التي تقع تلو اداة الشرط.

و الرابع اصطلاح الفلاسفة حيث يطلقونه علي ما يترتب علي عدمه عدم المعلول و عدم ترتب وجود المعلول علي وجوده فالمعني الرابع أخص من الثاني.

و قال سيدنا الاستاد قدس سره علي ما في تقرير درسه الشريف ان الشرط مستعمل في جميع الموارد بمعني الارتباط و ليس له معني عرفي و معني اصطلاحي بل في جميع الموارد عبارة عن الاناطة و هذه الاناطة قد تكون أمرا تكوينيا كالشروط التكوينية

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 5

كاناطة المعلول بعلته و قد تكون مجعولا شرعيا كالشروط المجعولة في العقود و منها شروط الصلاة و بقية العبادات.

و هذا التوقف أيضا عقلي غاية الامر المنشأ قد يكون

عقليا و اخري يكون شرعيا و جعليا نعم في المعاملات الشروط جعلية محضة و هي الربط و هذا الارتباط جعلي و بعبارة اخري ان الشرط قد يكون أمرا تكوينيا و قد يكون أمرا شرعيا و قد يكون جعليا محضا «1» هذا ملخص ما افيد في المقام.

و يرد عليه أولا ان ما أورده علي الشيخ غير وارد عليه اذ لا اشكال في أن لفظ الشرط ربما يراد به المصدر و يشتق منه الشارط و المشروط و المشروط له و المشروط عليه الي بقية المشتقات منه.

و بعبارة اخري الشرط بالمعني المصدري كالضرب و النصر و يرادفها في الفارسي «شرط نمودن» و لا يراد منه بهذا الاعتبار مفهوم الارتباط و الاناطة و ربما يراد من لفظ الشرط المعني الجامد أي الشي ء الّذي يكون دخيلا في تحقق أمر نعم لا اشكال في أن الانسان ينتقل من مفهوم الشرط الي الارتباط.

و بعبارة اخري ينتزع الاناطة و الارتباط من لفظ الشرط فانقدح بما ذكرنا ان ما أفاده الشيخ من تعدد المعني للشرط تام و ما أورده عليه سيدنا الاستاد غير تام.

و ثانيا: ان صدر كلامه يناقض ذيله و ذيله يناقض صدره فانه يصرح كما تري في صدر العبارة كالشروط المجعولة في العقود

______________________________

(1) مصباح الفقاهة ج 7 ص 297 الي 298.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 6

و في الذيل يقول و قد يكون جعليا محضا و الحال ان المعاملات عبارة عن العقود.

و ثالثا ان تقسيمه ليس علي ما ينبغي فانه لا فرق بين شروط العبادات و المعاملات و كلها من واد واحد فان الشرطية كالجزئية غير قابلة للجعل بل المجعول عبارة عن حكم الشارع فتارة يجعل وجوب الصلاة عن طهارة

فينتزع من جعله شرطية الطهارة للصلاة و اخري يجعل الملكية عند تحقق الصيغة بقيد كونها عربية فينتزع منه شرطية العربية في العقد بالنسبة الي تحقق الملكية و هكذا و في جميع هذه الموارد التوقف عقلي بلا فرق بين الجعليات و التكوينيات.

أما في التكوينيات فواضح و أما في الجعليات فلأن ما دام موضوع الحكم لا يتحقق في الخارج لا يترتب عليه حكمه فتوقف الترتب علي الموضوع بحكم العقل و هذا ظاهر واضح لمن تكون له خبرة بالصناعة.

«قوله قدس سره: و اشتقاق المشروط منه ليس علي الاصل»

اي لا بد من التأويل و اشراب المعني الحدثي فيه اذ المفروض انه اسم جامد و الجامد غير قابل للاشتقاق منه.

«قوله قدس سره: و لذا ليستا بمتضايفين في الفعل و الانفعال»

مثل الضارب و المضروب اللذين يكونان متضايفين و أما الشارط و المشروط فليسا متضايفين فان الشارط عبارة عن الجاعل و المشروط عبارة عما جعل له الشرط.

«قوله قدس سره: نظير الامر بمعني المصدر و بمعني الشي ء»

فان لفظ الامر كلفظ الشرط تارة يراد منه المعني الحدثي

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 7

و اخري يراد منه المعني الجامد.

«قوله قدس سره: و لا يلزم من وجوده الوجود»

و هذا المعني الثاني الاصطلاحي اخص من المعني الثاني العرفي.

«قوله قدس سره: من ذلك المعني»

اي من ذلك المعني الثاني العرفي.

[الكلام في شروط صحة الشرط]
[أحدها أن يكون داخلا تحت قدرة المكلف]
اشارة

«قوله قدس سره: احدها أن يكون داخلا تحت قدرة المكلف»

اقول: الشرط الّذي يكون في العقد اما يكون شرطا و موضوعا للخيار و اما يكون موضوعا للعقد أما ان كان موضوعا للخيار فلا يكون مشروطا بشي ء اذ من الواضح ان جعل الخيار أمر جائز.

و لا فرق في جعله بين كونه ابتدائيا أي بلا قيد و بين أن يكون

معلقا علي أمر اي شي ء كان لكن الظاهر بل الواقع انه ليس المراد في كلامهم اشتراط الخيار بل النظر الي نفس العقد.

و عليه تارة يكون الشرط غير فعل المشروط عليه أعم من أن يكون فعلا لغيره أو صفة في شي ء و اخري يكون الشرط الفعل الصادر من المكلف الّذي يكون طرف العقد أما اذا كان غير فعل المشروط عليه فمرجع الاشتراط الي تعليق الامر علي شي ء.

و عليه اذا كان تلك الامر موجودا بالفعل و محرزا عند المتعاقدين يكون العقد صحيحا لعدم تحقق الاجماع علي منعه و أما ان لم يكن كذلك بأن كان أمرا استقباليا أو حاليا غير معلوم الحصول يكون العقد باطلا لبطلان التعليق.

و أما اذا كان الشرط فعل المشروط عليه فلا بد أن يكون مقدورا

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 8

له اذ شرط الفعل عبارة عن تعليق العقد علي التزام الطرف المقابل بذلك الفعل الكذائي فاذا لم يكن الفعل مقدورا له لا معني لتعلق التزامه به اذ الالتزام لا بدّ أن يتعلق بالامر المقدور و لا مجال للالتزام بالطيران الي السماء.

و بعبارة واضحة فساد الشرط المذكور من الواضحات و لا يحتاج الي اقامة الدليل و يمكن اثبات المدعي بتقريب آخر أيضا و هو أن الشرط بنفسه لا يترتب عليه أثر و انما الاثر للالتزام المترتب عليه و مع عدم القدرة لا يمكن تعلق الالزام اذ التكليف لا يتعلق بغير المقدور.

ان قلت: التعليق باطل و الحال أنه يلزم من البيان المذكور أن العقد يكون معلقا علي الالتزام.

قلت: بطلان التعليق لا يكون بحكم العقل بل اجماعي و لا اجماع فيما يكون معلقا علي امر موجود بالفعل و المفروض ان الالتزام فعلي و محرز

نعم مع الشك في القدرة يكون العقد باطلا لبطلان التعليق.

فانقدح بما ذكرنا ان اشتراط الشرط بكونه مقدورا أمر واضح و لا يحتاج الي اقامة دليل عليه و لكن مع ذلك

قد استدل عليه بوجوه:
الوجه الأول: الإجماع

و فيه ما فيه منقولا و محصلا.

الوجه الثاني: ان مرجع الاشتراط الي تقييد المبيع و مع عدم القدرة علي القيد لا يمكن تسليم المبيع.

و بعبارة اخري مرجعه الي بيع أمر غير ممكن الحصول و فيه ان المبيع اذا كان شخصا لا يكون قابلا للتقييد اذ الجزئي لا يقيد فان القيد لاصل العقد.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 9

الوجه الثالث: انه سفهي

و فيه انه لا دليل علي بطلان العقد السفهي انما الكلام في العقد الصادر عن السفيه.

الوجه الرابع: انه يلزم الغرر

و فيه انه يمكن أن يتصور علي نحو لا يكون العقد غرريا مضافا الي عدم دليل معتبر علي بطلان الغرر.

«قوله قدس سره: فافهم»

لعل الوجه في أمره بالفهم انه علي هذا الفرض لا يكون الشرط فاسدا اذ المفروض انه يقدر علي المقدمات الموصلة.

«قوله قدس سره: فاشتراط كتابة العبد المعين الخارجي بمنزلة توصيفها بها»

ان كان المراد من الاشتراط تعليق العقد علي الكتابة يكون العقد باطلا لبطلان التعليق و ان كان المراد تعليق الخيار عليها يكون جائزا و يوجب رفع الغرر فان الخطر يرتفع بالخيار.

«قوله قدس سره: لا يدل علي البناء علي تحققه»

البناء و عدم البناء غير دخيلين في صحة العقد و عدمها بل الميزان تحقق الخيار فان الخيار يرفع الغرر و بما ذكرنا يظهر أن الحق مع الشيخ و القاضي حيث حكما بلزوم العقد و تحقق الخيار مع عدم الجهل.

«قوله قدس سره: فيتحقق الخلاف في مسألة اعتبار القدرة في صحة الشرط»

علي ما ذكرنا لا ارتباط بين المقامين فان الشرط الّذي لا بد أن يكون مقدورا هو الفعل الّذي يشترط من قبل احد المتعاقدين علي

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 10

الاخر و أما الصفة كالكتابة و الحمل و أمثالهما فلا ترتبط بالمكلف.

«قوله قدس سره: فاشتراط النتيجة بناء علي حصولها»

الظاهر ان اشتراط النتيجة مبتدأ و قوله بناء خبره اي اشتراط النتيجة من باب الوثوق بحصولها.

[الثاني أن يكون الشرط سائغا في نفسه]

«قوله قدس سره: الثاني أن يكون الشرط سائغا في نفسه»

لا وجه لذكر هذا الشرط مع كونه عين الشرط الرابع فلاحظ.

[الثالث أن يكون مما فيه غرض معتد به عند العقلاء نوعا أو بالنظر إلي خصوص المشروط له]
اشارة

«قوله قدس سره: الثالث أن يكون مما فيه غرض معتد به عند العقلاء نوعا أو بالنظر الي خصوص المشروط له»

يقع الكلام في هذه الجهة في مقامين:

المقام الأول: في مقتضي القاعدة الاولية

المقام الثاني في مقتضي الادلة الثانوية.

فنقول: أما المقام الأول فالحق انه لا وجه للاشتراط المذكور فان دليل امضاء الشرط بإطلاقه يقتضي العموم و دعوي انصرافه الي خصوص الشرط العقلائي بلا دليل و لا وجه له.

و أما

المقام الثاني [في مقتضي الأدلة الثانوية]
اشارة

فما يمكن أن يقال أو قيل في تقريب المدعي وجوه:

الوجه الأول: ان مقدارا من الثمن يقع في مقابل الشرط و مع عدم كون الشرط عقلائيا يصير مصداقا للاكل بالباطل

المنهي عنه بقوله تعالي «لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ» و يرد عليه ان الثمن في مقابل العين و لا يكون جزء منه في مقابل الشرط مضافا الي أن الجار للسببية لا للمقابلة.

الوجه الثاني: ان الشرط اذا لم يكن عقلائيا يكون العقد سفهائيا

فيكون باطلا.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 11

و يرد عليه أولا انه يمكن أن يكون العقد بنفسه عقلائيا و يكون الشرط سفهائيا و لا يصير العقد العقلائي بالشرط سفهائيا.

سفهائيا.

و ثانيا: انا نفرض كون العقد سفهائيا لكن أي دليل دل علي فساد العقد السفهائي.

الوجه الثالث: انه لو لم يكن الشرط عقلائيا لا يكون تخلفه موجبا لتضرر المشروط له فلا يترتب عليه الخيار.

و يرد عليه انه لو كان دليل الخيار حديث لا ضرر لكان لهذا التقريب مجال لكن دليل وجوب العمل بالشرط حديث «المؤمنون» فلا مجال للبيان المذكور فتحصل ان الحق عدم الاشتراط المذكور.

«قوله قدس سره: و مثل له في الدروس باشتراط جهل العبد بالعبادات»

الظاهر في عنوان المسألة ان الكلام في شروط الفعل الذي يشترط علي الطرف المقابل فلا بد أن يكون محور البحث هو الفعل لكن نري ان كلامهم يعم اشتراط الاوصاف و بعبارة اخري الكلام في اشتراط الافعال لا في اشتراط الاوصاف اللهم الا أن يقال انه لا وجه للتخصيص.

«قوله قدس سره: و لو شك في تعلق غرض صحيح به حمل عليه»

لقانون حمل ما يصدر عن الغير علي الوجه الصحيح بمقتضي السيرة العقلائية الممضاة عند الشارع الاقدس.

[الرابع: أن لا يكون مخالفا للكتاب و السنة]
اشارة

«قوله قدس سره: الرابع: أن لا يكون مخالفا للكتاب و السنة فلو اشترط رقية حر أو توريث اجنبي كان فاسدا»

ينبغي أن يقع الكلام في المقام تارة مع قطع النظر عن النصوص

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 12

و اخري مع ملاحظتها فيقع الكلام في موردين.

المورد الأول: في الشرط المخالف مع الشرع مع قطع النظر عن النصوص الدالة علي نفوذ الشرط

فنقول: مقتضي القاعدة الاولية عدم تأثير الشرط لعدم الدليل فرضا.

و بعبارة اخري: لا يتغير حكم من الاحكام وضعيا كان أو تكليفيا بالشرط بلا فرق بين أن يكون الشرط غير فعل من عليه الشرط كصيرورة الحر رقا و بين أن يكون الشرط فعل الطرف المقابل كأن يشترط عليه شرب الخمر أو شرب الماء فان الشرط ابتداءً و بلا ملاحظة ادلة نفوذ الشرط لا يقتضي شيئا و هذا واضح ظاهر.

و بعبارة اخري: ادلة الاحكام بإطلاقها أو عمومها تشمل موارد الاشتراط.

و أما

المورد الثاني فالنصوص الواردة فيه طائفتان

الطائفة الاولي ما يدل علي نفوذ الشرط بلا تقييد و بلا اشتراط بشي ء لاحظ ما رواه منصور بزرج عن عبد صالح عليه السلام قال: قلت له: ان رجلا من مواليك تزوج امرأة ثم طلقها فبانت منه فأراد أن يراجعها فأبت عليه الا أن يجعل للّه عليه أن لا يطلقها و لا يتزوج عليها فأعطاها ذلك ثم بدا له في التزويج بعد ذلك فكيف يصنع فقال بئس ما صنع و ما كان يدريه ما يقع في قلبه بالليل و النهار قل له فليف للمرأة بشرطها فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: المؤمنون عند شروطهم «1» فان المستفاد من هذه الرواية نفوذ الشرط علي الاطلاق.

و لاحظ ما رواه علي بن رئاب عن أبي الحسن موسي عليه السلام قال سئل و انا حاضر عن رجل تزوج امرأة علي مائة دينار علي أن

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من ابواب المهور الحديث 4.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 13

تخرج معه الي بلاده فان لم تخرج معه فان مهرها خمسون دينارا ان أبت أن تخرج معه الي بلاده قال: فقال ان أراد أن يخرج بها الي بلاد الشرك

فلا شرط له عليها في ذلك و لها مائة دينار التي أصدقها ايّاها و ان أراد أن يخرج بها الي بلاد المسلمين و دار الاسلام فله ما اشترط عليها و المسلمون عند شروطهم و ليس له أن يخرج بها الي بلاده حتي يؤدي إليها صداقها أو ترضي منه من ذلك بما رضيت و هو جائز له «1».

و مقتضي القاعدة الأولية تقديم دليل الشرط علي جميع الادلة من الكتاب و السنة و الوجه فيه ان المشهور فيما بينهم انه لا تعارض بين الادلة الواردة علي العناوين الاولية و الادلة الواردة علي العناوين الثانوية و لذا لا نري تعارضا بين دليل حلية أكل الرمان و حرمة الاضرار بالنفس فيما اذا كان أكل الرمان مضرا و قس عليه جميع الموارد.

و الحاصل: انه لو لم يكن مقيد كان مقتضي القاعدة الالتزام بنفوذ الشرط علي الاطلاق.

و لكن في المقام نصوص تدل علي التقييد و الاشتراط فلا بد من ملاحظتها و استفادة ما يتحصل منها فنقول من تلك النصوص ما روته حمادة بنت الحسن اخت أبي عبيدة الحذاء قالت سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امرأة و شرط لها أن لا يتزوج عليها و رضيت ان ذلك مهرها قالت: فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: هذا شرط فاسد لا يكون النكاح الاعلي درهم أو درهمين «2» و هذه الرواية

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من ابواب المهور الحديث 2.

(2) الوسائل الباب 20 من ابواب المهور الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 14

ضعيفة سندا فلا يعتد بها.

و منها ما أرسله العياشي عن ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال قضي أمير المؤمنين عليه السلام في امرأة تزوجها

رجل و شرط عليها و علي أهلها ان تزوج عليها امرأة أو هجرها أو أتي عليها سرية فانها طالق فقال شرط اللّه قبل شرطكم ان شاء و في بشرطه و ان شاء أمسك امرأته و نكح عليها و تسري عليها و هجرها ان أتت بسبيل ذلك قال اللّه تعالي في كتابه «فَانْكِحُوا مٰا طٰابَ لَكُمْ مِنَ النِّسٰاءِ مَثْنيٰ وَ ثُلٰاثَ وَ رُبٰاعَ» و قال «احل لكم مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُكُمْ» و قال «وَ اللّٰاتِي تَخٰافُونَ نُشُوزَهُنَّ» الآية «1» و المرسل لا اعتبار به.

و منها ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام في رجل تزوج امرأة و شرط لها ان هو تزوج عليها امرأة أو هجرها أو اتخذ عليها سرية فهي طالق فقضي في ذلك ان شرط اللّه قبل شرطكم فان شاء وفي لها بما اشترط و ان شاء أمسكها و اتخذ عليها و نكح عليها «2» و الحديث ضعيف بالازدي.

و منها ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل قال لامرأته ان نكحت عليك أو تسريت فهي طالق قال ليس ذلك بشي ء ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال من اشترط شرطا سوي كتاب اللّه فلا يجوز ذلك له و لا عليه «3» و الحديث ضعيف بالميثمي.

و منها ما رواه اسحاق بن عمار عن جعفر عن ابيه ان علي بن

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من ابواب المهور الحديث 6.

(2) الوسائل الباب 38 من ابواب المهور الحديث 1.

(3) نفس المصدر الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 15

أبي طالب عليه السلام كان يقول من شرط لامرأته شرطا فليف لها به فان المسلمين عند شروطهم الا شرطا حرم

حلالا او احل حراما «1» و هذه الرواية ضعيفة بغياث بن كلوب بل و بغيره.

و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن رجل قال لامرأته ان تزوجت عليك أوبت عنك فأنت طالق فقال:

ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: من شرط لامرأته شرطا سوي كتاب اللّه عز و جل لم يجز ذلك عليه و لا له الحديث «2».

و المستفاد من الرواية ان صحة اشتراط شرط مشروطة بكونه موافقا مع الكتاب و المراد من الكتاب القرآن و يمكن أن يقال: يستفاد الاطلاق من الحديث و ان العرف لا يفهم خصوصية للمورد.

و منها ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال قضي علي عليه السلام في رجل تزوج امرأة و شرط لها ان هو تزوج عليها امرأة أو هجرها أو اتخذ عليها سرية فهي طالق فقضي في ذلك ان شرط اللّه قبل شرطكم فان شاء وفي لها بالشرط و ان شاء امسكها و اتخذ عليها و نكح عليها «3».

و المستفاد من الحديث ان صحة الشرط منوطة بعدم كونه مخالفا مع المجعول الشرعي.

و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سمعته يقول: من اشترط شرطا مخالفا لكتاب اللّه فلا يجوز له و لا

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من ابواب المهور الحديث 4.

(2) الوسائل الباب 13 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث 1.

(3) نفس المصدر الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 16

يجوز علي الذي اشترط عليه و المسلمون عند شروطهم مما وافق كتاب اللّه عز و جل «1» و المستفاد من الحديث ان الشرط المخالف مع الكتاب غير نافذ.

و

منها ما رواه عبد اللّه بن سنان أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال المسلمون عند شروطهم الا كل شرط خالف كتاب اللّه عز و جل فلا يجوز «2» و المستفاد من الحديث ما هو المستفاد من الحديث الاول.

و منها ما رواه ابن سنان أيضا قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الشرط في الاماء لاتباع و لا توهب قال يجوز ذلك غير الميراث فانها تورث لان كل شرط خالف الكتاب باطل «3» و المستفاد منه ما هو المستفاد من الحديثين.

و منها ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام انه قضي في رجل تزوج امرأة و أصدقته هي و اشترطت عليه أن بيدها الجماع و الطلاق قال خالفت السنة و وليت حقا ليست باهله فقضي أن عليه الصداق و بيده الجماع و الطلاق و ذلك السنة «4».

و المستفاد من الحديث ان الشرط المخالف للسنة باطل فالمستفاد من نصوص الباب انه يلزم أن يكون الشرط موافقا مع الكتاب و لا يكون مخالفا مع الكتاب و السنة و من الظاهر انه ليس المراد موافقة الشرط مع الكتاب فان هذا الاشتراط خلاف الضرورة و الا يلزم

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب الخيار الحديث 1.

(2) نفس المصدر الحديث 2.

(3) نفس المصدر الحديث 3.

(4) الوسائل الباب 29 من ابواب المهور الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 17

بطلان اشتراط غسل الجمعة في عقد و قس عليه باقي الشروط التي لا يكون اثر منها في الكتاب الا أن يراد من الكتاب كتاب التشريع.

مضافا الي أنه يلزم ان يكون أخذ عنوان عدم المخالفة مع الكتاب و السنة لغوا فانه كيف يمكن صدق الموافقة مع الكتاب

و المخالفة معه أو مع السنة فالجامع بين جميع الافراد أن لا يكون الشرط مخالفا مع الشرع.

«قوله قدس سره: ثم الظاهر ان المراد بكتاب اللّه هو ما كتب اللّه علي عباده»

هذا خلاف الظاهر كما اشرنا إليه آنفا.

«قوله قدس سره: فخياطة ثوب البائع مثلا موافق للكتاب بهذا المعني»

لكن هل يمكن أن يقال اشتراط غسل الجمعة و امثاله موافق للكتاب فلاحظ.

«قوله قدس سره: ثم ان المتصف بمخالفة الكتاب اما نفس المشروط»

الذي يختلج بالبال أن يقال: ان المشروط عبارة عن المعلق علي الشرط مثلا لو باع زيد داره من بكر بشرط أن يشرب بكر مقدارا من الخمر يكون بيع الدار مشروطا بالتزام بكر شرب الخمر فالالتزام بالشرب شرط مخالف مع الشرع فيكون الشرط مخالفا باعتبار متعلقه و لذا يصح أن يقال الا شرطا يحرم الحلال أو يحلل الحرام.

و بعبارة واضحة الذي يكون محل الكلام في المقام أن يرتبط عقد أو ايقاع بالالتزام بفعل أو بحكم تكليفي أو وضعي و الا فمجرد

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 18

تعليق العقد علي كون الفعل الحرام الفلاني حلالا أو بالعكس لا يكون من محل الكلام و لا يرتبط بالشرط الصحيح أو الفاسد فان التعليق علي كون الخمر حلالا من مصاديق تعليق العقد و يكون باطلا من باب ان المعلق لا يتحقق مع عدم المعلق عليه فقول القائل بعتك داري بشرط أن يكون الخمر حلالا مثل قوله بعتك داري بشرط أن يكون السماء تحتنا فان مرجع هذا الاشتراط الي قوله ان كان السماء تحتنا بعتك و الا فلا.

و صفوة القول: ان الاشتراط في العقد عبارة عن ارتباط العقد بالالتزام بفعل كخياطة ثوب مثلا أو قراءة سورة أو الالتزام بحكم تكليفي أو

وضعي فان كان ذلك الفعل الملتزم به حلالا بالمعني الاعم يصير بالشرط واجبا و ان كان واجبا يصير وجوبه آكد و ان كان حراما يكون الشرط باطلا و ان كان الحكم التكليفي الذي تعلق الالتزام به أو الحكم الوضعي موافقا مع الشرع لا يكون الشرط مؤثرا اثرا جديدا.

نعم اذا كان الالتزام متعلقا بامر وضعي علي نحو شرط النتيجة و كان ذلك الامر يتحقق بكل سبب و لو كان ذلك السبب الشرط في ضمن العقد يؤثر الاشتراط في تحققه.

فالنتيجة ان المشروط عبارة عن العقد و الشرط عبارة عن الفعل المعلق عليه العقد أو الايقاع و الظاهر ان الموافق للكتاب أو المخالف معه صفة للشرط مثلا اشتراط قراءة القرآن لا يكون مخالفا مع القرآن و اشتراط شرب الخمر يكون مخالفا معه.

و بعبارة اخري: الالتزام بما هو التزام يكون محللا و محرما و بعبارة واضحة: ان الشرط يقتضي الوصول الي ما تعلق به الغرض

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 19

كالخياطة أو شرب المائع الفلاني أو الكنس أو ملكية الدار الفلانية أو رقية ذلك الحر الي غيرها من الموارد.

فان كان المتعلق امرا جائزا في الشريعة يكون الشرط نافذا و الا فلا فان كان المتعلق غير جائز يكون الشرط مجوزا لذلك الحرام فيصدق قوله عليه السلام من اشترط شرطا مخالفا للكتاب فان الشرط المذكور مخالف مع كتاب اللّه كما ان الفتوي بجواز شرب الخمر مخالف مع الكتاب.

فتحصل ان المتصف بالمخالفة و عدمها هو الشرط أي الالتزام و لعمري ما أفدته دقيق و بالتأمل حقيق.

«قوله قدس سره: و انما المخالف الالتزام به»

ليس الامر كذلك فان الالتزام بترك المباح اذا لم يكن بعنوان التشريع لا يكون مخالفا مع الكتاب نعم

الالتزام بحرمة المباح مخالف مع الشرع.

«قوله قدس سره: مع ان الرواية المتقدمة»

الظاهر ان المراد منها ما عن تفسير العياشي «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا بالارسال مضافا الي أنه لم يشترط عدم التسري و عدم التزويج بل الشرط عبارة عن صيرورة الزوجة طالقا بالتسري و التزويج فالحديث مخدوش من هذه الجهة أيضا.

«قوله قدس سره: فان الّذي يرخص باشتراطه الحرام الشرعي»

ما أفاده تام فان الشرط كما تقدم منا هو الّذي يوجب تغير الحكم الشرعي فالموافق او المخالف هو الشرط و ببيان ظاهر: ان الكتاب

______________________________

(1) قد تقدم في ص 14.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 20

حرم الميتة و الشرط يحللها فالمتحصل ان الشرط اذا كان مخالفا مع الكتاب أو السنة يكون فاسدا أما اذا كان مخالفا مع الكتاب فالدليل علي فساده جملة من النصوص و قد تقدم نقلها في كلام الشيخ و كلامنا.

و أما المخالف مع السنة فيدل علي بطلانه ما رواه محمد بن قيس «1» فانه يستفاد من قوله عليه السلام خالفت السنة عدم نفوذ الشرط الّذي يكون خلافا لها فلاحظ و قد تقدم أيضا.

«قوله قدس سره: ثم ان المراد بحكم الكتاب و السنة الّذي يعتبر عدم مخالفة المشروط الخ»

قد تعرضنا لهذه الجهة في مقدمة البحث و ذكرنا انه لا تنافي بين الادلة الدالة علي الاحكام المترتبة علي العناوين الاولية و بين الادلة الدالة علي الاحكام المترتبة علي العناوين الثانوية و المتحصل من مجموع النصوص ان الشرط المخالف مع الشرع غير نافذ.

و صفوة الكلام ان المستفاد من ادلة الاحكام ثبوتها و ترتبها علي موضوعاتها بلا اثر لترتب عنوان الشرط المخالف و عدمه فان الاطلاق فيها يرفض كل قيد و المستفاد من ادلة الشروط و

نصوص الباب ان الشرط نافذ اذا لم يكن مخالفا مع الكتاب التشريعي و القانون الالهي.

«قوله قدس سره: لكن ظاهر مورد بعض الاخبار»

يمكن أن يكون مراده من البعض ما رواه العياشي «2» و لكن من

______________________________

(1) قد تقدم في ص 16.

(2) قد تقدم في ص 14.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 21

الظاهر ان ترك التسري و أيضا ترك التزويج لا يكونان مخالفين للشرع بل موافقان كما هو ظاهر اذ ترك التزويج و التسري أمر جائز في الشرع الاقدس.

«قوله قدس سره: و أما الحمل علي أن هذه الافعال مما لا يجوز وقوع الطلاق عليها الخ»

هذا هو المتعين فان الشرط عبارة عن الالتزام بتحقق الطلاق بالتسري أو التزويج و من الظاهر ان تحقق الطلاق بالامور المذكورة خلاف المقرر الشرعي.

«قوله قدس سره: بعض الاخبار»

لاحظ ما رواه منصور «1».

«قوله قدس سره: فيمكن حمل رواية محمد بن قيس «2» علي اراده عدم سببية للطلاق»

لعله يشير بقوله فتأمل الي أن المستفاد من هذه الرواية توكيل المرأة في الطلاق و هذا ليس مخالفا للشرع و يمكن أن يناقش فيما أفاده بأن الظاهر من الحديث ليس توكيلا بل اعتبار هذا الامر اي الطلاق و الجماع بيدها في مقابل الشرع فان المقرر الشرعي كون امر الطلاق بيد من أخذ بالساق و أيضا اختيار الجماع بيد الزوج.

______________________________

(1) قد تقدم في ص 12.

(2) قد تقدم في ص 14.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 22

«قوله قدس سره: و انما الاشكال في تميز مصداق احدهما عن الاخر»

اي الاشكال في تميز الشرط الجائز النافذ عن الشرط الفاسد غير النافذ و لا يكاد ينقضي تعجبي مما أفاده في هذا المقام مع انه مرجع المجتهدين و استاد الفقهاء و

لعله مشير الي دقيقة لا افهمها.

فاقول و علي اللّه التوكل: انه لا اشكال في التميز و الامر ظاهر واضح فان المستفاد من النصوص كما تقدم انه يشترط في الشرط أن لا يكون مخالفا مع الكتاب التشريعي و القانون الالهي فكل شرط اشترط في العقد فلاحظه قبل تعلق الشرط به فاما يكون جائزا تكليفا أو وضعا بمقتضي الادلة الشرعية فيكون الشرط جائزا و نافذا بمقتضي قوله عليه السلام «المسلمون عند شروطهم» و اما لا يكون جائزا بحسب الادلة فلا يكون اشتراطه جائزا و نافذا و لو شك في مشروعيته و عدمها فان كان الشك في جوازه و حرمته يكون أصل البراءة مقتضيا لجوازه فيكون اشتراطه جائزا و ان كان أمرا وضعيا و شك في جعله شرعا نستصحب عدم جعله فيكون اشتراطه خلاف الشرع فلا يكون نافذا.

و بعبارة واضحة: لا بدّ من ملاحظة الشرط في حد نفسه مع قطع النظر عن دليل نفوذ الشرط و لحاظ الموضوع الّذي اخذ في دليل الشرط و لعمري هذا ظاهر واضح لا يحتاج الي بحث و تطويل فلاحظ ما قلنا تصدق ما ذكرناه.

«قوله قدس سره: منها كون من احد ابويه حر رقا»

تارة نبحث في هذا الفرع مع قطع النظر عن النصوص الخاصة و اخري نبحث في مقتضي تلك النصوص أما البحث فيما هو مقتضي

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 23

القاعدة فالامر ظاهر و ان الشرط المذكور فاسد اذ الدليل قائم و الضرورة شاهدة علي أن الولد ملحق بأشرف الابوين و لا يكون رقا في الفرض المذكور فالشرط المذكور شرط مخالف مع الشرع فلا ينفذ و أما مقتضي النصوص فهو خارج عن مقامنا فانه فرع فقهي مربوط بالباب المختص به

مضافا الي عدم فائدة في صرف الوقت فيه لعدم كونه محل الابتلاء.

«قوله قدس سره: و منها إرث المتمتع بها»

و الكلام في هذا الفرع هو الكلام في سابقه بأن نقول تارة يبحث فيما تقتضيه القاعدة الاولية و اخري نتكلم في مفاد النص الخاص أما من حيث القاعدة الاولية فيكون الشرط المذكور باطلا فان مقتضي ادلة الارث الدالة علي موارده و حدوده و خصوصياته و اختصاصه بالعناوين المذكورة في الكتاب و السنة عدم إرث المتمتع بها و لو مع الشرط فان الشرط المذكور مخالف مع الادلة الدالة علي اختصاص الارث بالزوجة الدائمة و أما البحث من حيث الاجماع و التسالم و النص الخاص فهو بحث خارج عن نطاق ما نحن بصدده فان البحث في المقام بحث كبروي و ذلك البحث صغروي فلا تغفل.

«قوله قدس سره: و منها انهم اتفقوا علي جواز اشتراط الضمان في العارية»

الامر فيه أيضا ظاهر فان الدليل قد دلّ علي جواز الشرط المذكور في العارية و أما في الاجارة فالقاعدة تقتضي عدم الضمان إذ يد المستأجر يد امانة و ليس علي الامين الا اليمين فاشتراط الضمان فيها خلاف المقرر الشرعي.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 24

«قوله قدس سره: كالشرط في ضمن عقد تلك الامانة»

هذا يتوقف علي كون الشرط مشرعا و مغيرا للاحكام الاولية و لا دليل عليه بل الدليل قائم علي خلافه فان المستفاد من الدليل ان الشرط المخالف للشرع غير نافذ هذا من ناحية و من ناحية اخري انه قد علم من الدليل انه لا ضمان علي الامين و مقتضي دليل عدم الضمان بإطلاقه عدمه حتي مع شرط الضمان.

بل الاصل يقتضي عدمه فان الضمان يحتاج الي قيام دليل عليه و المفروض

انه ليس فليس نعم لو قام دليل علي جواز التضمين بنحو خاص و سبب مخصوص نلتزم بجواز جعله بذلك السبب لكن الظاهر انه مجرد فرض و تصور فلاحظ.

«قوله قدس سره: و منها اشتراط أن لا يخرج بالزوجة الي بلد آخر»

لا وجه للاشكال في هذه المسألة أيضا اذ المفروض ان الخروج بالزوجة الي بلدة اخري ليس امرا واجبا كي يكون الشرط المذكور مخالفا مع القانون الشرعي بل أمر جائز و بالشرط يلزم عليه أن لا يخرجها و الميزان في نفوذ الشرط أن يصير الجائز واجبا أو حراما.

و بعبارة اخري الشرط مثل الاجارة فكما ان الاجارة توجب وجوب الفعل الفلاني علي الاجير كذلك الشرط.

ثم ان في المقام فرعا تعرض له سيدنا الاستاذ قدس سره علي ما في تقريره الشريف و هو ان الزوج بعد الاشتراط المذكور لو عصي و قال لزوجته اخرجي معي الي تلك البلدة فهل يجب علي

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 25

الزوجة اطاعته بمقتضي الكتاب و السنة أم لا و نقل عن بعض انه يجب عليها الاطاعة.

و أورد عليه بأن الاطاعة واجبة فيما يكون من شئون الحق و بعد الشرط المذكور لا حق للزوج كي يجب علي الزوجة اطاعته «1».

اقول: الحق ما نقل عن ذلك البعض و الوجه فيه انه تارة تشترط علي الزوج أن لا يكون له هذا الحق و اخري تشترط عليه أن لا يعمل علي مقتضاه أما الصورة الأولي فلا يكون الشرط صحيحا لكونه مخالفا مع الشرع و أما الصورة الثانية فيصح الشرط لكن لا يصير الزوج بلا حق بل يتحقق حكم تكليفي و هو حرمة الاخراج.

و بعبارة واضحة: فرق بين الحكم الوضعي و التكليفي فان الشرط لا يزيل

الحكم الوضعي بل يقتضي وجوب الوفاء بالشرط و ببيان اوضح: ان الزوج ليس له سلب الحق المذكور عن نفسه بل له أن لا يخرجها.

ان قلت الاشتراط بمقتضي السيرة العقلائية يوجب حقا للمشروط له فيجوز له اجبار المشروط عليه علي خروجه عن عهدة الشرط فلو شرط عليه خياطة الثوب يمكنه اجبار الاجير علي الخياطة.

قلت هب ان الامر كذلك لكن لو لم يجبره أو لم يمكن الاجبار و خالف المشروط عليه و أمر مثلا بالخروج لم يكن وجه لجواز المخالفة فلاحظ.

«قوله قدس سره: و فيه من الضعف ما لا يخفي»

يمكن أن يكون وجه الضعف انه لا وجه لاختصاص عدم المخالفة

______________________________

(1) مصباح الفقاهة ج 7 ص 335 و 336.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 26

بخصوص الكتاب بل المستفاد من الادلة انه يشترط في صحة الشرط أن لا يكون مخالفا مع الكتاب و السنة أما بالنسبة الي الاول فجملة من النصوص و الامر ظاهر و أما بالنسبة الي الثاني فلاحظ ما رواه محمد ابن قيس «1» فان المستفاد من الحديث الميزان الكلي و هو لزوم أن لا يكون الشرط مخالفا مع السنة.

«قوله قدس سره: لزم الرجوع الي اصالة بقاء الوجوب»

المراد من الاصل المذكور الاستصحاب و قد ذكرنا مرارا ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد و المرجع بعد التساقط اصالة البراءة عن الوجوب و الحرمة فالنتيجة ما أفاده الماتن من عدم نفوذ الشرط و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم.

فالحق ان ما أفاده غير تام و عليه لو كان الشرط متعلقا بفعل حرام أو ترك واجب أو بأمر وضعي مخالف مع الجعل الشرعي لا يصح و لا ينفذ و الا فيكون صحيحا و نافذا

فعلي كل تقدير لا مجال للتعارض.

«قوله قدس سره: ثم انه يشكل الامر في استثناء الشرط المحرم للحلال علي ما ذكرنا في معني الرواية بأن ادلة حلية اغلب المحللات بل كلها انما تدل علي حليتها في نفسها الخ».

الظاهر انه قدس سره في مقام ان ادلة الامور المباحة انما تدل عليها مع قطع النظر عن عروض عنوان ثانوي و اما مع عروض العنوان الثانوي فلا تدل تلك الادلة علي الاباحة فلا تنافي بين دليل

______________________________

(1) قد تقدم في ص 16.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 27

الاباحة و دليل لزوم الشرط فكيف يصدق عنوان المخالفة فان المفروض انه لا مخالفة اذ ما دام لم يعرض العنوان الثانوي لا موضوع للمخالفة كما هو ظاهر و بعد عروض العنوان الثانوي كالشرط لا دليل علي الحلية فاين التلاقي و الظاهر ان ما افاده غير تام اذ مقتضي اطلاق دليل كل حلال او عمومه حلية ذلك الشي ء مثلا مقتضي استحباب اكل التفاح جواز أكله و استحبابه علي نحو الاطلاق اي يشمل الدليل بإطلاقه صورة الضرر و شرط عدم الاكل الي غير ذلك من العناوين الثانوية غاية الامر لو قام دليل علي نفوذ الشرط و اشترط اكله في ضمن عقد يجب كما انه لو قام دليل علي حرمة الاضرار بالنفس و فرض ان اكل التفاح يضر بالنفس يحرم و هذا هو المراد بانه لا تعارض بين الادلة الاولية و الادلة الثانوية فالمراد بالمخالفة و اللّه العالم انه يشترط و يلتزم بأمر مخالف للشرع و بعبارة اخري يكون متعلق الشرط مخالفا مع مدلول دليل شرعي و لو كانت المخالفة مع عمومه او اطلاقه و لا فرق فيما نقول بين ان يكون متعلق الشرط

فعلا من الافعال او اعتبار من الاعتبارات و ببيان واضح لا فرق بين الجهة التكليفية و الوضعية فلو شرط في ضمن عقد شرب الخمر يكون هذا الشرط باطلا اذ شرب الخمر مخالف مع دليل حرمته و بعبارة اخري الشرط يقتضي فعله و الدليل يقتضي تركه و أيضا لو شرط في عقد ترك فريضة من فرائض اللّه يكون الشرط فاسدا بعين التقريب المتقدم و أيضا لو اشترط في ضمن عقد ان اختيار الطلاق بيد الزوجة يكون باطلا لان الامر الوضعي المذكور بيد الزوج الّذي يأخذ بالساق و قس عليه اشتراط كون الكر منفعلا بالملاقات و نجاسة ماء المطر و هكذا و هكذا و اما لو اشترط شرب

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 28

الماء او عدم شربه يكون الشرط نافذا اذ الدليل الشرعي لا يقتضي شرب الماء و لا عدم شربه بل الدليل يقتضي الترخيص و الشرب و عدمه لا يخالفان الرخصة نعم لو اشترط وجوب شرب او حرمته لا يكون صحيحا ان قلت قد ورد في حديث اسحاق بن عمار عن جعفر عن ابيه عليهما السلام ان علي بن ابي طالب عليه السلام كان يقول من شرط لامرأته شرطا فليف لها به فان المسلمين عند شروطهم الا شرطا حرّم حلالا او احل حراما «1» و اشتراط الشرب يوجب الوجوب كما ان اشتراط الترك يوجب الحرمة فالشرط حرم حلالا فان الشرب كان حلالا فصار حراما او واجبا قلت يرد عليه أولا النقض بالنذر المتعلق بالحلال و مثله اليمين و العهد و امر الوالد الي غيرها من العناوين الملزمة فما يجاب به هناك نجيب به هنا و ثانيا انّه ندفع الاشكال بالحل و هو ان الشارط

لم يحرم الشرب و لم يوجبه و انما الشارط الزم المشروط عليه بالفعل او الترك و من الظاهر ان الالتزام بفعل المباح او تركه لا يكون مخالفا للشرع و بعبارة واضحة ان الشارع الاقدس اوجب الشرب او حرمه بواسطة الشرط او النذر او سبب آخر فلاحظ و تأمل كي لا تقع في الاشتباه.

«قوله قدس سره: علي وجه لا يتغير بعنوان الشرط و النذر و شبههما الخ»

ليس الامر كذلك فان المستفاد من الدليل ان ما من شي ء حرم اللّه الا و قد أحله في مورد الضرورة و الاستثناء يعم جميع المحرمات نعم لا يتغير الحرام بالنذر اذا اخذ في موضوعه الرجحان في حد

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب الخيار الحديث 5.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 29

نفسه و لا يتغير بالشرط لانه اشترط في الشرط ان لا يكون مخالفا للشرع و لكن اذا كان ارتكاب الحرام شفاء لمرضه او اذ اقتضي التقية ان يرتكب محرما و هكذا من هذا القبيل فهل يمكن ان يقال بعدم ارتفاع الحرمة؟ كلا ثم كلا.

[الشرط الخامس أن لا يكون منافيا لمقتضي العقد]

«قوله قدس سره: الشرط الخامس ان لا يكون منافيا لمقتضي العقد الخ»

كما لو شرط البائع علي المشتري في ضمن البيع ان لا يتملك المبيع و لا يصير مالكا له فان الاشتراط المذكور باطل بلا كلام و لا اشكال. اما أولا فلان اوله الي التناقض. و أما ثانيا فلانه خلاف المجعول الشرعي مضافا الي دعوي الاجماع علي بطلانه ان قلت اقتضاء العقد في المثال لصيرورة المشتري مالكا للمبيع لو خلي و طبعه و مع قطع النظر عن الشرط و اما مع الشرط فلا. قلت هذا خلف الفرض فان الكلام في اشتراط خلاف ما يقتضيه العقد

بالفعل مضافا الي انه كما مر مرجعه الي التناقض و عليه نسأل انّ العاقد اما يقصد البيع مع الشرط المذكور و اما يقصد امرا آخر اما علي الاول فيرجع الي التناقض و اما علي الثاني فيلزم الخلف فلاحظ.

«قوله قدس سره: كاشتراط عدم التصرف اصلا الخ»

الظاهر انه لا مانع عن الاشتراط المذكور فان عقد البيع لا يقتضي التصرف في المبيع فان التصرف فيه قد يتحقق و قد لا يتحقق اصلا كما لو اشتري شيئا و قبل التصرف مات فورا او لم يمت و لكن غفل و لم يتصرف الي ان مات و الحاصل ان الاثر اذا كان من مقتضيات العقد يلزم تحققه بنفس العقد لا انه يترتب عليه بعد ذلك بل الحق

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 30

ان يقال ان الاثر المترتب علي العقد عبارة عن الحكم المترتب عليه و من الظاهر ان الحكم لا يتخلف عن موضوعه مثلا الملكية في البيع اعم من أن تكون عقلائية او شرعية او شخصية مترتبة علي عقد البيع اي هذا الاعتبار حكم مترتب علي هذا الموضوع فانا ذكرنا سابقا ان الاحكام الشرعية اعم من التكليفية و الوضعية لا يكون وزانها وزان المعاليل الخارجية التكوينية المترتبة علي عللها بل الاحكام باسرها اعتبارات مترتبة علي الموضوعات التي لوحظت موضوعات لهذه الاحكام.

«قوله قدس سره: و عدم الاستمتاع اصلا بالزوجة الخ»

الكلام فيه هو الكلام فان عقد النكاح يقتضي تحقق الزوجية و لا يقتضي الاستمتاع فلا مانع عن اشتراط عدمه اصلا نعم ربما يشكل من جهة استلزامه خلاف حق الزوجية و هذا امر آخر.

«قوله قدس سره: الا ان الاشكال في كثير من المواضع الخ»

الظاهر انه لا وجه للاشكال فان تشخيص المقتضي بالفتح

عن غيره لا يكون مشكلا فان المراد بالمقتضي بالفتح ما يكون معلولا للعقد اصطلاحا و حكما مترتبا عليه واقعا و تشخيص هذه الجهة في كمال السهولة بعد تميز العقد الكذائي فعليه لا وجه لما افاده.

«قوله قدس سره: و قد اعترف في التحرير بان اشتراط العتق مما ينافي مقتضي العقد الخ»

لا ينافي الشرط المذكور مقتضي العقد فان مقتضي العقد صيرورة العبد ملكا للمشتري نعم لو اشترط في عقد بيع العبد كونه معتقا بلا عتق و بلا سبب يكون الشرط باطلا لكونه خلاف المقرر

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 31

الشرعي كما انه لو اشترط عتقه بنفس الشرط المذكور في ضمن العقد يشكل لانه تعليق فلو قلنا بجواز التعليق في الايقاع يمكن القول بجوازه الا ان يكون متعلق الشرط العتق بلا صيرورة العبد ملكا للمعتق بالكسر فانه يكون باطلا أيضا اذ لا عتق الا في ملك و قس عليه اشتراط الوقف علي البائع فانه من واد واحد ملاكا فلاحظ بل يمكن ان يقال الشرط المفروض باطل حتي علي القول بعدم اشتراط العتق بكون المعتق بالفتح مملوكا للمعتق بالكسر اذ العتق في ضمن البيع اذا لم يكن معلقا علي حصول الملكية يلزم من صحته و وجوده عدمه و ما يلزم من وجوده العدم محال و ذلك لان المفروض ان البائع قصد صيرورة العبد ملكا للمشتري و في نفس ذلك الزمان يقصد المشتري عتقه و لا يمكن الجمع بين العتق و الملك و ان شئت قلت المقام داخل في توارد علتين كل منهما يقتضي ضد ما يقتضيه الاخر و من الظاهر ان اجتماع الضدين محال.

«قوله قدس سره: و منها اشتراط عدم البيع الخ»

قد ظهر مما ذكرنا انه لا

اشكال في الشرط المذكور و لا مجال للتأمل فان القواعد الصناعية تقتضي جوازه و لا دليل علي المنع.

«قوله قدس سره: و منها ما ذكره في الدروس في بيع الحيوان من جواز الشركة فيه اذا قال الربح لنا و لا خسران عليك الخ»

حكم الفرع المذكور أيضا ظاهر اذ تارة نبحث فيه مع قطع النظر عن النص الخاص و اخري بملاحظة النص اما البحث مع قطع النظر عن النص فالظاهر ان الشرط المذكور فاسد اذ يكون خلاف المقرر الشرعي فان المقرر تحقق الربح و الخسران في الشركة بالسوية

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 32

و اما مع ملاحظة النص فالظاهر الجواز لاحظ ما رواه رفاعة قال:

سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل شارك في جارية له و قال ان ربحنا فيها فلك نصف الربح و ان كان وضيعة فليس عليك شي ء فقال لا اري بهذا بأسا اذا طابت نفس صاحب الجارية «1» و تفصيل الحال في المسألة موكول الي كتاب الشركة.

«قوله قدس سره: و منها ما اشتهر بينهم من جواز اشتراط الضمان في العارية و عدم جوازه في الاجارة الخ»

المائز بين المقامين النص الخاص الوارد في العارية و التفصيل موكول الي ذلك الباب و تقدم الكلام حول المسألة فراجع.

«قوله قدس سره: و منها اشتراط عدم اخراج الزوجة من بلدها الخ»

قد تعرضنا له و بينا عدم الاشكال فيه.

«قوله قدس سره: و منها توارث الزوجين بالعقد المنقطع الخ»

أيضا قد تعرضنا له بالمقدار المناسب مع المقام و تفصيل الكلام في المسألة موكول الي كتاب الارث.

«قوله قدس سره: اقول وضوح المنافات ان كان بالعرف كاشتراط عدم الانتقال الخ»

قد مرو سبق منا ان تميز الموارد و تشخيص المخالف عن غيره ليس

امرا عزيزا و مشكلا بل في كمال السهولة فلا وجه للتأمل و التشويش فكما ذكرنا في كل مورد ننظر فان كان الشرط علي خلاف المستفاد من الادلة عموما او خصوصا واقعا او ظاهرا يكون الشرط باطلا و الا فلا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من ابواب بيع الحيوان الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 33

[الشرط السادس أن لا يكون الشرط مجهولا جهالة توجب الغرر في البيع]

«قوله قدس سره: الشرط السادس ان لا يكون الشرط مجهولا الخ»

بتقريب انه لو كان الشرط مجهولا يصير العقد غرريا و الغرر يوجب بطلان العقد و يرد عليه أولا انه لا دليل معتبر علي افساد الغرر للعقد و ثانيا انه علي فرض تسليم تمامية الدليل انما دل علي ان البيع الغرري فاسد و الكلام في جهالة الشرط لا اصل العقد الا ان يقال اذا كان الشرط غرريا يسري الي نفس العقد و ثالثا انه علي فرض الاطلاق غاية ما في الباب كون الشرط فاسدا لكن لا دليل علي ان الشرط الفاسد يفسد العقد و رابعا انه لا يتصور الخطر في بعض الموارد كما لو علم المشتري بأنه يصل إليه بمقدار الثمن الذي دفعه و خامسا ان الغرر من الغرور و الخدعة فلا يرتبط بالجهالة فالنتيجة انه لا مجال للاشتراط المذكور.

[الشرط السابع أن لا يكون مستلزما لمحال]
اشارة

«قوله قدس سره: الشرط السابع ان لا يكون مستلزما لمحال كما لو شرط في البيع ان يبيعه علي البائع الخ»

ما ذكر في تقرير فساد الشرط المذكور وجهان:
الوجه الأول انه يستلزم الدور

بتقريب ان البيع الاول متوقف علي البيع الثاني اذ فرض اشتراطه به و الحال ان البيع الثاني متوقف علي البيع الاول فيدور و الدور باطل و يرد عليه ان الشرط في البيع الاول ليس البيع الخارجي كي يتوهم الدور بل الشرط عبارة عن التزام الطرف المقابل بالبيع الثاني فالبيع الاول متوقف علي الالتزام و البيع الثاني متوقف علي البيع الخارجي فلا دور.

الوجه الثاني انه مع الشرط المذكور لا يقصد البائع الاول قصدا جديا فلا يصح العقد

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 34

و يرد عليه انه لا اشكال في تحقق القصد الجدي اذ العمل بالشرط متوقف علي تحقق البيع الاول فلا اشكال من هذه الجهة أيضا فلاحظ فالحق ان يقال ان الشرط لو استلزم المحال او كان متعلقا بأمر محال كما لو اشترط علي احد الطيران الي السماء يكون الشرط باطلا اذ لا يعقل ان يتعلق به الوجوب و لكن المثال الّذي ذكر في كلامهم غير تام كما تقدم و ظهر انه لا دور فلاحظ.

[الشرط الثامن أن يلتزم به في متن العقد]
اشارة

«قوله قدس سره: الشرط الثامن ان يلتزم به في متن العقد فلو تواطيا عليه قبله لم يكف ذلك الخ»

يقع الكلام في مقامين

المقام الأول في الشروط الابتدائية و حكمها.

المقام الثاني انه هل يكفي في تحقق الشرط في ضمن العقد التواطي او اللازم التصريح به و ذكره اما المقام الأول فنقول المشهور بين القوم عدم نفوذ الشرط الابتدائي و يرد علي هذا الكلام أولا ان الشرط الابتدائي لا معني له فان الاشتراط قوامه بالارتباط فالجمع بين الشرط و الابتدائية جمع بين المتنافيين.

و ثانيا انه لو فرض صدق الشرط علي الالتزام الابتدائي فلا وجه لعدم نفوذه اذ مقتضي اطلاق دليل لزوم الشرط عدم الفرق بين اقسامه لكن الحق ان الالتزام الابتدائي لا يصدق عليه الشرط بل يصدق عليه الوعد كما لو وعد زيد لصديقه ان يزوره فيكون هذا و عدا و لا يكون شرطا و هل يكون الوفاء به واجبا تكليفا أم لا؟

يستفاد من طائفة من النصوص وجوب العمل بالوعد منها ما رواه العقرقوفي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 35

عليه و آله من كان يؤمن باللّه و اليوم الاخر فليف اذا وعد «1».

و لا اشكال في استفادة الوجوب من الرواية و منها ما رواه هشام ابن سالم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: عدة المؤمن اخاه نذر لا كفارة له فمن اخلف فبخلف اللّه بدء و لمقته تعرض و ذلك قوله «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مٰا لٰا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللّٰهِ أَنْ تَقُولُوا مٰا لٰا تَفْعَلُونَ» «2» و دلالة الحديث علي المدعي اظهر و نقل عن كمال الدين الميثمي البحراني و السيد نعمة اللّه

الجزائري الالتزام بالوجوب و لكن لا يعمل بالوعد حتي ان المتدينين الا شاذ منهم لا يتقيدون ان يعملوا بوعودهم و هل يمكن رفع اليد عن النص الدال بوضوح علي وجوب الوفاء و حرمة التخلف الانصاف انه خلاف التورع اللهم الا ان يقال لو كان العمل بالوعد واجبا في عداد الواجبات لذاع و شاع اذ هو امر مورد ابتلاء العموم و كيف يمكن ان يبقي تحت الستار و لم يكشف عنه الغطاء و يؤكد المدعي ان المصنف قدس سره يقول لا تأمل في عدم وجوبه هذا تمام الكلام في المقام الأول.

و اما

المقام الثاني فما يمكن ان يذكر في تقريب الاشتراط المذكور وجوه.
الوجه الأول الاجماع

و فيه ما فيه.

الوجه الثاني ان الشرط من اركان العقد فلا بد من ذكره فيه

و يرد عليه أولا انه ليس ركنا فيه و لذا لو لم الشرط في العقد اصلا لا يكون ناقصا و ثانيا انا نفرض كونه ركنا لكن اي دليل دل علي لزوم ذكر كل ركن و لا

______________________________

(1) الوسائل الباب 109 من ابواب العشرة الحديث 2.

(2) نفس المصدر الحديث 3.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 36

يكتفي بكونه مقدرا و مدلولا عليه بالقرينة و لذا نري ان جملة من الشروط الارتكازية معتبرة عند العقلاء و يعمل بها مع عدم ذكرها في العقد بل يكتفي بالدلالة عليها بالقرائن.

الوجه الثالث ان الشرط عبارة عن ارتباط احد الامرين بالآخر فلا بد من انشائه باللفظ

و لا يكفي في الانشاء مجرد الاخطار القلبي و فيه ان الانشاء مأخوذ من النشو و بعبارة اخري الانشاء ابراز ما في النفس فلو صدق العنوان المذكور و لو بالقرينة كفي.

الوجه الرابع طائفة من النصوص واردة في باب المتعة

منها ما رواه عبد اللّه بن بكير قال: قال ابو عبد اللّه عليه السلام: ما كان من شرط قبل النكاح هدمه النكاح و ما كان بعد النكاح فهو جائز «1» بتقريب ان المراد بما بعد النكاح ما يكون في النكاح فما يذكر فيه تام و ما لم يذكر فيه فاسد و يرد عليه أولا انه حكم خاص في مورد مخصوص فلا وجه للتسرية و التعدي. و ثانيا انه لو كان مع التواطي يكون الشرط في النكاح لا قبله و بعبارة واضحة النكاح عبارة عن اعتبار الزوجية فما كان مقرونا مع الشرط و مرتبطا به يجوز و الا فلا.

و ان شئت قلت الحديث لا يرتبط بالذكر و عدمه فلاحظ فتحصل انه لا دليل علي الاشتراط المذكور فالميزان و المدار الصدق العرفي فان صدق في مقام الاثبات انه أنشأ العقد الفلاني مشروطا يصح العقد و الشرط و ان لم يصدق في مقام الاثبات و كان العقد مشروطا في مقام الثبوت لم يصح العقد اذ المفروض انه مشروط

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من ابواب المتعة الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 37

و من ناحية اخري لم يتحقق انشائه كذلك فما قصد لم ينشأ و ما انشأ بحسب الصورة لم يقصد نعم لو قام الدليل علي الانقلاب كما هو المحتمل في باب عدم ذكر الاجل في المتعة يتحقق علي خلاف المقصود لكن هذا يحتاج الي الدليل.

[و قد يتوهم هنا شرط تاسع و هو تنجيز الشرط بناء علي أن تعليقه يسري إلي العقد]

«قوله قدس سره: و قد يتوهم هنا شرط تاسع و هو تنجيز الشرط بناء علي ان تعليقه يسري الي العقد الخ»

و بعد السراية يصير العقد باطلا لبطلان التعليق و فيه انه ليس الامر كذلك فانه لا يرتبط احد الامرين بالآخر و

بعبارة واضحة لا يعقل ان يسري تعليق الشرط الي العقد اذ تحقق الشرط يتوقف علي العقد فما دام ان العقد لم يتحقق لا يتحقق الشرط فرتبة العقد متقدمة علي رتبة تعليق الشرط و لتوضيح المدعي نمثل مثالا فنقول لو باع زيد داره من بكر بشرط ان يخيط ثوبا له ان جاء عمرو يوم الجمعة من السفر معناه ان بكرا التزم بالخياطة في الفرض الكذائي فالالتزام بالخياطة بهذا النحو يتحقق في الخارج و بيع الدار معلق علي الالتزام المذكور و مع ذلك صحيح اذ الالتزام امر فعلي و التعليق علي امر موجود بالفعل جائز فانقدح ان الاشتراط المذكور لا يرجع الي محصل صحيح.

[مسألة في حكم الشرط الصحيح]
اشارة

«قوله قدس سره: مسألة في حكم الشرط الصحيح و تفصيله ان الشرط اما ان يتعلق بصفة من صفات المبيع الشخصي ككون العبد كاتبا و الجارية حاملا الخ»

قد ظهر مما تقدم ان اشتراط الصفات في المبيع الشخصي كالكتابة في العبد مثلا اما يرجع الي تعليق البيع علي وجود الصفة

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 38

و اما الي جعل الخيار في صورة فقدان تلك الصفة و علي كلا التقديرين لا يرتبط بما نحن بصدده.

«قوله قدس سره: و عموم المؤمنون عند شروطهم و نحوه لا يجري»

هذا هو الحق فان دليل الشرط لا يكون مشرعا فلا بد من احراز مشروعية ما تعلق به الشرط في الرتبة السابقة و بعبارة واضحة دليل الشرط اما يختص بالموارد المشروعة و اما يعم غير المشروع و اما مهمل أما الاهمال فغير معقول و أما الاطلاق فهو كذلك كما هو ظاهر فالامر منحصر في الاول.

«قوله قدس سره: و من أن الوفاء لا يختص بفعل»

نعم لا يختص بالفعل و لكن يختص

بالمشروع و مع الشك في المشروعية لا يجوز الاخذ بالعموم لما حقق في محله من عدم جواز الاخذ بالعام في الشبهة المصداقية بل مقتضي الاصل عدم مشروعيته فببركة الاصل يحرز عدم كونه مشروعا.

«قوله قدس سره: و يشهد له تمسك الامام عليه السلام»

لا شهادة فيه علي المدعي فان تمسكه عليه السلام دليل علي المشروعية في مورد تمسكه عليه السلام.

«قوله قدس سره: مضافا الي كفاية دليل الوفاء بالعقود»

قد ذكرنا كرارا ان دليل الوفاء بالعقد دليل اللزوم لا دليل الصحة.

«قوله قدس سره: فهي دعوي غير مسموعة»

بل دعوي مسموعة اذ مع الشك يكون مقتضي الاصل عدم الصحة

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 39

و صفوة القول انه مع الشك في المشروعية لا مجال للاخذ بدليل الشرط ففي كل مورد لا بدّ من احراز المشروعية فلاحظ.

«قوله قدس سره: فالاقوي صحة اشتراط الغايات التي لم يعلم من الشارع»

بل الاقوي صحة اشتراط ما علم من الشارع كونه مشروعا و أما مع الشك فالحق عدم جواز اشتراطه لما مر منا آنفا فلاحظ.

[و الكلام فيه يقع في مسائل]
[الأولي في وجوب الوفاء من حيث التكليف الشرعي]

«قوله قدس سره: لظاهر النبوي المؤمنون عند شروطهم»

الامر كما افاده فان المستفاد من قوله عليه السلام «المؤمنون عند شروطهم» ان الشارع الاقدس يري الشارط لشي ء مقرونا مع التزامه و غير منفك عنه و من الظاهر انه لا يعقل ان الشخص يكون ملتزما بأمر كشرب الماء مثلا و مع ذلك لا يشرب فانه خلف.

و أيضا لا يمكن أن يكون الانسان ملتزما بأمر كالزوجية الفلانية و الملكية الكذائية و مع ذلك لا يكون ملتزما به فاذا حكم الشارع بكون التزامه باقيا في وعاء الشرع أعم من أن يكون التزامه متعلقا بفعل أو يكون متعلقا بأمر وضعي فلا بد من ترتيب الآثار فاذا

كان متعلق الالتزام فعلا كالصلاة مثلا تجب و ان كان متعلقه امرا وضعيا يجب ترتيب آثاره فافهم و اغتنم و لا تغفل.

«قوله قدس سره:

الثانية: في انه لو قلنا بوجوب الوفاء به من حيث التكليف الشرعي فهل يجبر عليه لو امتنع»
اشارة

هذه مسألة مهمة اذ يترتب عليها اثر مهم و هو جواز اجبار المشروط عليه علي الاقدام بما اشترط علي نفسه و الذي يمكن أن

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 40

يذكر في تقريب المدعي وجوه:

الوجه الأول: الاجماع

علي ما في بعض الكلمات. و فيه ما فيه مضافا الي القطع بعدم تحقق الاجماع.

الوجه الثاني: ان الفعل بالشرط يصير مملوكا للشارط و لكل مالك جواز أخذ مملوكه باي نحو ممكن.

و فيه ان الامر ليس كذلك فان المشروط عليه لا يملك فعله من الشارط و ليس الشرط كالاجارة حيث ان الاجارة تمليك من الموجر عمله من المستأجر و أما المشروط عليه فلا يملك.

الوجه الثالث: انه يتحقق بالاشتراط حق للشارط علي المشروط عليه و لذا قابل للاسقاط

و هذا أمر عقلائي بحسب سيرتهم و الشارع الاقدس امضي السيرة المذكورة.

و بعبارة واضحة ليس وجوبا تكليفيا محضا بل وجوب تكليفي و مع ذلك يتضمن حقا للشارط و لذا يسقط الوجوب التكليفي بالاسقاط فلو اشترط الخياطة في ضمن البيع يتحقق للشارط حق علي المشروط عليه و يجوز للشارط اسقاط حقه و مع الاسقاط لا يجب علي المشروط عليه الخياطة بخلاف الوجوب التكليفي المحض كما لو نذر قراءة سورة من القرآن فانه وجوب تكليفي و غير قابل للاسقاط لانه حق إلهي و لا يرتبط بالخلق فالنتيجة ان شرط الفعل يوجب حقا للشارط علي المشروط عليه بحيث يمكن اجباره عليه.

ان قلت: ان الشرط متعلق بفعل صادر عن الاختيار و مع الاجبار لا يكون اختياريا. قلت: الاجبار لا يخرج الفعل عن الاختيارية و لذا يكون الافطار في شهر رمضان مفطرا للصوم و لو كان الافطار بالاكراه نعم مع الاجبار لا يكون الفعل صادرا عن طيب النفس لكن

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 41

الشرط لم يتعلق بالفعل بهذا القيد.

ان قلت: ان لم يعمل المشروط عليه بالشرط و لم يأت بالفعل المشروط عليه يمكن للشارط فسخ العقد فلا مجال للاجبار.

قلت: يرد عليه أولا انه يمكن تصوير الشرط مع عدم الخيار كما لو صرح بعدمه. و ثانيا: انه لا يرتبط احد الامرين بالآخر فان المجعول امران احدهما الفعل الفلاني كالخياطة مثلا. ثانيهما خيار الفسخ في فرض عدم الاتيان بالفعل و تخلفه فكلا الامرين مجعولان من قبل

الشارط علي المشروط عليه غاية الأمر الثاني في طول الأمر الأول فلاحظ.

«قوله قدس سره:

الثالثة في أنه هل للمشروط له الفسخ مع التمكن من الاجبار»
اشارة

الحق انه يمكنه الفسخ حتي مع التمكن من الاجبار فان الخيار علق علي عدم الاتيان بالشرط. و ان شئت فقل: ان الخيار المذكور في المقام ليس خيارا تعبديا شرعيا مترتبا علي موضوع خاص كي يبحث عن موضوعه بل الخيار المبحوث عنه خيار جعلي فهو تابع للجعل فان رتب علي عدم الاتيان و عدم امكان الاجبار لا يتحقق الا مع عدم امكانه و ان رتب بحسب الجعل علي مجرد عدم الاتيان به كما هو كذلك بحسب الارتكاز العقلائي يتحقق الحق بمجرد عدم الاتيان به بل يكفي لتحققه مجرد عدم الاتيان و ان كان عن غفلة و ذهول فلاحظ.

«قوله قدس سره: فهل يوقعه الحاكم عنه اذا فرض تعذر اجباره»

ما يمكن أن يذكر في تقريب جواز تصدي الحاكم وجهان:
اشارة

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 42

الوجه الأول: انه روي قوله عليه السلام «السلطان ولي الممتنع»

فيجوز تصدي الحاكم.

و يرد علي الوجه المذكور انه بعد فرض تمامية الحديث من حيث السند لا اثر له في المقام اذ لا اشكال في أن الحاكم الشرعي ليس سلطانا فان السلطان علي الاطلاق هو الامام عليه السلام فلا ينطبق علي الحاكم الشرعي الا بعد اثبات كون جميع الشئون الراجعة الي الامام عليه السلام له في زمان الغيبة و هذا اوّل الكلام و الاشكال فهذا الوجه غير سديد.

الوجه الثاني: ان للحاكم التصدي للامور الحسبية و المقام منها.

و فيه انه اوّل الكلام فان المراد من الامور الحسبية الامور التي علمنا من الشرع ان الشارع لا يرضي بتركها بل أراد التصدي لها و كون المورد منها اوّل الاشكال فالنتيجة عدم امكان الجزم بجواز تصدي الحاكم الشرعي فلاحظ.

«قوله قدس سره:

الرابعة لو تعذر الشرط فليس للمشروط له الا الخيار لعدم دليل علي الارش»
ما يمكن أن يذكر في تقريب جواز أخذ الارش وجوه:
الوجه الأول: ان الارش مقتضي القاعدة الاولية

فان الشرط يوجب زيادة القيمة ففي عالم اللب و الواقع يكون مقدار من الثمن في مقابل الشرط فاذا تعذر يلزم جبرانه بالارش.

و يرد عليه انه فرق بين كون شي ء موجبا لزيادة القيمة و بين كون الشي ء مقابلا بمقدار من الثمن و لا اشكال في أن تمام الثمن في مقابل العين فلا مجال للتقريب المذكور.

الوجه الثاني: ان الثمن واقع في مقابل العين المقيدة بالقيد

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 43

الكذائي كالخياطة مثلا و مع تعذر الشرط يلزم بطلان العقد بهذا المقدار.

و يرد عليه ان الجزئي الخارجي غير قابل للتقييد نعم قابل للتعليق و التعليق يوجب البطلان.

و ثانيا ان الثمن لا يكون مقابلا الا مع العين و ليس مقداره في قبال العين و مقدار منه في مقابل التقيد.

الوجه الثالث: السيرة العقلائية الممضاة عند الشارع

و يرد عليه أولا ان السيرة المدعاة اوّل الكلام و الاشكال. و ثانيا: انه علي فرض تسلمها تكون مردوعة بقوله تعالي «لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ».

فان المستفاد من الآية ان التملك الجائز منحصر في التجارة عن تراض فلاحظ.

الوجه الرابع ان الشارط بشرطه يتملك الفعل في ذمة الطرف المقابل و مع تعذره تصل النوبة الي البدل.

و يرد عليه ان الشارط لا يتملك شيئا في ذمة الطرف كما تقدم منا فالنتيجة انه لا وجه للارش المدعي في المقام.

«قوله قدس سره:

الخامسة لو تعذر الشرط و قد خرج العين عن سلطنة المشروط عليه»

الّذي يختلج بالبال في هذه العجالة أن يقال التصرفات الواقعة علي العين من قبل المشروط عليه كلها صحيحة نافذة اذا لتصرفات صادرة من أهلها و واقعة في محلها فلا وجه لفسادها و ضغا و ان كان التصرف حراما تكليفا في بعض الفروض.

فانه لا تنافي بين الحرمة التكليفية و الصحة الوضعية و ليس

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 44

للشارط فسخ تلك التصرفات لعدم المقتضي لثبوت الحق المذكور فلا تصل النوبة الي البحث في أن الفسخ من الاصل أو من الحين نعم لو كان تصرف المشروط عليه منافيا لما شرط عليه و يمكنه الاتيان به و لو بفسخ عقد خياري أو اشتراء العين ممن باعها منه يجب عليه و يجوز للشارط اجباره و الزامه به اذ قد مر انه يجوز للشارط الزام المشروط عليه بالاتيان بمورد الشرط.

فلو باع بالبيع الخياري الدار التي اشترط عليه وقفها للذرية يجب عليه أن يفسخ العقد و يقف الدار كما انه يجب عليه الاشتراء اذا كان ممكنا و لم يكن العقد الاول خياريا و أما الزائد علي ذلك فلا مقتضي له.

«قوله قدس سره:

السادسة للمشروط له اسقاط شرطه»

وقع الكلام بينهم في أنه هل يجوز للشارط اسقاط حقه بالنسبة الي الشرط؟ مقتضي القاعدة الاولية عدم السقوط بالاسقاط فان مقتضي دليل وجوب الوفاء بالشرط وجوب الوفاء و لو مع اسقاط المشروط له و لكن الظاهر ان السيرة العقلائية و ارتكازهم علي سقوط الحق المذكور بالاسقاط.

و ان شئت قلت: لا يفهم من دليل وجوب الوفاء وجوب تعبدي بحيث لا يؤثر فيه اسقاط من يكون له الشرط.

و بعبارة اخري: لا يفهم من الدليل الوجوب التعبدي كبقية الواجبات بل يفهم من الدليل انه من حقوق الناس.

و ان ابيت عن

ذلك فلا اشكال في أن الامر كذلك في ارتكاز العقلاء و الشارع الاقدس لم يردع عن الارتكاز المذكور و علي كل

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 45

تقدير لا اشكال في عدم بقاء الحق بعد الاسقاط اذ لا دليل عليه فانه ليس في المقام عموم أو اطلاق دال علي الحق كي يقال بأن مقتضاه بقائه بعد اسقاطه فلا بد من جريان الاستصحاب في بقائه و الحال ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد.

ثم انه علي تقدير السقوط بالاسقاط فهل يفرق بين اشتراط العتق و غيره بأن يقال لا يسقط الوجوب في الاول فيجب العتق حتي بعد الاسقاط.

ربما يقال بالوجوب و عدم السقوط بتقريب ان الحق في العتق لا ينحصر بالمشروط له بل الحق مشترك بينه و بين اللّه و العبد فلا وجه لسقوط الاخيرين بالاسقاط.

و يرد عليه انه لا يتصور حق لا له تعالي و لا للعبد و مجرد الوجوب الشرعي مشترك بين جميع الموارد و أما انتفاع العبد بالعتق فلا يقتضي ثبوت حق له و الا يلزم القول بثبوت الحق للمنذور له و هل يمكن الالتزام به كلا.

«قوله قدس سره:

السابعة قد عرفت ان الشرط من حيث هو شرط لا يقسط عليه الثمن»

الامر كما أفاده فان الشرط ليس جزءا من المبيع بل الثمن بتمامه يقع في مقابل العين و اشتراط المقدار الكذائي في العقد لا يوجب التقسيط فلا مجال للقول بأن التخلف يوجب تبعض الصفقة فانه لا موضوع للتبعض.

مضافا الي أنه لا مجال للالتزام به فقد ذكرنا سابقا ان البيع الواحد

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 46

لا ينحل الي البيوع بانحلال الاجزاء نعم تخلف الوصف ربما يقتضي البطلان و ربما يقتضي الخيار المشروط بالشرط الارتكازي العقلائي فلو باع العين

الخارجية بعنوان كونه مصرعي الباب فانكشف انه مصراع واحد يكون العقد باطلا اذ ما قصد غير واقع و غير موجود و الموجود غير ما بيع.

كما انه لو باع الجسم الخارجي بعنوان الغلام الحبشي فبان كونه حيوانا وحشيا يكون العقد باطلا نعم في تخلف الوصف يتحقق الخيار فلو باع ارضا علي أنها خمسة جريان فبان انها اقل فتارة يعلق البيع علي الكم الخاص يكون العقد باطلا و اخري يبيع العين مقيدة بالكم الخاص يكون العقد أيضا باطلا لاستحالة تقييد الجزئي الحقيقي.

و ثالثة يبيع و يشترط كون المبيع كذا مقدار فالتخلف يوجب الخيار الناشئ عن الشرط الارتكازي العقلائي و علي جميع التقادير لا يقع شي ء من الثمن في مقابل الشرط بل الامر دائر بين البطلان و الصحة مع الخيار فلاحظ.

نعم لو باع صبرة من الحنطة كل من منها بكذا بشرط أن يكون مائة من فبان كونها خمسين منا فالقاعدة تقتضي صحة البيع بالنسبة الي الموجود و البطلان بالنسبة الي الفاقد.

كما ان القاعدة تقتضي الالتزام بتعدد البيع في مقام الثبوت و الواقع و انما الوحدة في مقام الاثبات و الدلالة و لازمه تعدد الخيار بعدد البيوع الواقعة علي الصبرة فان البيع المتعلق بها علي الفرض ينحل الي بيوع عديدة و يترتب علي كل واحد منها اثره فيجوز فسخ البعض و امضاء البعض الاخر فلاحظ.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 47

[القول في حكم الشرط الفاسد و البحث في أمور]
[الأول أن الشرط الفاسد لا تأمل في عدم وجوب الوفاء به بل هو داخل في الوعيد]
اشارة

«قوله قدس سره: بل هو داخل في الوعيد»

قال الطريحي في مجمع البحرين انهم خصوا الوعد بالخير و الوعيد بالشر فالمراد بالوعيد الوعد و الامر سهل.

«قوله قدس سره: استحب الوفاء به»

ما افاده مبني علي عدم وجوب الوفاء بالوعد و القاعدة الاولية تقتضي الوجوب و قد تعرضنا للاستدلال

علي وجوب العمل به في ذيل الشرط الثاني من شروط نفوذ الشرط فلا وجه للاعادة.

و ربما يقال: ان خلف الوعد يستلزم الكذب فيحرم الخلف. و يرد عليه ان الوعد قسم من الالتزام و داخل في الانشائيات فليس اخبارا كي يلزم الكذب مضافا الي انه لو كان مصداقا للاخبار لا بدّ أن يتصف بالكذب و عدمه حين الاخبار.

و بعبارة واضحة المخبر بأمر حين الاخبار اما صادق بالصدق المخبري و اما كاذب كذلك فخلف الوعد في المستقبل لا أثر له و ببيان آخر: ان الشي ء لا ينقلب عما هو عليه فالمخبر حين الاخبار اما مرتكب للحرام و اما غير مرتكب له و علي كل تقدير الخلف المتأخر لا يغيّر الصفة المتقدمة غاية ما في الباب يكون المخلف نادما و من الظاهر ان الندم ليس حراما فلاحظ.

«قوله قدس سره: لرجوع الجهالة فيه الي جهالة احد العوضين»

و يرد عليه أولا ان جهالة الشرط لا توجب مجهولية العوض فان الشرط لا يكون جزءا من العوض. و ثانيا: انه لا دليل علي كون الجهالة موجبة للفساد.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 48

ان قلت: مع كون العوض مجهولا يلزم الغرر الموجب لفساد العقد قلت: يرد عليه أولا انه أخص من المدعي اذ يمكن أن يتصور عدم الخطر.

و ثانيا: انا قد ذكرنا كرارا انه لا دليل معتبر علي افساد الغرر للعقد بالإضافة الي أن الغرر بمعني الخديعة لا بمعني الخطر اضف الي جميع ذلك انه لو كان الشرط فاسدا كما هو المفروض في كلامه يكون وجوده كعدمه و المفروض انه لا موجب للبطلان الا من ناحية الشرط.

اللهم الا ان يقال انه خروج عن الفرض اذ قد سلم انه جزء من العوض

و مع فرض كون العوض باطلا لا مجال لصحة العقد.

«قوله قدس سره: للدور»

ما أفاده غريب اذ لا وجه لتقريب الدور فان البيع الاول يتوقف علي التزام المشتري بالبيع و التزامه كذلك لا يتوقف علي البيع نعم البيع الثاني يتوقف علي البيع الاول و أما البيع الاول فيتوقف علي الالتزام كما قلنا فلا دور.

«قوله قدس سره: او لعدم القصد الي البيع الاول»

هذا أيضا غريب اذ لا اشكال في تحقق قصد البيع و يكفي في اثبات المدعي الرجوع الي الوجدان.

«قوله قدس سره: أو للتعبد من أجل الاجماع أو النص»

اما الاجماع فلا يفيد فان الاشكال العام الجاري في الاجماعات جار هنا أيضا و أما النص فقد دل علي بطلان العقد مع الشرط المذكور بعض الروايات.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 49

لاحظ ما رواه حسين بن منذر قال: قلت لابي عبد اللّه عليه السلام يجيئني الرجل فيطلب العينة فأشتري له المتاع مرابحة ثم ابيعه اياه ثم اشتريه منه مكاني قال: اذا كان بالخيار ان شاء باع و ان شاء لم يبع و كنت انت بالخيار ان شئت اشتريت و ان شئت لم تشتر فلا بأس.

فقلت ان اهل المسجد يزعمون ان هذا فاسد و يقولون ان جاء به بعد أشهر صلح قال: انما هذا تقديم و تأخير فلا بأس «1».

فان المستفاد من الحديث التفصيل بين الاشتراط و العدم فعلي الاول لا يصح البيع و علي الثاني يصح و لكن الحديث ضعيف سندا فان حسين بن منذر الواقع في السند لم يوثق ظاهرا.

و لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال سألته عن رجل باع ثوبا بعشرة دراهم ثم اشتراه بخمسة دراهم أ

يحل؟ قال اذا لم يشترط و رضيا فلا بأس «2».

و هذه الرواية تامة سندا و لكن لا يستفاد منها اطلاق الحكم و بعبارة اخري: تدل علي المدعي علي نحو الموجبة الجزئية و كيف كان بطلان العقد فيما نحن فيه ليس من باب فساد الشرط بل من باب النص الخاص و الا لا يكون الشرط المذكور فاسدا كما هو واضح اذ لا وجه لفساده من أية ناحية.

«قوله قدس سره: لان المعاملة علي هذا الوجه أكل للمال بالباطل»

قد تكرر منا ان الجار في الآية الشريفة ليس للمقابلة بل للسببية و من الظاهر ان البيع من الاسباب الصحيحة مضافا الي أن المعاملة

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب احكام العقود الحديث 4.

(2) نفس المصدر الحديث 6.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 50

بين الثمن و الخشب و بيع الخشب لا مانع منه و انما الاشكال من ناحية النص الخاص لاحظ ما رواه عمرو بن حريث قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التوت ابيعه يصنع للصليب و الصنم قال: لا «1».

فيكون المقام نظير المسألة السابقة اي ان تم الدليل علي الحرمة أو الفساد فنلتزم به من باب قيام الدليل الخاص علي البطلان لا من باب كون الشرط الفاسد مفسدا فلاحظ.

«قوله قدس سره: ان الوجه في ذلك صيرورة المبيع غير مقدور علي تسليمه»

لا وجه للدعوي المذكورة فان عدم القدرة علي الشرط لا يستلزم عدمها علي تسليم المبيع فان الشرط ليس جزءا من المبيع و لا قيدا له مضافا الي عدم تمامية الدعوي في أصل الكبري فانه لا دليل علي اشتراط القدرة علي التسليم في صحة البيع.

«قوله قدس سره: التفصيل بين الفاسد لاجل عدم تعلق غرض مقصود للعقلاء به»

يرد

عليه أولا: انه لا وجه للحكم بالفساد اذا لم يكن في الشرط غرض عقلائي فان كل شرط نافذ الا ما يكون مخالفا للشرع و لا دليل علي لزوم كونه عقلائيا و ثانيا: انه لو قلنا بكون الشرط الفاسد مفسدا للعقد لا وجه للتفصيل بين أقسامه بل يلزم كونه مفسدا علي الاطلاق.

______________________________

(1) الوسائل الباب 41 من ابواب ما يكتسب به الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 51

[هل العقد مع الشرط الفاسد صحيح أم لا]
اشارة

«قوله قدس سره: و كيف كان فالقول بالصحة في أصل المسألة لا يخلو عن قوة»

يقع الكلام من هذه الجهة في مقامين احدهما فيما تقتضيه القاعدة الاولية ثانيهما فيما تقتضيه الادلة الثانوية.

اما

المقام الأول [فيما يقتضيه القاعدة الأولية]

فنقول: لا تنافي بين فساد الشرط و عدم نفوذه و صحة العقد مثلا لو باع احد داره من آخر بشرط أن يرتكب المشتري محرما من المحرمات الشرعية يكون بيع الدار صحيحا لتمامية المقتضي و عدم المانع اذ قد علق البيع علي التزام المشتري بارتكاب الحرام و لا دليل علي فساد البيع في الفرض المذكور غاية الامر لا يكون الشرط صحيحا فلا يكون واجب الوفاء.

ان قلت هل يترتب علي عدم الوفاء تحقق الخيار أم لا. قلت:

نلتزم بتحققه اذ قد مر في بحث الخيار جواز جعله لاحد المتعاقدين و لكليهما فلا مانع من جعله بالارتكاز او بالصراحة.

و أما

المقام الثاني فقد ذكرت وجوه لاثبات كون الشرط الفاسد مفسدا.
الوجه الأول: ان للشرط قسطا من الثمن فيكون الثمن المقابل للمبيع مجهولا فيكون غرريا فيكون فاسدا.

و يرد عليه أولا انه لا يقع شي ء من الثمن في مقابل العين.

و ثانيا ان مجرد الجهل لا يوجب الغرر و الخطر بل أعم منه.

و ثالثا: انه لا دليل معتبر علي كون الغرر مفسدا للعقد. و رابعا انه يمكن أن يقال انه لا يتحقق الجهل و لو مع الالتزام بالتقسيط لان ما يقابل للشرط معلوم كما يعلم ما يقابل بالوصف.

و أفاد الشيخ قدس سره ايرادا آخر و هو ان الجهل الطاري غير

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 52

مضر بالعقد و انما المضر الجهل عند العقد و مقارنا له.

و يرد عليه ان الجهل المذكور مقارن مع العقد أي البائع لا يعلم بما يكون مقابلا مع العين و أما علمه بالمجموع فلا اثر له لان المفروض ان الشرط باطل و ما يقابله خارج عن محور العقد فلاحظ.

الوجه الثاني: ان العقد اذا كان مشروطا بشرط يكون التراضي واقعا علي النحو الخاص

فاذا تعذرت الخصوصية كما هو المفروض لا يبقي التراضي فان المشروط ينتفي بانتفاء شرطه فالتراضي الواقع بين الطرفين غير باق و المفروض عدم تحقق تراض جديد فيكون أكل المال اكلا بالباطل.

و يرد عليه المناقشة في الصغري فان العقد مشروط بالالتزام الصادر عن الطرف المقابل و ليس معلقا علي وجود الشرط في الخارج و من الظاهر ان الالتزام محقق حين العقد و الشي ء لا ينقلب عما هو عليه.

و بعبارة واضحة: لا تخلف في محل الكلام فلا تصل النوبة الي النقض و الحل و الاستشهاد ببعض النصوص الوارد في باب النكاح منها ما رواه محمد بن قيس «1».

فان العقد كما ذكرنا معلق علي الالتزام و المفروض ان المشتري يلتزم بالشرط حين العقد فلا مانع عن صحة العقد و لا يقاس المقام بباب تخلف الوصف النوعي أي تخلف الصورة النوعية كما

لو باع الحمار الوحشي فيظهر ان المبيع غلام حبشي فانه لا اشكال في فساد البيع اذ لم يتعلق العقد بالجامع بين الامرين بل تعلق بالصورة

______________________________

(1) قد تقدم في ص 16.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 53

الخاصة و المفروض انتفائها و في المقام لا يتصور الانتفاء اذ المفروض ان المشتري يلتزم فالمعلق عليه تحقق و المعلق مثله فلا وجه للاشكال اصلا.

و لا يخفي ان تخلف الشرط الفاسد كما قلنا سابقا يوجب الخيار بلا فرق بين علم المشتري المشروط عليه فرضا بالفساد و جهله به فان الخيار بلحاظ الجعل الارتكازي أو بلحاظ التصريح به.

و لذا لو فرضنا ان البائع جعل لنفسه الخيار علي المشتري الا في صورة ارتكاب المشتري محرما من المحرمات يكون الجعل المذكور صحيحا اذ قد مر في بحث الخيار انه يجوز جعله ابتداءً فاذا فرض جواز جعله فلا فرق بين أقسامه و انواعه.

الوجه الثالث: بعض النصوص

لاحظ ما رواه عبد الملك بن عتبة قال: سألت أبا الحسن موسي عليه السلام عن الرجل ابتاع منه طعاما أو ابتاع منه متاعا علي أن ليس عليّ منه وضيعة هل يستقيم هذا و كيف يستقيم وجه ذلك قال لا ينبغي «1».

بتقريب ان المستفاد من الحديث فساد العقد بفساد الشرط فان الشرط المذكور في الحديث علي خلاف المقرر الشرعي.

و يرد عليه أولا ان السند مخدوش فان عبد الملك الواقع في السند مشترك بين الصيرفي و الهاشمي. و ثانيا: ان لفظ لا ينبغي لا يدل علي الفساد بل يمكن أن يكون المراد منه كراهة مثل هذه المعاملة.

و ثالثا انه يمكن أن يكون المراد فساد الشرط لا العقد فلا يتم

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من ابواب احكام العقود.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب،

ج 4، ص: 54

الاستدلال و لاحظ احاديث ابناء منذر و جعفر و حريث «1» و قد تعرضنا قريبا لهذه الروايات و أجبنا عنها فلا وجه للاعادة

«قوله قدس سره: و يدل علي الصحة أيضا جملة من الاخبار»

و من تلك النصوص ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امة كانت تحت عبد فاعتقت الامة قال أمرها بيدها ان شاءت تركت نفسها مع زوجها و ان شاءت نزعت نفسها منه. و قال و ذكر ان بريرة كانت عند زوج لها و هي مملوكة فاشترتها عائشة و اعتقتها فخيرها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و قال: ان شاءت ان تقرّ عند زوجها و ان شاءت فارقته و كان مواليها الذين باعوها اشترطوا علي عائشة ان لهم ولاءها فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الولاء لمن اعتق «2» الحديث.

فان هذه الرواية تدل بوضوح علي ان الشرط الفاسد لا يفسد العقد و منها ما رواه الحلبي أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الشرط في الاماء لاتباع و لا تورث و لا توهب فقال يجوز ذلك غير الميراث فانها تورث و كل شرط خالف كتاب اللّه فهو رد «3».

و هذه الرواية واضحة الدلالة علي المدعي و منها ما رواه ابن سنان مثله الا انه قال فهو باطل «4» فان الحديث المذكور أيضا دال علي المدعي.

______________________________

(1) قد تقدم في ص 49- 50.

(2) الوسائل الباب 52 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث 2.

(3) الوسائل الباب 15 من ابواب بيع الحيوان الحديث 1.

(4) نفس المصدر ذيل الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 55

«قوله قدس سره: و قد يستدل علي الصحة

بان صحة الشرط فرع علي صحة البيع»

فيلزم الدور فان صحة الشرط يتوقف علي صحة العقد فلو كانت صحة العقد متوقفة علي صحة الشرط يلزم الدور.

و يرد عليه ان صحة الشرط تتوقف علي كونه موافقا مع الشرع لا علي صحة العقد نعم المشهور بينهم ان نفوذ الشرط يتوقف علي صحة العقد فلا دور اذ التوقف من جانب واحد.

و لما انجر الكلام الي بيان حكم هذا الفرع و ان تقدم سابقا نقول:

ان الشرط في ضمن العقد الفاسد صحيح و نافذ لتمامية المقتضي و عدم المانع فلو باع زيد مقدار خمر من بكر و اشترط عليه أن يخيط ثوبه يكون البيع باطلا و لكن شرط خياطة الثوب نافذ لكن الظاهر انه يقرع الاسماع.

«قوله قدس سره: و الانصاف ان المسألة في غاية الاشكال»

بل الانصاف انه لا اشكال فيها لا من حيث القاعدة الاولية و لا من حيث القاعدة الثانوية سيما مع وجود النصوص الظاهرة أو الصريحة في الجواز و عدم كونه مفسدا للعقد فلاحظ.

«قوله قدس سره: ففي ثبوت الخيار للمشروط له مع جهله بفساد الشرط وجه»

الّذي يختلج بالبال كما تقدم منا انه لا وجه للترديد و الاشكال فان دليل الخيار كما سبق منا عبارة عن الشرط الارتكازي أو الاشتراط الصريح و لا فرق بين الجاهل و العالم اذ جعل الخيار جائز شرعا و لا فرق في جواز جعله بلا تعليق و تعليقه علي فعل واجب أو

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 56

ترك محرم أو فعله و هكذا.

فلو قال البائع للمشتري لي الخيار ان لم تشرب الخمر يصح الاشتراط و لا مانع منه و بعبارة واضحة: المقتضي له موجود و المانع عنه مفقود فنلتزم به و لا نفرق

بين الجاهل و العالم.

[الثاني لو أسقط المشروط له الشرط الفاسد علي القول بإفساده لم يصح بذلك العقد]

«قوله قدس سره: الثاني لو اسقط المشروط له الشرط الفاسد الخ»

الحق ما أفاده من عدم تأثير اسقاط الشرط اذ المفروض ان العقد تحقق مقرونا بالمانع و الشي ء لا ينقلب عما هو عليه و علي هذا الاساس يشكل اتمام العقد الفضولي بالاجازة اللاحقة و تصحيح العقد الاكراهي بالرضا المتأخر.

و الوجه في الاشكال ان المفروض ان العقد تحقق باطلا و لا يمكن الانقلاب فالصحة تحتاج الي دليل خاص كما هو كذلك في مورد العقد الصادر عن الفضولي فان النص الخاص الوارد في نكاح العبد بدون رضي مولاه يدل بعموم العلة الواردة فيه علي صحة كل عقد فضولي ملحوق بالاجازة الصادرة عمن بيده الامر.

[الثالث لو ذكر الشرط الفاسد قبل العقد لفظا و لم يذكر في العقد]

«قوله قدس سره: الثالث لو ذكر الشرط الفاسد قبل العقد لفظا و لم يذكر في العقد الخ»

تارة نقول: الشرط الفاسد يفسد العقد بمقتضي القاعدة الاولية و اخري نقول: الدليل لا فساده للعقد الاجماع أو النصوص الخاصة فان قلنا بالاول فلا فرق بين ذكر الشرط قبل العقد و ذكره في العقد اذ المفروض ان التراضي واقع علي العقد الخاص فمورد التراضي باطل و غيره لم يقصد.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 57

و ان شئت قلت: ما وقع العقد عليه غير قابل للامضاء و ما يكون قابلا له لم يقع العقد عليه نعم اذا غفلا عما ذكرا قبلا و لم يكن الشرط مرتكزا بحيث يصدق انه مقدر و المقدر كالمذكور لا مقتضي للبطلان اذ المفروض ان العقد مطلق.

و أما ان قلنا بأن المدرك للبطلان الاجماع أو النصوص الخاصة فلازمه القول بعدم الفساد في الصورة المفروضة فان الاجماع دليل لبّي و لا يشمل ما لا يكون الشرط مذكورا في العقد.

كما ان ظاهر النصوص ان الحكم

يترتب فيما يكون الشرط مذكورا في نفس العقد و لا يخفي ان هذا الفرع و أمثاله فروع فرضية اذ قد تقدم ان الشرط الفاسد لا يفسد العقد فلا مجال لامثال هذه الفروع.

[الرابع لو كان فساد الشرط لأجل عدم تعلق غرض معتد به عند العقلاء]

«قوله قدس سره: الرابع لو كان فساد الشرط لاجل عدم تعلق غرض معتد به عند العقلاء الخ»

يمكن أن يفصل في المقام بعين ذلك التفصيل الذي ذكر في الفرع المتقدم بأن نقول تارة يكون البطلان علي طبق القاعدة الاولية و اخري يكون الافساد من باب الاجماع أو من باب النصوص الخاصة فان قلنا بكون الافساد علي مقتضي القاعدة الاولية فلا بد من القول بالافساد لعدم ما يقتضي التفصيل.

و ان كان المدرك الاجماع فلا بد من الاقتصار علي المقدار المعلوم منه و ان كان المدرك النص الخاص فلا بد من التفصيل بأن نقول ان قلنا ان اطلاقه منصرف عن هذه الصورة لا يكون الشرط مفسدا و ان قلنا اطلاق النص يشمل الصورة المفروضة و لا يكون

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 58

منصرفا عنها فلا بد من الالتزام بالافساد فلاحظ.

[الكلام في أحكام الخيار]

[الخيار موروث بأنواعه]

«قوله قدس سره: الخيار موروث بانواعه»

اثبات إرث الخيار يتوقف علي ثلاث مقدمات: المقدمة الاولي ان الخيار حق في قبال الحكم فانه من الظاهر ان الحكم الشرعي غير قابل للانتقال بالارث فلا بد من اثبات كونه حقا في قبال الحكم.

و الظاهر انه لا اشكال فيه و كونه فيما هو محل الكلام من الحقوق و قابلا للاسقاط مما لا ريب فيه و الحال ان الحكم غير قابل للاسقاط فالمقدمة الاولي واضحة.

المقدمة الثانية: انه قابل للانتقال. و هذا اوّل الكلام و الاشكال و لذا لا يمكن لاحد أن ينقل خياره الي الغير بالمصالحة مثلا كما يجوز التوكيل في اعماله فهذه المقدمة غير واضحة و مورد للاشكال بل مقتضي الاصل عدم قابليته للانتقال.

المقدمة الثالثة: شمول دليل الارث اياه و الظاهر بل الصريح من ادلة الارث كتابا و سنة ان الارث

يتعلق بالاعيان و المنافع و لا تشمل الخيار نعم ربما يقال ان قوله صلي اللّه عليه و آله «ما ترك ميت من حق فلوارثه» «1»، يشمل الخيار.

لكن هذه الرواية مرسلة و لا اعتبار بها و عمل المشهور بها محل الاشكال و علي فرض تمامية الصغري لا يتم الامر اذ اصل الاشكال في الكبري فانا انكرنا انجبار الخبر الضعيف بعمل المشهور كما انه انكرنا سقوط الخبر المعتبر باعراضهم اضف الي ذلك ان الخيار امر بسيط لا جزء له.

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 23 ص 75.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 59

و بعبارة واضحة: ان الخيار حق متعلق بالعقد و العقد أمر واحد لا أجزاء له فلا يكون الخيار قابلا للتقسيم كي يقال «للذكر مثل حظ الانثيين» فلا بد من الالتزام باحد الامرين.

احدهما: ثبوت خيار مستقل لكل واحد من الوراث ثانيهما: كونه للمجموع من حيث المجموع كما عليه القوم أما الاول فلا دليل عليه. و أما الثاني فان تم المدعي بتحقق اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم عليه السلام فهو و الا يشكل الامر و مقتضي الاصل الاولي عدمه.

و في المقام حديث رواه حمزة بن حمران بن اعين قال قلت لابي عبد اللّه عليه السلام من ورث رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فقال فاطمة ورثته متاع البيت و الفرش و كل ما كان له «1».

و يستفاد من الحديث المذكور ان فاطمة عليها السلام ورثت من رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كل ما كان له.

و يرد عليه أولا ان الحديث ضعيف سندا بابن حمران و ثانيا ان الحديث وارد في مورد اتحاد الوارث. و ثالثا: ان الحديث وارد في قضية شخصية و لا

ندري ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عند وفاته كان له حق الخيار بالنسبة الي مورد أم لا فالنتيجة ان الجزم بارث الخيار مشكل الا أن يتم الامر بالاجماع أو التسالم و ان ظهور الحكم بحد غير قابل للنقاش فلاحظ.

«قوله قدس سره: لم يمنع انتقال الخيار الي الوارث»

بتقريب ان المقتضي موجود و المانع مفقود لكن علي مسلك المشهور في مفاد قاعدة لا ضرر لو ترتب ضرر علي الديان باعمال

______________________________

(1) تهذيب الاحكام ج 9 ص 277 الحديث 12.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 60

الخيار أمكن منعه بالقاعدة فانه علي المسلك المشهور يرفع الحكم الضرري بالقاعدة بلا فرق بين التكليفي و الوضعي فلاحظ.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، 4 جلد، كتابفروشي محلاتي، قم - ايران، اول، 1413 ه ق عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب؛ ج 4، ص: 60

«قوله قدس سره: فلا اشكال في عدم الارث»

اذ المستفاد من الدليل كون العناوين المذكورة كالقتل و أمثاله مانعة عن الارث و الاطلاق يقتضي عدم الفرق بين الموارد.

«قوله قدس سره: او عدم حرمانه كذلك»

الظاهر ان هذا القول هو الحق فان الخيار حق متعلق بالعقد و مقتضي القاعدة الاولية ان ترث الزوجة منه بناء علي كونه موروثا كما هو المفروض و لا مانع في مقابل الادلة المقتضية فلا بد من القول به.

بل لقائل أن يقول: ان الخيار اذا كان حقا متعلقا بالعين يلزم القول بانتقاله بالارث الي الزوجة اذ المفروض ان المقتضي تام و المانع مفقود و الوجوه المذكورة للمنع وجوه ذوقية ليس تحتها شي ء.

«قوله قدس سره: فلو علل بارثها دار»

و الحق ما ذكرنا و تقدم منا فان إرث الخيار لا يرتبط بارث المال

فالحق انها ترث من الخيار نعم لو كان إرث الخيار تابعا لارث المال من حيث المقدار لا موضوع لارثها مع فرض عدم ارثها من المال الذي تركه الميت كالعقار و هذا واضح ظاهر.

و بعبارة اخري: تقريب الدور: ان جواز الفسخ يتوقف علي ملكية الثمن و الحال ان الملكية تتوقف علي الفسخ فيدور. و الجواب ان الحق عدم توقف إرث الخيار علي شي ء كما تقدم.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 61

[مسألة في كيفية استحقاق كل من الورثة للخيار مع أنه شي ء واحد غير قابل للتقسيم و التجزية]
[وجوه في كيفية استحقاق الورثة للخيار]
اشارة

«قوله قدس سره:

الأول ما اختاره بعضهم من استحقاق كل منهم خيارا مستقلا كمورثه»

و الوجه فيه: ان ظاهر النبوي و بقية ادلة الارث ثبوته لكل واحد من الورثة و يتصور تعدد الوارث المنتقل إليه بالنسبة الي الحق بخلاف المال فان المال الواحد لا يتصور فيه تعدد المالك المستقل و أما الحق الواحد فيتصور فيه تعدد ذيه كما هو كذلك في بعض الحقوق كحق القذف مثلا.

و أورد عليه الشيخ قدس سره بأن المراد من الوارث في النبوي و غيره مما افرد فيه لفظ الوارث جنس الوارث الشامل للواحد و للمتعدد و كون ما ترك لجنس الوارث يتصور علي وجوه أربعة:

الوجه الأول: أن يكون الخيار لكل واحد علي نحو العموم الاستغراقي.

الوجه الثاني: أن يكون لكل واحد بمقدار حصته من الارث.

الوجه الثالث: أن يكون للمجموع من حيث المجموع.

الوجه الرابع: أن يكون للمجموع من حيث الطبيعة فكل واحد منهم بادر و أجاز أو فسخ يتم الامر و لا تصل النوبة الي الآخرين و لو تقارن فسخ احدهما مع امضاء الاخر لا يؤثر شي ء منهما لعدم المرجح.

و اما ما ورد بصيغة الجمع فلا يخفي انه اما اريد به جنس الجمع أو جنس الفرد أو الاستغراق القابل للحمل علي الاستغراقي و المجموعي.

و الظاهر هو الثاني مضافا الي القرينة العقلية و اللفظية علي خلاف ما رامه أما الاولي فلأن الخيار أمر واحد شخصي فكيف يمكن قيامه باشخاص متعددين علي نحو الاستقلال.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 62

و أما الثانية فلان الدليل الدال علي إرث المال و الحق دليل واحد فكيف يمكن إرادة الاشتراك بالنسبة الي المال و ارادة التعدد و الاستقلال بالنسبة الي الحق و الحال انه يستلزم استعمال اللفظ الواحد في اكثر من معني.

مضافا الي أن لازم كلامه ان

الورثة كالوكلاء لشخص واحد فيؤثر السابق و لا تصل النوبة الي اللاحق فلا وجه لتقديم الفاسخ علي المجيزان كان متأخرا.

و يرد علي الشيخ قدس سره فيما أفاده نقضا و حلا أما الاول فيما لو كان لشخص واحد خيارات متعددة فهل يكون الاجازة بالنسبة الي بعضها مانعا عن الفسخ بالآخر؟ كلا.

و أما الثاني فلان قياس المقام بالوكلاء مع الفارق فان الخيار في مورد الوكلاء حق واحد و أما في المقام فقد فرض خيارات عديدة لكن الاشكال في اصل المدعي و انه تقدم منا ان النبوي لا سند له و أما بقية ادلة الارث فيستفاد منها تقسيم الاعيان و المنافع و الخيار كما تقدم امر بسيط غير قابل للقسمة.

و ان شئت قلت: الخيار ملك فسخ العقد و العقد أمر واحد غير قابل للتجزية و التحليل فلا مجال لتقسيم حق الخيار بين الوراث فلاحظ فتحصل انه لا يمكن القول بكون الخيار لكل واحد من الوراث علي نحو الاستقلال.

و أما

الوجه الثاني و هو كون الخيار لكل واحد من الورثة بالنسبة الي نصيبه

فاورد عليه الشيخ قدس سره بأنه لا دليل علي تجزئة الخيار يحسب اجزاء العين المتروكة.

و بعبارة واضحة: الخيار بنفسه غير قابل للقسمة فيكون تقسيمه

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 63

بلحاظ متعلقه اي العين و المفروض انه ليس في الادلة ما يدل عليه فلا يمكن الالتزام به فالنتيجة ان الخيار الواحد يكون للمجموع من حيث المجموع.

اقول: تارة يكون في المقام اجماع علي ما التزم به الماتن فلا كلام لكن هل يمكن الجزم بالاجماع المذكور مع الاختلاف المترائي في المقام؟

و أما مع قطع النظر عن الاجماع فنقول: الالتزام بارث الخيار متوقف علي امكان الانتقال و الالتزام بكون الخيار كما انه قابل للاسقاط كذلك قابل للانتقال.

و هذا كما تقدم اوّل

الكلام و الاشكال بل مقتضي الاصل عدم قابليته للانتقال فانه أمر حادث في الشريعة و الاصل عدمه.

مضافا الي انه يشكل الالتزام به لعدم دليل عليه أما النبوي فهو مرسل و المرسل لا اعتبار به و أما ادلة الارث فهي ناظرة الي بيان السهام و من الظاهر ان الخيار أمر بسيط غير قابل للانقسام.

و كونه في كل وارث عارضا علي حصة فمضافا الي عدم دليل عليه لا يمكن الالتزام به اذ الخيار حق متعلق بالعقد و المفروض ان العقد واحد فكيف يمكن فسخه من ناحية وارث و عدمه من ناحية آخر و بعبارة اخري: الخيار لا يكون متعلقا بالعين بل متعلق بالعقد و المفروض ان العقد واحد.

«قوله قدس سره: فافهم»

يمكن أن يكون اشارة الي أن اللفظ كيف يمكن أن يراد منه المتعدد من المعني.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 64

«قوله قدس سره: فتأمل»

لعله قدس سره يشير بأمره بالتأمل الي أن القاعدة شأنها نفي الحكم الضرري و لا يستفاد منها الحكم الاثباتي.

«قوله قدس سره: ثم ان ما اخترناه من الوجه الأول هو مختار العلامة في القواعد»

قال الايرواني قدس سره: المراد من الوجه الأول الوجه الأول من الوجه الثالث و المراد من الوجه الثاني ظاهرا هو الوجه الثاني من أصل الوجوه فالعبارة مختلة النظم.

«قوله قدس سره:

[فرع] اذا اجتمع الورثة كلهم علي الفسخ فيما باعه مورثهم»
في هذا الفرع مسائل:
المسألة الأولي: ان الميت اذا كان له الخيار و كان له دين مستغرق

فان قلنا ان الخيار يختص بمورد يكون المنتقل إليه مملوكا لذي الخيار لا يكون خيار للورثة.

و لكن هذا القول باطل فان موضوع الخيار العقد فلا فرق بين كون العين مملوكة لذي الخيار و أن لا تكون كذلك و علي هذا الخيار لا يختص بتلك الصورة و عليه تارة يكون اعمال الخيار نافعا للديان او لا يكون مضرا بهم و اخري

يكون مضرا بهم.

أما في الصورة الأولي فلا اشكال في أن الخيار ثابت لهم و في صورة كون الفسخ نافعا للديان هل يجبر الوراث علي الفسخ أم لا؟

الظاهر هو الثاني اذ لا مقتضي للاجبار.

و أما في الصورة الثانية فان كان المدرك للخيار الاجماع فلا خيار اذ الدليل اللبي يقتصر فيه علي المقدار المتيقن منه و أما ان

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 65

كان المدرك اطلاق ادلة الارث فتارة نقول بمقالة المشهور في مفاد قاعدة لا ضرر و اخري لا نقول بها.

أما علي الاول فلا خيار لان اعماله ضرري و الضرر مرتفع في الشريعة و أما علي الثاني فيكون الخيار ثابتا.

المسألة الثانية: ان الوارث اذا فسخ العقد فان كان الدين مستغرقا للتركة

فتارة يكون ما يقابل ما انتقل عنه موجودا و اخري لا يكون أما علي الاول فيرجع الي الطرف و أما علي الثاني فيكون التالف من ديون الميت.

المسألة الثالثة: انه لو فرض ان الميت لا يكون مديونا و كان له الخيار في عقد

و انتقل الي وارثه بموته و أخذ الوارث بالخيار فهل ينتقل ما انتقل إليه بالعقد الي الطرف المقابل باعمال الخيار؟

الحق ان الجزم به مشكل اذ المفروض ان ما تركه بموته انتقل الي الوارث فيكون في حكم التالف.

و بعبارة اخري: لا مقتضي لخروج ما انتقل الي الوارث بالارث عن ملكه بالفسخ بل يحكم عليه بالتلف الحكمي فعلي ذلك لا بد من القول بأنه بالفسخ ينتقل ما انتقل عنه بالعقد الي ملكه اي ملك الميت و يصير الميت مديونا بالنسبة الي ما قابل العين المفروض تلفه بالتلف الحكمي.

المسألة الرابعة: انه لو لم يكن للميت مال و فسخ الورثة العقد فهل يجب عليهم دفع الثمن بمقدار حصتهم من المبيع أم لا؟

الحق هو الثاني اذ لا مقتضي لوجوب الاداء عليهم فان اعمالهم للخيار كاعمال الوكيل أو الولي و ربما يقال انهم قائمون مقام الميت و كأنهم هو و لازمه اشتغال ذممهم بمقدار حصصهم.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 66

و يرد عليه انه لا دليل علي هذه الدعوي و لا مقتضي لها و ما ذكر في المقام من أن الوارث لخيار الفسخ برد الثمن يردون مثل الثمن من مالهم و يستردون المبيع مردود بأنه أيضا لا وجه له فان مقتضي الفسخ انتقال المال الي محله الاول فلا وجه لانتقاله الي محل آخر.

المسألة الخامسة: انه لو قلنا بجواز فسخ بعض الورثة و لو مع عدم اجازة الباقي

و فسخ بعضهم فتردد الشيخ بين رجوع العين الي ملك الجميع و بين رجوعها الي ملك خصوص الفاسخ و رجح الثاني.

و الحق أن يقال ان كان مراده بالرجوع الي ملك الجميع رجوعها الي ملك الميت ثم انتقالها الي الورثة بالارث فما أفاده تام و ان كان مراده رجوعها الي ملكهم ابتداءً فيرد عليه انه لا وجه له فان قانون الفسخ رجوع العين بعد الفسخ الي ملك ما انتقلت عنه فلاحظ.

[مسألة لو كان الخيار لأجنبي و مات ففي انتقاله إلي وارثه]

«قوله قدس سره: مسألة لو كان الخيار لاجنبي و مات ففي انتقاله الي وارثه»

ربما يقال ان الخيار الثابت للاجنبي ينتقل الي وارثه بمقتضي دليل الارث. و يرد عليه أولا: ان جعل الخيار للاجنبي و جوازه اوّل الكلام و الاشكال.

و ثانيا: ان قابلية الانتقال في الخيار محل الكلام كما تقدم و ثالثا انه لا دليل علي إرث الخيار كما تقدم أيضا.

و ربما يقال انه بموت الاجنبي ينتقل الخيار الي المتعاقدين.

و يرد عليه مضافا الي ما تقدم ان الانتقال الي المتعاقدين لا وجه له فانه لا مقتضي له و ليس الاجنبي كالوكيل و علي فرض كونه وكيلا لا موضوع للانتقال كما هو ظاهر فان الحق ثابت للموكل بلا فرق بين موت الوكيل و عدمه.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 67

و ربما يقال بسقوطه بموته لان الظاهر أو المحتمل مدخلية نفس الاجنبي فلا يكون قابلا للانتقال و ليس مما تركه الميت.

و يرد عليه انه لو فرض جواز جعل الخيار للاجنبي و فرضنا قابليته للانتقال و أيضا فرضنا شمول دليل الارث للخيار لم يكن مجال للاشكال المذكور اذ المفروض انه حق له و يكون مما تركه و هذا نظير أن يقال ان الشي ء الفلاني اذا صار ملكا

لشخص بما هو شخص كذائي لا يرث وارثه منه اياه و هل يمكن الالتزام به؟ و بعبارة واضحة:

جعل الاحكام بيد الشارع لا بيد العباد فلاحظ.

[مسألة و من أحكام الخيار سقوطه بالتصرف بعد العلم بالخيار]
اشارة

«قوله قدس سره: مسألة و من أحكام الخيار سقوطه بالتصرف»

يقع الكلام في هذه المسألة من جهات:

الجهة الأولي ان التصرف فيما انتقل إليه اذا كان كاشفا عن الامضاء يكون اسقاطا للخيار

و قد مرّ الكلام فيه سابقا في بحث مسقطات الخيار و الكلام هنا في أن التصرف فيما انتقل عنه اذا كان كاشفا عن الفسخ يتحقق الفسخ.

و بعبارة اخري: لا فرق من هذه الجهة بين التصرف فيما انتقل إليه و بين التصرف فيما انتقل عنه.

و ان شئت قلت: لا مدخلية للقول فكما ان القول ربما يكون دالا علي الاسقاط و ربما يكون دليلا علي الفسخ كذلك الفعل فان الامضاء و الاسقاط امران انشائيان يحتاجان الي الاعتبار النفساني و ابراز ذلك الاعتبار بمبرز قولي أو فعلي فلا فرق بين الفسخ و الامضاء من هذه الجهة.

نعم اذا دل النص في مورد علي سقوط الخيار بالتصرف فيما انتقل إليه و لو مع عدم قصد الامضاء كما هو كذلك في خيار الحيوان

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 68

لا نلتزم به بالنسبة الي الفسخ فان الامر التعبدي يقتصر فيه بمقدار دلالة الدليل.

و دعوي الاجماع علي التسوية بين الفسخ و الامضاء علي الاطلاق جزافية فان تحقق الاجماع اوّل الكلام مضافا الي عدم اعتبار الاجماع المنقول بل المحصل.

الجهة الثانية: انه لو تصرف ذو الخيار فيما انتقل عنه تصرفا غير شرعي

فربما يقال انه يمكن اثبات الفسخ ببركة حمل فعل المسلم علي الصحة.

و يرد عليه أولا ان التقريب المذكور علي فرض تماميته يختص بما يكون المتصرف مسلما و الحال ان البحث عام للمسلم و غيره و ثانيا: ان التصرف فيما انتقل عنه اما تصرف اعتباري كالبيع مثلا و أما تصرف خارجي أما التصرف الاعتباري فلا يكون حراما فان البائع الفضولي اذا لم يكن غاصبا لا يكون مرتكبا للحرام فلا موضوع لاصالة الصحة.

و أما اذا كان تصرفا خارجيا فغاية ما يمكن ان يستفاد من الادلة عدم حمل فعله علي الفساد و لذا لو واجهنا شخصا

و تكلم بكلام مردد بين السلام و الشتم لا نحمل كلامه علي الشتم و لكن لا نحكم عليه بالسلام و لذا لا يجب الجواب مع وجوب جواب السلام.

و بعبارة اخري: اصالة الصحة لا تثبت اللوازم بلا فرق بين القول بأن اصالة الصحة أصل و بين القول بكونها أمارة اذ لم يرد دليل دال علي أن لوازم الامارات حجة علي نحو العموم و السريان و انما نلتزم باثبات اللوازم في باب الاخبار اذ الاخبار عن شي ء اخبار عن لوازمه و حيث ان الخبر حجة نلتزم باعتبار الاخبار بالنسبة الي مدلوله المطابقي و الالتزامي.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 69

اضف الي ذلك ان التصرف الخارجي فيما انتقل عنه حرام حدوثا بلا اشكال اذ المفروض ان الفسخ بالفعل الخارجي و ما دام لا يتحقق التصرف الخارجي لا يتحقق الفسخ ففي الآن الاول يكون المتصرف مرتكبا للمعصية مثلا لو قبل الامة المبيعة يكون لمسه اياها حراما اذا المفروض انها مملوكة للغير.

و بعبارة واضحة: يتوقف الفسخ علي التصرف و التصرف واقع في ملك الغير فيكون حراما.

و صفوة القول ان اصالة الصحة لا يترتب عليها اثر و لا يثبت بها شي ء فكونها من باب الظواهر المعتبرة شرعا كما في عبارة الماتن لا اساس له.

و حيث انجر الكلام الي هنا ناسب أن نشير الي نكتة و هي ان كل ما صدر عن الغير و كان الفاعل مسلما هل يحمل فعله علي الصحة ما دام لم يقطع بكونه عاصيا؟

الانصاف ان الالتزام به في غاية الاشكال و الا يلزم انا لو رأينا انه يشرب الخمر نحمل فعله علي الصحة و نقول يمكن أن يكون غافلا او اذا رأينا فلانا مرتكبا للزنا لا

نتعرض له اذ لعله مكره و هكذا و هكذا فانه لا دليل علي هذه الدعوي و السيرة علي خلافه اذ يتعرضون للفساق و الفجار و الوجه فيه ان الغفلة أو النسيان و الاكراه و نظائرها خلاف الاصل الاولي.

نعم في الموارد التي لا يكون الحمل علي الصحة خلاف الموازين الاولية لو احتمل كون الفعل ناشيا عن منشأ صحيح شرعي يحمل علي الصحة و لا يؤاخذ المرتكب مثلا لو رأينا شخصا مفطرا في شهر رمضان و احتملنا انه مريض أو مسافر لا نحكم بفسقه اذ يمكن أن

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 70

لا يكون افطاره فسقا كما انه لو تكلم بكلام مردد بين التحية و السب لا نحمل كلامه علي السب او اذا رأينا انه يغتاب احد او أمكن أن يكون عنده احد مجوزات الغيبة لا نحكم بفسقه و هكذا.

و ببالي ان هذا التفصيل كان مورد تصديق سيدنا الاستاد قدس سره و الميزان الكلي انه لو كان ارتكاب فعل جائزا للمكلف في حد نفسه كما أن الامر كذلك في الصوم فان المستفاد من الدليل تقسيم المكلف الي المسافر و الحاضر و الي المريض و الصحيح لا بدّ في مورد الشك الحمل علي الصحة.

و أما لو لم يكن كذلك بأن يتوقف الجواز علي عروض عنوان ثانوي كالغفلة و النسيان و الجهل العذري و الاكراه و الاضطرار و الخطاء الي غيرها من الاعذار.

و بعبارة اخري في مورد احتمال عروض العنوان الذي يكون علي خلاف الاصل الاولي لا مجال للحمل علي الصحة و لا بدّ للمدعي للعروض من اثباته فانه لو شرب احد الخمر و عند الاعتراض عليه اعتذر بكونه مكرها لا بدّ من اثباته و هكذا و

هكذا الي بقية الاعذار.

و لكن الجزم بما ذكر و البناء عليه مشكل و الّذي يختلج بالبال في هذه العجالة أن يقال: تارة نقطع أو نطمئن بصدور الفعل عن الفاعل معصية فالامر ظاهر و مثله ما لو قامت أمارة معتبرة علي كونه كذلك.

و بعبارة اخري: قام دليل معتبر علي كون المرتكب للفعل الفلاني غير معذور يحكم عليه بكونه فاسقا و يترتب عليه حكمه و أما في غير هذه الموارد فلا وجه للحكم بكون الفاعل مرتكبا للحرام بل لا بدّ من حمل فعله علي الصحة و اللّه العالم بحقائق الاشياء.

الجهة الثالثة: انه لو تصرف ذو الخيار فيما انتقل عنه تصرفا اعتباريا

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 71

كالبيع مثلا فربما يقال كما في عبارة الماتن ان التصرف المذكور يدل علي الفسخ ببركة عدم قصد الفضولية بتقريب ان الظاهر ان المتصرف فسخ العقد فلا مجال لان يقال ان الاصل عدم الفسخ.

و يرد علي التقريب المذكور أولا انه اي دليل دل علي هذا الظاهر و اي دليل دل علي اعتبار الظهور المدعي في وعاء الشرع.

و ثانيا انه مع فرض الظهور المذكور لا تصل النوبة الي اصالة عدم الفضولية فان المفروض ان الظهور أمارة و مع وجود الامارة لا مجال للاصل العملي.

و ثالثا ان البيع لا يمكن أن يكون مصداقا للفسخ و مع ذلك يكون مصداقا للبيع اذ البيع متأخر عن الفسخ رتبة و زمانا فكيف يكون البيع مصداقا لامرين مترتبين من حيث الرتبة و الزمان فتحصل مما تقدم ان التصرف فيما انتقل عنه اذا دل و لو بمعونة قرينة علي الفسخ فهو و الا فمجرد التصرف لا يكشف عن الفسخ و لا يدل عليه فلاحظ.

«قوله قدس سره: و هنا كلام مذكور في الاصول»

يمكن أن يكون ما افاده قدس

سره ناظرا الي البحث المتداول بين القوم في أن اصالة الصحة هل يترتب عليها اثر أم أجراها لمجرد عدم حمل فعل الغير علي الفساد و اللّه العالم.

[مسألة هل الفسخ يحصل بنفس التصرف أو يحصل قبله متصلا به]
اشارة

«قوله قدس سره: مسألة هل الفسخ يحصل بنفس التصرف أو يحصل قبله متصلا به»

يقع الكلام في هذه المسألة في مقامين

المقام الأول في مقتضي القاعدة

المقام الثاني فيما يترتب علي الاختلاف المذكور و انه هل يترتب عليه اثر عملي أم لا.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 72

أما المقام الأول فنقول الحق ان الفسخ يتحقق بنفس التصرف الخارجي و ذلك لان الفسخ من الامور الانشائية و الامر الانشائي متقوم بالانشاء و الابراز بقول أو بفعل.

و ما في كلام الماتن من عدم تحقق الانشاء بالفعل غير تام فان الانشاء من النشو و لا فرق فيه بين تحققه بالقول أو بالفعل.

اضف الي ذلك انه لو قلنا بأن التصرف كاشف نسأل انه كاشف محض أو له دخل في تحققه أما علي الاول فمعناه ان الفسخ يتحقق بمجرد الاعتبار النفسي بلا دخل للفعل ابدا و ان وجوده و عدمه سيان و هل يمكن الالتزام به.

و أما علي الثاني فهل يكون جزءا من السبب او شرطا و علي كلا التقديرين يتوقف تحققه علي وجوده الا أن يقال انه شرط علي نحو الشرط المتأخر و هذا قول بلا دليل.

مضافا الي انه التزام بتأثيره و دخله في موضوع الحكم و اذا وصلت النوبة الي الشك يكون مقتضي الاصل عدم تحقق الفسخ بمجرد النية القلبية.

اضف الي ذلك ان لازم القول بالكاشفية عدم تحقق الفسخ بالقول اذ دائما يحصل بالنية قبل حصول القول و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم و يدل علي المدعي انه لو كانت الكراهة القلبية كافية في الفسخ و لم يشترط الفسخ بانشاء ما في النفس لكان الاخبار بالكراهة بدون قصد الانشاء كافيا فان الاخبار كاشف فتحصل ان الفسخ متقوم بالتصرف هذا تمام الكلام في

المقام الأول.

و أما

المقام الثاني فيترتب علي الخلاف المذكور اثر عملي تكليفا و وضعا

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 73

اما تكليفا فيظهر فيما قبل ذو الخيار الامة المبيعة فان قلنا بأن التصرف كاشف يكون لمسه للامة جائزا تكليفا و ان لم نقل به يكون حراما.

ان قلت ما المانع عن الالتزام بتحقق الفسخ و انتقال الملك في آن واحد و بعبارة اخري: تأخر الملكية عن الفسخ رتبي لا زماني فيحصل كلا الامرين في زمان واحد.

قلت لا يمكن القول به فانه ما دام لا يتحقق الفسخ لا يترتب الانتقال و بعبارة واضحة: الفسخ مثل البيع و هل يمكن الالتزام بأن زمان بيع العين من المشتري متحد مع زمان انتقال العين إليه و الحال انه ما لم يتحقق السبب في الخارج لا يترتب عليه المسبب.

و ان شئت قلت البيع أو الفسخ موضوع و من الظاهر ان ما قبل تحقق الموضوع لا يعقل تحقق الحكم.

و ببيان آخر قبل تحقق الموضوع بتمامه لا يمكن ترتب الحكم عليه فانقدح مما ذكرنا انه تظهر الثمرة بين القولين من حيث الحكم التكليفي و أما الثمرة وضعا فتظهر فيما لو باع ذو الخيار العين المبيعة فعلي القول بجواز الجمع بين الفسخ و البيع يكون البيع صحيحا و علي القول الاخر يكون باطلا.

و الحق هو الثاني و الامر في المقام أوضح من سابقه اذ جواز البيع متوقف علي كون العين مملوكة للبائع و كونها مملوكة له يتوقف علي الفسخ فيكون البيع الثاني متأخرا عن الفسخ بمرتبتين رتبة و زمانين زمانا فلاحظ و اغتنم ما حققناه.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 74

«قوله قدس سره: و يؤيده ما دل من الاخبار المتقدمة علي كون الرضا هو مناط الالتزام بالعقد و سقوط الخيار»

اي خبر

دل علي هذا المدعي كي يكون مؤيدا مضافا الي أنه لو كان الخبر الصادر عن المعصوم عليه السلام دالا علي المدعي لم يكن وجه للتعبير عنه بالتأييد بل هو دليل و نعم الدليل و ان لم يكن دالا عليه فلا مجال لكونه مؤيدا.

نعم قد ورد في بعض نصوص خيار الحيوان ما يمكن أن يتوهم منه ما افاده قدس سره لاحظ ما رواه علي بن رئاب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال الشرط في الحيوان ثلاثة ايام للمشتري اشترط أم لم يشترط فان احدث المشتري فيما اشتري حدثا قبل الثلاثة الايام فذلك رضا منه فلا شرط قيل له و ما الحدث قال ان لامس أو قبل او نظر منها الي ما كان يحرم عليه قبل الشراء الحديث «1».

و لكن هذه الدعوي لا تستفاد من الحديث و لا ترتبط الرواية بالدعوي المذكورة فان المستفاد من الحديث ان الشارع الاقدس حكم علي نحو التعبد الشرعي و الحكومة علي أن التصرف الفلاني و الاحداث الكذائي مصداق للفسخ في وعاء الشرع لا ان الرضاء القلبي بنفسه فسخ و كيف يمكن أن يحمل الامر القلبي و الصفة النفسية علي الفعل الخارجي.

«قوله قدس سره: لان الفعل لا إنشاء فيه»

هذا من غرائب الكلام اذ كيف لا يكون الفعل مصداقا للانشاء

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب الخيار الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 75

و الحال انه لا فرق بين القول و الفعل من هذه الجهة كيف و هو قدس سره قائل بالعقد المعاطاتي و الحال ان المعاطاة عبارة عن الانشاء و العقد الفعلي في قبال العقد القولي فلاحظ.

«قوله قدس سره: و ان الدور معي»

لا يتصور الدور المعي في المقام اذ

قد تقدم منا ان احد الامرين متأخر عن الاخر رتبة و متوقف عليه و أيضا متأخر عنه زمانا.

«قوله قدس سره: فملكه بمجرد العقد كاف كمن باع مال غيره ثم ملكه»

المستفاد من الدليل الشرعي ان التصرف يلزم أن يقع في الملك و المفروض ان التصرف واقع في ملك الغير و الحكم في المقيس عليه كذلك فان من باع شيئا ثم ملكه لا يكون بيعه صحيحا.

نعم اذا أجاز بيعه السابق بعد صيرورته مالكا ربما يقال بتماميته بالاجازة بواسطة حديث زرارة الوارد في نكاح العبد بدون الاجازة عن المولي و هذا بحث آخر موكول الي محله.

«قوله قدس سره: و الجزء الّذي لا يتجزي غير موجود»

لا فرق فيما نحن بصدده بين القول بامكان الجزء الذي لا يتجزي و عدمه فانا نفرض امكانه لكن يلزم تأخر المسبب عن السبب و تأخر الحكم عن موضوعه.

«قوله قدس سره: غير قابل للفضولي»

ان تم اجماع تعبدي علي التفريق بين العقد و الايقاع فهو و الا فيمكن القول بعدم وجه للتفصيل اذ المستفاد من حديث زرارة عن

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 76

أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن مملوك تزوج بغير اذن سيده فقال ذاك الي سيده ان شاء اجازه و ان شاء فرق بينهما قلت: اصلحك اللّه ان الحكم بن عتيبة و ابراهيم النخعي و اصحابهما يقولون ان اصل النكاح فاسد و لا تحل اجازة السيد له فقال ابو جعفر عليه السلام انه لم يعص اللّه و انما عصي سيده فاذا اجازه فهو له جائز «1» بمقتضي عموم التعليل عدم التفريق بين الامرين فلاحظ.

«قوله قدس سره: فلا يعم المستثني منه البيع الواقع بعضه في ملك الغير و تمامه في ملك البائع»

لا

اشكال في أن المستفاد من تلك الادلة اشتراط وقوع البيع بتمامه في ملك البائع و بعبارة اخري لا بدّ من وقوع البيع في مال نفسه.

«قوله قدس سره: هذا مع انه يقرب ان يقال ان المراد بالبيع هو النقل العرفي»

لا مجال لهذه المقالة فان النقل العرفي مترتب علي البيع لا أنه بنفسه هو و ببيان واضح ان البيع عبارة عن اعتبار التمليك و ابرازه بمبرز فاذا تحقق هذا المعني يترتب عليه النقل العرفي و العقلائي و الشرعي فلاحظ.

«قوله قدس سره: و بالجملة فما اختاره المحقق و الشهيد الثانيان في المسألة لا يخلو عن قوة و به يرتفع الاشكال»

كيف يرتفع الاشكال مع انه قدس سره اعترف بأن الجزء الاول من التصرف واقع في ملك الغير و اعترف بأن التصرف الخارجي

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 77

كالوطء و التقبيل يكون حدوثه حراما لوقوعه في ملك الغير مضافا الي أنه نقل قبل اسطر عن الشهيد و المحقق الثانيين ان التصرف كاشف عن الفسخ السابق.

«قوله قدس سره:

فرع لو اشتري عبدا بجارية مع الخيار له فقال اعتقهما»
اشارة

اذا اعتق العبد و الجارية دفعة ففيه وجوه بل اقوال

الوجه الأول: الالتزام بصحة عتق الجارية دون العبد لتقدم الفسخ علي الاجازة.

و يرد عليه ان تقديم الفسخ علي الاجازة ليس مدلول دليل كي نلتزم به علي الاطلاق بل الوجه فيه انه لو كان الخيار للمتعدد فأجاز واحد و فسخ الاخر، يقدم الفسخ اذ المفروض ان الفاسخ له الخيار فيكون اعماله للفسخ مؤثرا.

و لا تنافي بينه و بين تحقق الاجازة فان الاجازة اسقاط الخيار و المفروض تعدد الخيار كما ان الشخص الواحد لو كان له الخيار بنحو التعدد كما لو كان له خيار الحيوان و المجلس فاسقط احد خياريه و أعمل الاخر يؤثر اعماله و ينفسخ العقد.

و أما لو كان الصادر كلا الامرين من شخص واحد بالنسبة الي خيار واحد يقع التنافي بين الامرين و لا يؤثر شي ء منهما.

الوجه الثاني بقاء العقد بحاله و عدم سقوط الخيار و عدم انعتاق العبد و لا الجارية

بتقريب ان الجمع بين كلا الامرين محال و ترجيح احد الطرفين علي الاخر بلا مرجح فلا يؤثر شي ء منهما.

الوجه الثالث صحة عتق العبد

لان الاجازة ابقاء للعقد و الاصل بقائه و اورد فيه بأن عتق العبد متوقف علي عدم عتق الجارية و المفروض انه اعتق كليهما فلا يؤثر لا هذا و لا ذاك.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 78

و الّذي يختلج بالبال أن يقال ان الحق هو الوجه الثالث لكن لا بالتقريب المتقدم بل من باب ان عتق العبد صدر من اهله و وقع في محله فيؤثر اثره و لا يكون عتقه مسقطا لخياره اذ الخيار لا يسقط بانعدام العين حكما أو حقيقة اذ الخيار عارض علي العقد لا علي العين.

و أما عتقه للجارية فهو باطل فان صحته متوقف علي دخولها في ملكه و دخولها في ملكه يتوقف علي الفسخ و قد مر منا و تقدم ان الانتقال لا يحصل الا مع الفسخ.

و بعبارة اخري انتقال الامة الي ملك الفاسخ متأخر عن فسخه رتبة و زمانا فلا يكون عتقه واقعا في ملكه نعم يكون عتقا فضوليا و ادعي الاجماع علي عدم جريان الفضولي في الايقاعات و قدس الكلام حول هذه الجهة قريبا.

«قوله قدس سره: صحة عتق الجارية»

الالتزام بصحة عتق الجارية يتوقف علي الالتزام بدخولها في ملك مشتري العبد اذ لا عتق الا في ملك و من الظاهر ان انتقالها الي ملكه متأخر عن الفسخ رتبة و زمانا فالنتيجة عدم امكان صحة العتق فان الفسخ لا بدّ أن يتقدم علي العتق و المفروض عدمه.

هذا بالنسبة الي عتق الجارية و أما عتقه للعبد فان قلنا بعدم جواز التصرف في العين في زمان خيار الطرف المقابل فلا أثر له أيضا

و ان لم نقل به يكون عتقه جائزا و لا يستلزم العتق فسخ العقد.

نعم يمكن أن يقصد المشتري بعتق العبد أمرين احدهما عتق العبد ثانيهما فسخ العقد و لا تنافي بين الامرين غاية الامر بعد الفسخ

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 79

حيث لا يمكنه ارجاع العبد تصل النوبة الي دفع القيمة و اذا امكنه الارجاع بالخيار أو بالعقد الجديد أو سبب آخر وجب.

«قوله قدس سره:

مسألة من احكام الخيار عدم جواز تصرف غير ذي الخيار تصرفا يمنع من استرداد العين عند الفسخ»
اشارة

وقع الكلام بينهم في أنه هل يجوز تصرف من عليه الخيار في العين تصرفا مانعا عن الاسترداد أم لا و يقع الكلام في هذه المسألة من جهات.

الجهة الأولي في انه هل يجوز له تكليفا التصرف في العين

فنقول مقتضي القاعدة الاولية هو الجواز فان الحق ان العين تملك و تنتقل الي ملك المشتري و لا يتوقف حصول الملكية علي انتهاء زمان الخيار.

و بعبارة اخري: كل شخص مسلط علي تصرفه في ماله فالقاعدة الاولية تقتضي الجواز و أما المنع فيتوقف علي قيام دليل.

و أما الاستدلال علي المنع بأن العين لا تدخل في ملك الطرف الا بعد انقضاء الخيار و من الظاهر انه لا يجوز التصرف في ملك الغير.

فيرد عليه انه لا دليل علي هذه الدعوي فان مقتضي القاعدة الاولية انتقال كل من العوضين الي ملك الاخر بمجرد العقد و لا دليل علي التوقف المذكور.

ان قلت يستفاد المدعي المذكور من حديث ابن سنان- يعني عبد اللّه- قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري الدابة أو العبد و يشترط الي يوم أو يومين فيموت العبد و الدابة أو يحدث فيه حدث علي من ضمان ذلك فقال علي البائع حتي ينقضي الشرط ثلاثة ايام و يصير المبيع للمشتري «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب الخيار الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 80

فان قوله عليه السلام في ذيل الحديث «حتي ينقضي الشرط و يصير المبيع للمشتري» يدل علي توقف الانتقال علي انقضاء زمان الخيار فان هذه الرواية تدل علي عدم الانتقال الا بعد مضي زمان الخيار و حيث انه لا يمكن الالتزام به فاقرب المجازات الالتزام بعدم جواز التصرف في ذلك الزمان و هو المطلوب.

قلت يرد علي التقريب المذكور أولا انه يختص ببعض الخيارات.

و

ثانيا ان لازمه الالتزام بحرمة مطلق التصرف لا خصوص التصرف المتلف.

و ثالثا ان لازم التقريب المذكور عدم جواز تصرف ذي الخيار و من له الخيار فيما انتقل إليه فلا يمكن الالتزام بمفاد الرواية فيكون المراد انه ما دام الخيار باقيا يكون من عليه الخيار ضامنا و الضمان حكم تعبدي شرعي.

و ربما يستدل علي مدعي الخصم بأن من له الخيار له حقان في عرض واحد احدهما فسخ العقد و هدمه ثانيهما: استرداد العين أو نقول له الفسخ و حل العقد لان يسترد العين مع بقائها و يسترد البدل مع انعدامها و علي كلا التقديرين لا يجوز اعدام العين اذ اعدامها ينافي مع حق ذي الخيار كما انه لا يجوز للراهن التصرف في العين المرهونة مع كونها مملوكة له فكون شي ء مملوكا لاحد لا يستلزم جواز التصرف فيه.

و يرد عليه ان ما افيد في مقام الاستدلال و ان كان ممكنا ثبوتا لكن لا دليل عليه في مقام الاثبات و عليه نقول يجوز لمن عليه الخيار التصرف في العين اعم من أن يكون له الخيار أم لا و بلا فرق بين الخيار الشرعي و الجعلي نعم اذا اشترط في ضمن العقد عدم تصرفه

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 81

في العين يجب عليه العمل بالشرط و هذا مطلب آخر و لا يرتبط بما نحن بصدده.

الجهة الثانية انه لو تصرف من عليه الخيار تصرفا اعتباريا

كما لو باع العين في زمان الخيار فهل يكون نافذا الظاهر انه علي مقتضي القاعدة يكون تصرفه نافذا و يكون بيعه صحيحا اذ المفروض انه تصرف صادر من اهله واقع في محله.

الجهة الثالثة انه لو باع العين ثم اعمل ذو الخيار حقه و حل العقد

فما هي الوظيفة و الحق أن يقال ان البائع للعين تارة يمكنه استرجاعها باعمال الخيار ان كان النقل خياريا أو بالاشتراء أو نحوه أو لا يمكنه الاسترجاع.

اما مع عدم امكان الاسترجاع فالامر ظاهر و تصل النوبة الي البدل و اما مع امكانه باعمال الخيار فيكون الاسترجاع واجبا عليه اذ علي ما بنينا عليه في محله ان العين المضمونة تنتقل بنفسها الي ذمة الضامن و انما يصل الامر الي البدل من المثل أو القيمة من باب البدلية و عليه لو كان الاسترجاع ممكنا يجب عليه.

و اما اذا لم يكن العقد خياريا لكن يمكنه الاسترجاع باشتراء و نحوه فتارة يتضرر البائع بالاسترجاع و اخري لا يتضرر أما علي الاول فعلي مسلك المشهور فلا يجب عليه و أما علي المسلك المنصور فيجب.

و اما علي الثاني فاما لا يكون في الاسترجاع مانع عن التكليف كالحرج مثلا و اما يكون أما علي الاول فيجب لتمامية المقتضي و عدم المانع و اما علي الثاني فلا يجب.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 82

[مسألة المشهور أن المبيع يملك بالعقد]
اشارة

«قوله قدس سره: مسألة المشهور ان المبيع يملك بالعقد»

وقع الكلام في ان المبيع في البيع الخياري يملك بالعقد أو يتوقف حصول الملكية علي انقضاء ايام الخيار و المشهور فيما بينهم هو الاول و الكلام في هذه المسألة يقع في مقامين

المقام الأول فيما تقتضيه القاعدة الاولية.
اشارة

المقام الثاني في أنه هل هناك ما يقتضي الذهاب الي خلاف المشهور.

فنقول اما المقام الأول فيمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه

الوجه الأول: ان البائع حين البيع اما يقصد نقل العين الي المشتري من حين العقد

كما يقصد المزوج الزواج في النكاح كذلك أو يقصد نقلها إليه من حين انقضاء الخيار أو يكون مهملا اما الاهمال فلا يعقل بالنسبة الي الواقع و أما النقل من حين انقضاء الخيار فلا وجه له فيكون المتعين التمليك من زمان العقد و الامضاء الشرعي مطابق مع الانشاء المعاملي.

و بعبارة اخري العقود تابعة للقصود و ببيان واضح الامضاء الشرعي علي طبق الاعتبار العرفي العقلائي و من الظاهر ان في اعتبار العقلاء يكون العين مملوكة للمشتري من حين العقد كما ان الثمن يكون مملوكا للبائع كذلك.

الوجه الثاني: انه لو فرض ان البائع مات قبل انقضاء زمان الخيار

فهل ينتقل المبيع الي وارثه أو ينتقل الي المشتري أو تبقي في ملكه أو يصير بلا مالك في تلك المدة.

اما الانتقال الي الوارث فهو خلاف كونه مبيعا من الغير مضافا الي أنه كيف يمكن أن يتملك الوارث العوض و المعوض كليهما.

و اما انتقاله الي المشتري فهو كرّ الي ما فرّ منه و أما بقائه في

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 83

ملكه فهو غير معهود و أما بقائه بلا مالك فلا وجه له.

الوجه الثالث ما دل من النص علي جواز النظر الي الامة المشتراة في زمان الخيار

الي ما يحرم النظر إليه قبل الاشتراء لاحظ حديث علي بن رئاب «1».

فانه لو لم تكن العين مملوكة للمشتري قبل انقضاء زمان الخيار لم يكن النظر الي بعض اعضائها جائزا فيعلم انه بالبيع ينتقل المبيع إليه.

الوجه الرابع ما دل من النص علي كون نماء المبيع في بيع الخيار برد الثمن للمشتري

لاحظ ما رواه اسحاق ابن عمار قال حدثني من سمع أبا عبد اللّه عليه السلام و سأله رجل و انا عنده فقال رجل مسلم احتاج الي بيع داره فجاء الي اخيه فقال ابيعك داري هذه و تكون لك احبّ إليّ من أن تكون لغيرك علي أن تشترط لي ان أنا جئتك بثمنها الي سنة ان تردّ علي فقال لا بأس بهذا ان جاء بثمنها الي سنة ردها عليه قلت فانها كانت فيها غلة كثيرة فأخذ الغلة لمن تكون الغلة فقال الغلة للمشتري الا تري انه لو احترقت لكانت من ماله «2» فان النماء تابع للاصل فيعلم ان الاصل له و النماء يصير له أيضا.

الوجه الخامس: الاخبار الواردة في العينة

لاحظ ما رواه بشار بن يسار قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يبيع المتاع بنساء فيشتريه من صاحبه الذي يبيعه منه قال نعم لا بأس به فقلت له

______________________________

(1) قد تقدم في ص 74.

(2) الوسائل الباب 8 من ابواب الخيار الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 84

اشتري متاعي فقال ليس هو متاعك و لا بقرك و لا غنمك «1».

فانه لو لم تكن العين مملوكة للمشتري في زمان الخيار فكيف يمكنه بيعها في ذلك الزمان مع ان البيع يشترط أن يكون واقعا علي المملوك.

و بعبارة واضحة هذه الطائفة تدل علي جواز بيع العين من البائع و لو مع فرض كون العقد خياريا فان اطلاقها يقتضي ذلك.

الوجه السادس: قوله صلي اللّه عليه و آله الخراج بالضمان

بتقريب ان ضمان المبيع في زمان الخيار المشترك أو المختص بالبايع علي المشتري فخراجها له و هذه آية كونها مملوكة له.

و يرد عليه ان الحديث لا سند له فلا يعتد به.

الوجه السابع: قوله عليه السلام البيعان بالخيار ما لم يتفرقا

بتقريب ان الخيار يقتضي ارجاع العين في ملكه و من الظاهر ان الارجاع فرع دخول المبيع في ملك المشتري.

و يرد عليه ان الخيار متعلق بالعقد لا بالعين فلا تنافي بين الخيار و عدم دخول العين في ملك احد الطرفين.

الوجه الثامن: النصوص الدالة علي ان العبد المبيع ان كان له مال يكون المال مالا للمشتري الا مع عدم علم البائع بالمال

لاحظ ما رواه زرارة قال قلت لابي عبد اللّه عليه السلام الرجل يشتري المملوك و له مال لمن ماله فقال ان كان علم البائع ان له مالا فهو للمشتري و ان لم يكن علم فهو للبائع «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب احكام العقود الحديث 3.

(2) الوسائل الباب 7 من ابواب بيع الحيوان الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 85

و مثله غيره بتقريب ان المستفاد من ظاهر تلك النصوص ان مال العبد يصير مالا للمشتري بنفس الاشتراء و من الظاهر انه لا يمكن أن يصير مال العبد الّذي هو تابع للعين مملوكا للمشتري بمجرد العقد و اما نفس العين فلا تتملك الا بعد انقضاء الخيار.

الوجه التاسع: انه قد تقدم آنفا جواز التصرف الوضعي في العين من قبل من يكون عليه الخيار

و الحال ان البيع يتوقف علي كون العين مملوكة للبائع هذا تمام الكلام في المقام الأول.

و اما

المقام الثاني فما يمكن أن يستدل به علي القول المقابل لمقالة المشهور

ما دل من النص علي كون ضمان المبيع في زمان خيار المشتري علي البائع لاحظ حديث ابن سنان «1».

و أيضا ما رواه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال و ان كان بينهما شرط اياما معدودة فهلك في يد المشتري قبل أن يمضي الشرط فهو من مال البائع «2».

فان مقتضي الحديثين الشريفين ان ضمان المبيع في زمان الخيار علي البائع و من ناحية اخري قد دل النص علي أن الخراج بالضمان فيتوقف حصول الملكية علي انقضاء زمان الخيار.

و يرد عليه ان حديث الخراج بالضمان لا اعتبار به مضافا الي ان التزام الشيخ الطوسي قدس سره بالتوقف في مورد الخيار المختص بالمشتري اوّل الكلام فتحصل ان القاعدة الاولية تقتضي ان الانتقال يحصل بالعقد و ليس في قبالها ما يكون قابلا لمعارضتها.

______________________________

(1) قد تقدم في ص 79.

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الخيار الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 86

[مسألة و من أحكام الخيار كون المبيع في ضمان من ليس له الخيار في الجملة]
اشارة

«قوله قدس سره: مسألة و من احكام الخيار كون المبيع في ضمان من ليس له الخيار في الجملة»

الظاهر ان وجه تعبيره بقوله في الجملة من جهة ان التسالم علي الحكم المذكور لا يشمل جميع الخيارات و قبل الخوض في البحث ينبغي تأسيس اصل اولي يكون مرجعا عند الشك و هو ان المالك اذا باع ملكه يكون تلف ذلك الملك و تلك العين علي المشتري و لا مقتضي لكون تلفه علي البائع و الالتزام بضمان البائع يحتاج الي الدليل

و بعبارة اخري لا مقتضي لانفساخ العقد و رجوع العين الي ملك البائع فان الانفساخ يتوقف علي قيام دليل شرعي.

ان قلت: قبل القبض يكون البائع ضامنا بمقتضي كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال

بايعه و مقتضي الاستصحاب بقاء الضمان الي زمان انقضاء الخيار.

قلت: يرد عليه أولا ان تمامية تلك القاعدة اوّل الكلام و الاشكال و لا بدّ من ملاحظتها.

و ثانيا انه علي فرض تماميتها يكون الاستدلال المذكور اخص من المدعي اذ يمكن أن يفرض ان المبيع مقبوض من الاول.

و ثالثا ان عنوان المقبوض يضاد غيره و يشترط في الاستصحاب وحدة الموضوع.

و رابعا ان الضمان بالمثل أو القيمة لا تكون له حالة سابقة و بمعني انفساخ العقد يرجع الي الاستصحاب التعليقي الّذي لا نقول به.

و خامسا ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم جعل الزائد.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 87

و سادسا ان حديث عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشتري متاعا من رجل و أوجبه غير انه ترك المتاع عنده و لم يقبضه قال آتيك غدا ان شاء اللّه فسرق المتاع من مال من يكون قال: من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتي يقبض المتاع و يخرجه من بيته فاذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتي يرد ماله إليه «1»، يقتضي عدم الضمان بعد القبض فتحصل ان الاصل الاولي يقتضي عدم الضمان.

ثم ان الماتن قد تعرض في هذه المسألة لعدة فروع:

الفرع الأول ان الخيار لو كان مختصا بالمشتري و كان الخيار خيار الحيوان يكون تلف الحيوان في مدة الخيار علي البائع.

و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه عن ابي عبد اللّه عليه السلام «2».

و منها ما رواه بشار بن يسار «3»، و منها ما رواه حسن بن علي بن رباط عمن رواه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال ان حدث بالحيوان قبل ثلاثة ايام فهو من مال البائع «4».

الفرع الثاني انه لو كان الخيار مختصا بالمشتري و كان الخيار خيار الشرط يكون تلف المبيع علي البائع

و ادعي عليه عدم الخلاف و يدل علي المدعي عدة روايات منها ما رواه ابن سنان «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب الخيار الحديث 1.

(2) قد تقدم في ص 79.

(3) قد تقدم في ص 83.

(4) الوسائل الباب 5 من ابواب الخيار الحديث 5.

(5) قد تقدم في ص 85.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 88

و منها ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري امة بشرط من رجل يوما أو يومين فماتت عنده و قد قطع الثمن علي من يكون الضمان فقال ليس علي الّذي اشتري ضمان حتي يمضي شرطه «1».

و منها ما رواه عبد اللّه بن الحسن بن زيد بن علي بن الحسين عن ابيه عن جعفر بن محمد عليهم السلام قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في رجل اشتري عبدا بشرط ثلاثة ايام فمات العبد في الشرط قال يستحلف باللّه ما رضيه ثم هو بري ء من الضمان «2».

الفرع الثالث: انه هل يجري الحكم المذكور في خيار المجلس؟

ربما يقال انه قد اطلق الشرط علي خيار المجلس لاحظ ما رواه فضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال قلت له ما الشرط في غير الحيوان قال البيعان بالخيار ما لم يفترقا فاذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما «3» فانه يستفاد من هذه الرواية ان الشرط يطلق علي خيار المجلس.

و لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «4» فانه يستفاد من هذه الرواية ان الميزان مضي زمان الشرط فيستفاد من مجموع الحديثين ان الميزان بقاء الشرط و عدمه.

و يرد عليه أولا ان اطلاق الشرط علي الخيار في سؤال الراوي لا في كلام الامام عليه السلام.

______________________________

(1)

الوسائل الباب 5 من ابواب الخيار الحديث 1.

(2) الوسائل الباب 5 من ابواب الخيار الحديث 4.

(3) الوسائل الباب 1 من ابواب الخيار الحديث 3.

(4) قد تقدم آنفا.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 89

و ثانيا ان الحديث الثاني مرسل و لا اعتبار به.

و ثالثا ان الظاهر من الحديث ان الموضوع انقضاء الشرط المجعول بينهما لا مطلق الخيار.

الفرع الرابع: انه هل يجري الحكم المذكور في بقية الخيارات أم لا

الظاهر انه لا وجه لتسريه و غاية ما يمكن أن يستدل به علي الاطلاق ما تقدم آنفا بأن يقال يستفاد من قوله عليه السلام في حديث ابن سنان و يصير المبيع للمشتري «1».

بتقريب ان المستفاد من الحديث ان الميزان انقضاء زمان خيار المشتري و صيرورة العقد لازما لكن الجزم بما ذكر مشكل فان الموضوع المذكور في الحديث أمران احدهما انقضاء الشرط اي مضي ثلاثة ايام أو انقضاء زمان الشرط المجعول بين المتعاقدين ثانيهما صيرورة العقد لازما فلا مجال للتعدي عن المورد.

و ربما يقال بأن قوله عليه السلام في حديث ابن سنان «2» فهلك في يد المشتري قبل أن يمضي الشرط فهو من مال البائع يشمل مطلق الخيار.

و يرد عليه انه لا دليل عليه و التعدي قول بغير علم و ببيان واضح ان الظاهر من قوله روحي فداه و ان كان فيها شرط اياما معدودة خيار الشرط فلا وجه للتعدي الي مطلق الخيار.

و مما ذكرنا يعلم ان الاستدلال علي المدعي بحديث ابن زيد «3»

______________________________

(1) قد تقدم في ص 79.

(2) قد تقدم في ص 85.

(3) قد تقدم في ص 88.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 90

بالتقريب المذكور غير تام مضافا الي الاشكال في السند.

الفرع الخامس ان الحكم المذكور يختص بالحيوان و لا يجري في غيره من الاعيان

لاختصاص النصوص به فلاحظ.

الفرع السادس ان الحكم المذكور هل يختص بالمشتري أو يعم البائع
اشارة

الحق هو الاختصاص و

ما يمكن أن يذكر سندا للعموم وجهان:
الوجه الأول ان المستفاد من النص ان الميزان انقضاء الخيار و لزوم العقد بالنسبة الي من له الخيار.

و فيه انه لا دليل علي المدعي المذكور و ظاهر نصوص المقام اختصاص الحكم بالمشتري و اقل ما يمكن أن يقال عدم دليل علي العموم.

الوجه الثاني استصحاب الضمان الثابت قبل القبض

و يرد فيه ما اوردناه في نظيره و مع الاغماض عن الوجوه التي ذكرنا لا مجال للاستصحاب لكونه معارضا باستصحاب عدم جعل الزائد.

الفرع السابع ان الحكم المذكور هل يختص بمورد يكون الخيار مختصا بالمشتري أو يعم

ما لو كان الخيار لا يختص به الّذي يختلج بالبال ان يقال لا بدّ من التفصيل بين خيار الحيوان و خيار الشرط بأن يقال يشترط في الاول الاختصاص و لا يشترط في الثاني و الوجه فيه انه يستفاد من حديث ابن سنان «1» ان الحكم المذكور صيرورة العين لازمة للمشتري و لا يكون العقد متزلزلا حيث قال عليه السلام في تلك الرواية «و يصير المبيع للمشتري» اي لا يكون متزلزلا و الحال انه لو كان البائع ذا خيار لا يكون العقد لازما بالنسبة الي المشتري.

______________________________

(1) قد تقدم في ص 79.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 91

و يستفاد من ذيل الحديث ان الميزان في خيار الشرط انقضاء الزمان المجعول بينهما.

الفرع الثامن انه هل يختص الحكم المذكور بالمبيع الشخصي أم يعم الكلي

الظاهر من نصوص المقام المبيع الشخصي فان الظاهر عروض التلف و الهلاك لنفس المبيع و المبيع الكلي لا معني لهلاكه و تلفه و انما يقع التلف و الهلاك علي مصداقه.

و ان ابيت فلا اقل من عدم امكان الجزم بالعموم و ان شئت قلت:

النص مجمل من هذه الجهة.

الفرع التاسع: ان ضمان البائع للعين اي ضمان

و بعبارة اخري ان المراد بالضمان ضمان المثل أو القيمة أو ان المراد بالضمان ان العقد ينفسخ بالتلف و يعتبر التلف في مملوك البائع الحق هو لا خير.

و يدل علي المدعي بالصراحة بالنسبة الي التلف في زمان خيار الشرط حديث ابن سنان «1» فانه عليه السلام قد صرح بقوله فهو من مال البائع و يدل عليه بالظهور بالنسبة الي خيار الحيوان صدر الحديث «2».

و يدل عليه بالصراحة بالنسبة الي خيار الحيوان ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال ان حدث بالحيوان قبل ثلاثة ايام فهو من مال البائع «3».

فان الرواية و ان كانت مرسلة برواية الشيخ لكنها مسندة برواية الصدوق.

______________________________

(1) قد تقدم في ص 85.

(2) قد تقدم في ص 79.

(3) الوسائل الباب 5 من ابواب الخيار ذيل حديث 5.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 92

الفرع العاشر: ان تلف الجزء كتلف الكل

لاحظ حديثي ابن سنان و زرارة «1» فانه عليه السلام قال في الحديث الاول أو يحدث فيه حدث في مقابل موت العبد و الدابة و في الحديث الثاني عبر عليه السلام ان حدث بالحيوان الخ.

الفرع الحادي عشر: انه لو تلف وصف الصحة فهل يتحقق الضمان علي البائع.

لا اشكال في عدم الانفساخ لا كلا و لا بعضا اذ لا يقع في مقابل وصف الصحة شي ء من الثمن انما الكلام في أنه هل يتحقق خيار للمشتري بين الفسخ و الارش كالعيب السابق أو يثبت خصوص الارش و سيأتي بيان ما هو الحق إن شاء اللّه عند تعرض الماتن لحكم التعيب قبل القبض فانتظر و لو لا التسالم و الاجماع الكاشف يشكل الالتزام بالضمان بالنسبة الي تلف الوصف فان عنوان حدوث الحدث في العين و ان كان صادقا علي التعيّب لكن إرادة الضمان بالانفساخ تارة و بالتخيير بين الرد و الارش اخري استعمال للفظ واحد في معنيين و هو خلاف الظاهر.

الفرع الثاني عشر: ان ترتب الحكم المذكور يختص بالتلف الناشي عن آفة سماوية و شبهها

أو بالتلف الناشي من حكم الشارع بالتلف و أما اذا كان باتلاف ذي الخيار أو باتلاف من عليه الخيار أو باتلاف الاجنبي فلا يترتب عليه الحكم لانصراف الدليل عن صورة الاتلاف.

و علي جميع التقادير هل يسقط خيار ذيه بالاتلاف الظاهر انه

______________________________

(1) قد تقدم في ص 79 و 85 و 91.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 93

لا وجه له بل الخيار باق بحاله فان سقوط الخيار باتلاف ذيه أو من عليه أو الاجنبي لا مقتضي له و مقتضي القاعدة بقائه و علي هذا الاساس نقول ان كان الاتلاف بسبب ذي الخيار و بعده فسخ العقد يكون ضامنا للبائع بالمثل او القيمة.

و اما اذا كان باتلاف من عليه الخيار فان فسخ ذو الخيار يرجع بالثمن و الا يرجع الي البائع بالمثل أو القيمة.

و اما اذا كان باتلاف الاجنبي فان أمضي ذو الخيار يرجع الي المتلف بالمثل أو القيمة و أما اذا فسخ العقد فيرجع بالثمن و أما البائع فهل يرجع الي المشتري أو

يرجع الي المتلف أو يكون مخيرا بين الامرين.

ربما يقال بأن القاعدة تقتضي الرجوع الي المتلف اذ المفروض ان بدل العين التالفة في ذمة المتلف و العين التالفة بعد الفسخ ملك للمالك السابق فيكون للبائع المفسوخ عليه الرجوع علي المتلف.

و يرد عليه ان ضمان المتلف بالنسبة الي المشتري اذ المفروض ان المتلف أتلف ماله فيكون ضامنا له و لذا يجوز للمشتري ابراء ذمة المتلف و بالفسخ يصير المشتري الفاسخ للعقد ضامنا للمفسوخ عليه اي البائع.

و مما ذكرنا علم ان التخيير لا وجه له اذ ربما يقال به بتقريب ان المقام من صغريات تعاقب الايدي و يرد عليه ان الامر ليس كذلك فان المفروض ان المتلف ضامن للمشتري و المشتري ضامن للبائع فالحق هو القول الاول و هو رجوع البائع الي الفاسخ اي المشتري فلاحظ.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 94

«قوله قدس سره:

مسألة و من احكام الخيار ما ذكره في التذكرة فقال لا يجب علي البائع تسليم المبيع»

الظاهر انه لا دليل علي الحكم المذكور و عليه يجب الاقباض علي كل واحد من الطرفين عند اقباض الاخر و حيث ان أصل الحكم بلا اساس لا تصل النوبة الي البحث عن الخصوصيات.

[مسألة هل يسقط الخيار بتلف العين]

«قوله قدس سره: مسألة قال في القواعد لا يبطل الخيار بتلف العين»

تارة يتعلق الخيار بحل العقد و امضاءه كما في خيار المجلس حيث يستفاد من الدليل ان المتعاقدين بالخيار ما دام المجلس باقيا و أما اذا افترقا فيجب البيع.

و اخري يكون المستفاد من الدليل جواز رد العين و ثالثة يكون الدليل مجملا أما علي الاول فلا اشكال في بقاء الخيار بعد تلف العين و لا وجه لسقوطه بتلفها و بعبارة اخري: حل العقد و امضائه لا يرتبط ببقاء العين و عدمه.

و أما علي الثاني فلا اشكال في سقوط الخيار فان رد العين و ان كان معناه الرد في وعاء الاعتبار و في ظرف الملكية لكن الميزان صدق العنوان المذكور و هو رد العين فلا بد من بقائها كي يصدق ردها في عالم الاعتبار و لا مجال لاستصحاب بقاء الخيار فانه عليه لا شك في انعدام الموضوع.

مضافا الي ان دليل وجوب الوفاء بالعقد محكم و قد ذكرنا سابقا ان المحكم عند الشك اطلاق وجوب الوفاء و انما نرفع اليد عنه بمقدار دلالة الدليل علي التخصيص.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 95

و أما اذا كان الدليل مجملا فأيضا المحكم اطلاق وجوب الوفاء بلا اشكال و لا كلام.

«قوله قدس سره: نعم هنا موارد تاملوا في ثبوت الخيار مع التلف»

الذي يختلج بالبال أن يقال الخيار اما شرعي ثابت بالدليل الشرعي و اما جعلي من باب جواز جعل الخيار أما علي الاول فقد مر حكمه

و قلنا تارة رتب الحكم علي عنوان رد العين و اخري يكون المستفاد من الدليل جواز حل العقد فعلي التقدير الاول لا مقتضي لبقاء الخيار اذ الموضوع علي الفرض عبارة عن رد العين و هو غير ممكن.

و علي التقدير الثاني فاما الدليل مطلق و اما لا أما علي الاول فالخيار باق بلا اشكال و أما علي الثاني فالمحكم اطلاق دليل وجوب الوفاء هذا بالنسبة الي الخيار الشرعي.

و أما في الخيار الجعلي فالميزان مقدار جعل الخيار سعة و ضيقا فمع احراز مقدار الجعل يكون الامر ظاهرا و أما لو وصلت النوبة الي الشك فالمحكم عموم وجوب الوفاء.

و ان شئت قلت: الشك في وجوب الوفاء و عدمه ناش عن الشك في سعة الجعل و مقتضي الاصل عدم سعته فيترتب عليه اللزوم فلاحظ.

[مسألة لو فسخ ذو الخيار فالعين في يده مضمونة بلا خلاف]
اشارة

«قوله قدس سره: مسألة لو فسخ ذو الخيار فالعين في يده مضمونة بلا خلاف»

تعرض الماتن في هذه المسألة لفرعين:

الفرع الأول انه لو فسخ ذو الخيار تكون العين في يده مضمونة

و لا بدّ من اقامة دليل علي

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 96

الضمان اذ مجرد عدم الخلاف بما هو لا يكون من الادلة.

فربما يقال بأن المدرك استصحاب الضمان الثابت قبل الفسخ اذ من الظاهر ان العين كانت مضمونة بالعوض و بعد الفسخ ببركة الاستصحاب نحكم بالضمان.

و يرد عليه أولا ان الاستصحاب المذكور من اقسام الاستصحاب الكلي من القسم الثالث اذ ذلك الضمان الثابت قبل الفسخ قد ارتفع و حدوث ضمان جديد مشكوك فيه و محكوم بالعدم.

و ثانيا ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد.

و ربما يقال ان الدليل علي الضمان حديث اليد و يرد عليه ان الحديث ضعيف لا يعتد به.

و قد افاد المحقق الايرواني و تبعه سيدنا الاستاد تفصيلا في المقام و هو التفصيل بين تفريط الفاسخ في اعلام الطرف المقابل و عدمه بالحكم بالضمان في صورة التفريط و عدمه في غير هذه الصورة.

و الّذي يختلج بالبال أن يقال ان مقتضي السيرة العقلائية ضمان العين بعد الفسخ بالمثل أو القيمة فان العقلاء يرون الفاسخ ضامنا للعين و يرون انه ملزم بأن يوصل العين الي مالكها علي تقدير بقائها و علي تقدير تلفها حقيقة أو حكما يرونه ضامنا للمثل أو القيمة و الظاهر انه لا وجه للتفصيل الذي التزم به سيدنا الاستاد تبعا للايرواني.

الفرع الثاني: أن المفسوخ عليه هل يكون ضامنا أم لا

الظاهر عدم الفرق بين الموردين من هذه الجهة اي يكون المفسوخ عليه

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 97

أيضا ضامنا بالمثل أو القيمة كما ان الفاسخ كذلك و لا تنافي بين عدم كون الفاسخ غاصبا و كونه ضامنا فان المأخوذ بالسوم يكون جائز الاخذ و مع ذلك يكون الاخذ ضامنا.

[القول في النقد و النسيئة]

[أقسام البيع باعتبار تأخير و تقديم أحد العوضين]

اشارة

«قوله قدس سره: قال في التذكرة ينقسم البيع باعتبار التقديم و التأخير في احد العوضين الي أربعة اقسام»

بالنسبة الي تأخير الثمن او تأخير المبيع بحيث يكون التأخير حقا للطرف شبهة و هي ان اشتراط حق التأخير خلاف المقرر الشرعي حيث انه ليس لاحد حبس مال الغير و امساك مملوكه الا باذنه فاشتراط حق التأخير شرط مخالف للشرع و من ناحية اخري الشرط لا يكون مشرعا فما الحيلة و ما الوسيلة.

[الاستدلال علي جواز اشتراط حق التأخير بوجوه]
اشارة

و يمكن اثبات الجواز بوجوه

الوجه الأول السيرة العقلائية

الجارية علي المنوال المذكور في النسية و السلم و هذه السيرة ممضاة من قبل الشارع الاقدس.

الوجه الثاني النصوص الدالة علي الجواز

منها ما رواه عبد اللّه ابن سنان قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسلم في غير زرع و لا نخل قال يسمّي كيلا معلوما الي اجل معلوم الحديث «1».

و منها ما رواه ابو مريم الانصاري عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان اباه لم يكن يري بأسا بالسلم في الحيوان بشي ء معلوم الي اجل معلوم 2.

و منها ما رواه قتيبة الاعشي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 3 من ابواب السلف الحديث 1 و 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 98

الرجل يسلم في أسنان من الغنم معلومة الي اجل معلوم فيعطي الرباع مكان الثني فقال أ ليس يسلم في أسنان معلومة الي اجل معلوم قلت بلي قال لا بأس «1».

و منها ما رواه سماعة قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن السلم و هو السلف في الحرير و المتاع الذي يصنع في البلد الذي انت به قال نعم اذا كان الي اجل معلوم 2.

و منها ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام لا بأس بالسلم كيلا معلوما الي اجل معلوم و لا تسلمه الي دياس و لا الي حصاد 3.

و منها ما رواه سليمان بن خالد في حديث انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يسلم في غير زرع و لا نخل قال يسمّي شيئا الي اجل مسمّي «4».

و منها ما رواه حديد بن حكيم قال: قلت لابي عبد اللّه عليه السلام رجل اشتري الجلود

من القصاب فيعطيه كل يوم شيئا معلوما فقال لا بأس به 5.

و منها ما رواه سماعة قال سألته عن السلم و هو السلف في الحرير و المتاع الّذي يصنع في البلد الّذي انت فيه قال نعم اذا كان الي اجل معلوم و سألته عن السلم في الحيوان اذا و صفته الي اجل و عن السلف في الطعام كيلا معلوما الي اجل معلوم فقال لا بأس 6.

و منها ما رواه احمد بن محمد قال: قلت لابي الحسن عليه السلام

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 3 من ابواب السلف الحديث 3 و 4 و 5.

(4) (4 و 5 و 6) نفس المصدر الحديث 6 و 7 و 8.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 99

اني اريد الخروج الي بعض الجبال فقال ما للناس بدّ من ان يضطربوا سنتهم هذه فقلت له جعلت فداك انّا اذا بعناهم بنسية كان اكثر للربح قال فبعهم بتأخير سنة قلت بتأخير سنتين قال نعم قلت بتأخير ثلاث قال لا «1».

و منها ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشتري من رجل جارية بثمن مسمّي ثم افترقا فقال وجب البيع و الثمن اذا لم يكونا اشترطا فهو نقد «2».

و منها ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر انه قال لابي الحسن الرضا عليه السلام ان هذا الجبل قد فتح علي الناس منه باب رزق فقال ان اردت الخروج فاخرج فانها سنة مضطرب و ليس للناس بدّ من معاشهم فلا تدع الطلب فقلت انهم قوم ملاء و نحن نحتمل التأخير فنبايعهم بتأخير سنة قال بعهم قلت سنتين قال بعهم قلت ثلاث سنين قال لا

يكون لك شي ء اكثر من ثلاث سنين «3».

الوجه الثالث: نفوذ الشرط

فان المشتري أو البائع اذا اذن في الامساك بالشرط المقارن مع العقد لا يمكنه الرجوع عن اذنه لان المؤمن عند شرطه و لذا يمكن أن يقال اذا اذن في ضمن الشرط احد لغيره التصرف في ماله لا يمكنه الرجوع عن الاذن المذكور فان رجوعه لغو اذ المفروض ان الاذن الصادر منه بالشرط و الشرط نافذ و الوفاء به لازم و ليس للمشروط عليه الرجوع فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب احكام العقود الحديث 1.

(2) نفس المصدر الحديث 3.

(3) نفس المصدر الحديث 3.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 100

[مسألة إطلاق العقد يقتضي النقد]

اشارة

«قوله قدس سره: مسألة اطلاق العقد يقتضي النقد»

ذكر الماتن في المسألة امورا

الأمر الأول ان اطلاق العقد يقتضي النقد

و قد علل الحكم المذكور في التذكرة بأن مقتضي العقد انتقال كل من العوضين الي الاخر فيجب الخروج عن العهدة.

و الحق في التعبير ان يقال اذا لم يشترط حق التأخير لا في ناحية الثمن و لا في ناحية المبيع و الحال ان العقد يوجب تملك كل من المتعاقدين ما انتقل إليه يترتب عليه وجوب الخروج عن العهدة.

و بعبارة اخري: النقد عبارة عن التملك مع عدم حق للطرف المقابل علي التأخير و يترتب علي النقد وجوب الخروج عن العهدة و الحاصل انه لا اشكال في الحكم المذكور.

و لا يخفي انه ليس المراد من الاطلاق مقام الاثبات و الدلالة بل المراد من الاطلاق عدم التقييد بالسلم أو بالنسية و يدل علي الحكم المذكور النص لاحظ ما رواه عمار «1» فان المستفاد من الحديث ان الثمن اذا لم يشترط فيه حق التأخير يكون نقدا.

الأمر الثاني: ان وجوب الدفع منوط بمطالبة مالك الثمن

فانه اذا طالب و كان طلبه عن حق بأن أقبض المبيع أو مكّن المشتري من القبض علي الخلاف فيه يجب علي المشتري الخروج عن العهدة.

و يمكن أن يقال ان وجوب الدفع لا ينوط بالمطالبة بل يجب عليه الخروج و لو مع عدم المطالبة الا اذا كان راضيا بعدم الدفع و صفوة القول انه يجب تسليم مال الغير الا في صورة كون الطرف المقابل راضيا بالامساك و عدم الاقباض.

______________________________

(1) قد تقدم في ص 99.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 101

الأمر الثالث انه لو اشترط تعجيل الثمن كان تأكيدا لمقتضي الاطلاق علي المشهور

فيكون تأكيدا لا تأسيا و يمكن أن يقال ان الشرط المذكور تأسيس لا تأكيد بأن يقال كما عليه سيد الحاشية قدس سره ان مرجع الشرط الي اشتراط الدفع و لو مع عدم المطالبة فانه المتفاهم عرفا.

لكن لنا ان نقول مع الشرط المذكور تارة يكون الشارط راضيا بالتأخير و اخري لا يكون اما مع فرض رضاه بالتأخير لا يجب الدفع اذ المفروض ان وجوب الدفع بلحاظ الشارط فيكون من قبيل حق الناس و ان لم يكن راضيا يجب الدفع و لو مع عدم الاشتراط فيكون الاشتراط مؤكدا لا مؤسسا.

الأمر الرابع: ان الشهيد الاول قدس سره ذكر في الدروس انه اذا اشترط زمان النقد و اخل المشتري به يثبت للبائع خيار الفسخ

و قال الشهيد الثاني قدس سره يثبت الخيار مع الاطلاق أيضا.

و استحسن الشيخ قدس سره كلام الشهيد الثاني قدس سره بقوله «و هو حسن» و الحال انه لا حسن فيه اذ مع عدم تعيين وقت معين و كون زمان الدفع ممتدا لا وجه لتحقق الخيار اذ لا يصدق التخلف الا مع التخلف المطلق و أما التعجيل المطلق فلا يتصور فيه اوّل و آخر و بعبارة اخري: التعجيل المطلق ينافي التوقيت.

الأمر الخامس: ان الخيار لا يكون مقيدا بعدم امكان اجبار المشتري

فانه لا وجه للتقييد المذكور.

الأمر السادس: انه «مجال لطرح مسألة ثبوت الخيار بعدم امكان الاجبار

بتقريب انه ما دام الوقت باقيا لا يجوز الاجبار فانه خلاف الحق و بعد مضي زمانه لا موضوع اذ يرد عليه انه مع تضيق الزمان

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 102

و عدم الامتداد يجوز اجباره من الاول و مع الامتداد يجوز الاجبار في آخره فلاحظ.

[مسألة يجوز اشتراط تأجيل الثمن مدة معينة غير محتملة مفهوما و لا مصداقا]

اشارة

«قوله قدس سره: مسألة يجوز اشتراط تأجيل الثمن مدة معينة غير محتملة مفهوما و لا مصداقا»

حكم قدس سره بالجواز في صورة كون الاجل معلوما و حكم بالفساد في صورة الجهل اما مصداقا او مفهوما اما حكمه بالجواز في الصورة الأولي فعلي طبق القاعدة الاولية فان مقتضي اطلاق قوله تعالي «احل اللّه البيع» و «تجارة عن تراض» جوازه و أيضا تدل علي الصحة بقية الادلة الدالة علي جواز البيع.

و أما حكمه بعدم الجواز و الصحة

فما يمكن أن تذكر في تقريب الاستدلال عليه وجوه
الوجه الأول عدم الخلاف

كما في عبارة المتن و فيه ان الاجماع لا يكون حجة فكيف بعدم الخلاف.

الوجه الثاني: لزوم الغرر و هو يفسد البيع

و يرد عليه أولا ان الرواية الدالة علي كون الغرر مبطلا لا تكون تامة سندا و لا جابر لها.

و ثانيا ان الغرر عبارة عن الخديعة و المقام اجنبي عن الخديعة فان المانع المتصور هو الجهل.

و ثالثا انه ربما لا يكون خطر في المعاملة فيكون الدليل اخص من المدعي.

الوجه الثالث النصوص الدالة علي اشتراط كون الاجل معلوما في السلف

«1» و يرد عليه انه قياس و القياس باطل.

الوجه الرابع: ان التأجيل كما تقدم و سبق خلاف المقرر الشرعي

______________________________

(1) قد تقدم ذكر روايات الباب في ص 97 و 98.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 103

و بعبارة اخري: شرط التأجيل خلاف الشرع فلا يمكن اشتراطه في العقد فلو خلي و طبعه لا يكون جائزا و عليه فلا بد من الاقتصار علي المقدار الذي احرز جوازه و حيث ان التأجيل بمدة غير معلومة لم يحرز جوازه لا مجال للقول به.

و يرد عليه ان التأجيل عبارة عن الترخيص من ناحية من بيده الامر في التأخير فاذا فرضنا ان الترخيص المذكور و الاباحة المشار إليها وقعت تلو الشرط و الشرط تعلق به يصير لازما و لا يمكن للمشروط عليه التجاوز عنه فلاحظ.

ثم انه افاد قدس سره بعدم الفرق في الاجل المعين بين الطويل و القصير و بالنسبة الي هذه الجهة تارة نبحث علي طبق القاعدة الاولية و اخري نبحث علي مقتضي النص الوارد في المقام أما الكلام من حيث القاعدة فالظاهر عدم الفرق بين الطويل و القصير لوحدة الملاك.

و اما من حيث النص فالنصوص مختلفة لاحظ ما رواه احمد بن محمد «1» فان المستفاد من هذه الرواية المنع عن التأخير ثلاث سنين و لاحظ ما رواه البزنطي «2» فان المستفاد من الحديث المنع عن الزائد علي الثلاثة فيقع التعارض بين الخبرين و حمل نهيه عليه السلام علي الارشاد لا علي المولوية خلاف الظاهر فان الاصل الاولي في اوامرهم و نواهيهم المولوية و بيان الحكم الشرعي.

لكن الذي يسهل الخطب ان الحديث الاول ضعيف بسهل فيبقي الحديث الثاني خاليا عن المعارض مضافا الي أنه احدث و الحديث

______________________________

(1) قد تقدم في ص 98.

(2) قد تقدم في ص 99.

عمدة المطالب

في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 104

ينسخ كما ينسخ القرآن فلا بد أن لا يكون أزيد من ثلاث سنين.

ثم انه هل يجوز الافراط في التأخير أم لا و هذا البحث يتفرع علي عدم العمل برواية البزنطي أو حملها علي الارشاد و الا فلا مجال لهذا البحث.

فنقول: مع قطع النظر عن تلك الرواية ربما يقال انه يجوز ما دام لا يعد العقد سفهيا و اكلا للمال بالباطل.

و يرد عليه انه لا دليل علي بطلان المعاملة السفهائية كما انه قد ذكرنا مرارا بأن الجار للسببية لا للمقابلة فلا مجال للتقريب المذكور.

مضافا الي أنه ربما لا يكون العقد سفهيا و لو مع الافراط و لا يعد من الاكل في مقابل الباطل.

ثم انه لو كان الاجل ازيد من عمرهما كألف سنة فربما يقال بعدم الجواز لوجهين
الوجه الأول انه لا مالية له اذ لا يمكن أن يستفاد منه.

و يرد عليه أولا ان المالية غير معتبرة في الثمن كما انها لا تعتبر في المثمن و ثانيا انه لا نسلم المدعي فانه مال و قابل لوقوع العقد عليه.

الوجه الثاني: انه بالموت يعجل المؤجل

و معه اذا قصدا الي زمان الموت يكون مجهولا فيكون مبطلا و اذا قصدا الامتداد يكون شرطا مخالفا للسنة فيكون فاسدا بل ربما يكون مفسدا.

و يرد عليه أولا النقض بما لو جعلا مدة قصيرة و تصادف موت المديون فان الكلام فيه هو الكلام. و ثانيا ان التأجيل جائز شرعا غاية الامر يترتب عليه الحكم المذكور.

ثم انه هل يكفي التعين الواقعي أو يلزم كونه معلوما عند

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 105

المتعاقدين الظاهر هو الثاني فان التعين الواقعي محفوظ في كل مورد انما اللازم كونه معلوما عندهما كي يرتفع الغرر علي مسلكهم.

[مسألة لو باع بثمن حالا و بأزيد منه مؤجلا]

اشارة

«قوله قدس سره: مسألة لو باع بثمن حالا و بأزيد منه مؤجلا»

تارة يقع الكلام في هذه المسألة من حيث القاعدة الاولية و اخري من حيث المستفاد من النص الخاص الوارد في المقام فيقع البحث في مقامين. أما

المقام الأول [في مقتضي القاعدة الأولية]

فنقول: تارة يقبل المشتري احد الانشائين الصادرين من البائع و اخري يقبل الانشاء المردد الصادر منه أما الصورة الأولي فالظاهر صحتها لعدم مانع عن الصحة لكن لصورة الأولي خلاف ظاهر المتن.

و أما الصورة الثانية فالظاهر بطلانها لا للجهالة بل لان المردد لا واقع له و بعبارة اخري: بعد القبول بالنحو المذكور نسأل انه هل وقع عقد أم لا و من الواضح انه لم يتحقق عقد و لم يقع شي ء في الخارج فلا موضوع هذا هو المقام الأول.

و اما

المقام الثاني فقد وردت في المقام عدة نصوص

منها ما رواه حسين بن زيد عن الصادق عن آبائه عليهم السلام في مناهي النبي صلي اللّه عليه و آله قال و نهي عن بيعين في بيع «1» و هذه الرواية ضعيفة بحسين بن زيد مضافا الي ان اسناد الصدوق الي شعيب بن واقد ضعيف.

و منها ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام ان عليا عليه السلام قضي في رجل باع بيعا و اشترط شرطين بالنقد

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب احكام العقود الحديث 5.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 106

كذا و بالنسيئة كذا فأخذ المتاع علي ذلك الشرط فقال هو باقلّ الثمنين و أبعد الاجلين يقول ليس له الا اقل النقدين الي الاجل الذي اجله بنسيئة «1» و هذه الرواية ضعيفة بالنوفلي.

و منها ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال:

قال امير المؤمنين عليه السلام من باع سلعة فقال ان ثمنها كذا و كذا يدا بيد و ثمنها كذا و كذا نظرة فخذها باي ثمن شئت و جعل صفقتها واحدة فليس له الا اقلهما و ان كانت نظرة قال: و قال عليه السلام من ساوم بثمنين احدهما

عاجلا و الاخر نظرة فليسم احدهما قبل الصفقة «2».

و الظاهر تمامية السند و يستفاد من الحديث ان المشتري مختار في اختيار احدهما و يكون النتيجة اقل ثمنين و هذا حكم صادر عن مخزن الوحي و لا بدّ من الاخذ به و لو مع كونه علي خلاف القواعد الاولية.

و بهذه الرواية يقيّد الحديثان الآخران احدهما ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بعث رجلا الي اهل مكة و أمره ان ينهاهم عن شرطين في بيع 3.

و ثانيهما ما رواه سليمان بن صالح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: نهي رسول اللّه عليه و آله عن سلف و بيع و عن بيعين في بيع و عن بيع ما ليس عندك و عن ربح ما لم يضمن «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب احكام العقود الحديث 2.

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث 1 و 3.

(4) الوسائل الباب 2 من ابواب العقود الحديث 4.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 107

«قوله قدس سره: ثم ان الثابت منهما علي تقدير العمل بهما»

قد تقدم منا في صدر المسألة التفصيل و ذكرنا ان مقتضي القاعدة الصحة في احد الفرضين و البطلان في الفرض الاخر.

«قوله قدس سره: ثم ان العلامة في المختلف ذكر في تقريب صحة المسألة انه مثل ما اذا قال المستأجر لخياطة الثوب ان خطته فارسيا»

الخ

ما أفاده قدس سره من رجوعها الي الجعالة تام و طبع القضية كذلك و المفروض في هذه المسألة اي مسألة خياطة الثوب ان المستأجر يردد و الترديد الصادر منه ينطبق علي الجعالة و لكن لو فرضنا ان الاجير قال للمستأجر آجرتك

نفسي لخياطة كذا بهذا المقدار و لخياطة كذا بالمقدار الاخر تكون المسألة نظير مقامنا فلاحظ.

بقي في المقام شي ء و هو ان المقام لا يرتبط بمسألة الربا اصلا فان الربا القرضي عبارة عن جعل شي ء في مقابل القرض و في المقام بيع العين بمقدار من الثمن المؤجل نعم قد تستفاد في عقد تلك الفائدة المترتبة علي القرض الربوي لكن هذا لا يوجب حرمة ذلك العقد لا تكليفا و لا وضعا فلاحظ.

[مسألة لا يجب علي المشتري دفع الثمن المؤجل قبل حلول الأجل]

اشارة

«قوله قدس سره: مسألة لا يجب علي المشتري دفع الثمن المؤجل»

في هذه المسألة فروع

الفرع الأول ان الثمن اذا كان مؤجلا لا يجب علي المشتري دفعه

و لو مع المطالبة و ادعي عليه الاجماع و هذا ظاهر واضح اذ لولاه يلزم اللغوية فان التأجيل عبارة عن حق التأخير فلا مجال للبحث.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 108

الفرع الثاني انه لو تبرع المشتري بالدفع فهل يجب علي البائع القبول

ادعي علي عدم وجوبه عدم الخلاف بل ادعي عليه الاجماع و عن العلامة في التذكرة تعليل عدم الوجوب بأن البائع لا يكلف بتحمل المنة كما انه لا يكلف بقبول الزيادة و قال الماتن فيه تأمل.

و يمكن أن يكون وجه التأمل انه لا جامع بين المقام و دفع الزيادة اذ انتقال الزيادة الي البائع يحتاج الي قبوله و لا دليل علي وجوب قبوله و أما في المقام فان المفروض ان الثمن مملوك له و أما تحمل المنة فربما لا تكون فيه بل يكون للمشتري قبول المنة من البائع في قبوله قبل مضي الاجل فلا بد من التفصيل.

و الّذي يختلج بالبال أن يفصل في المقام بأن يقال تارة يكون التأجيل بلحاظ المشتري فقط و اخري يكون التأجيل شرطا لكل منهما علي الاخر أما في الصورة الأولي فلا اشكال في وجوب القبول لوجود المقتضي و عدم المانع.

و أما في الصورة الثانية فيجب اذ المفروض انه جعل الحق لكل منهما علي الاخر فلا وجه لالزام البائع علي رفع اليد عن حقه فالنتيجة عدم وجوب القبول.

و بعبارة اخري: المشتري التزم في ضمن العقد و اشترط علي نفسه أن يحفظ مال البائع فيجب عليه الحفظ و لا يجب علي البائع القبول.

الفرع الثالث انه لو اسقط المشتري حق التأجيل فهل يسقط أم لا
اشارة

ربما يقال بعدم سقوطه بالاسقاط و ما يمكن أن تذكر في تقريب المدعي وجوه:

[الاستدلال علي عدم سقوطه بوجوه]
الوجه الأول انه حق ثابت في ضمن عقد لازم فلا يمكن اسقاطه

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 109

و يرد عليه ان المفروض انه حق و الحق قابل للاسقاط و تحققه بالشرط في ضمن العقد اللازم لا يوجب عدم امكان سقوطه بالاسقاط فان الخيار الثابت بالشرط في ضمن العقد قابل للاسقاط.

و علي الجملة ثبوته بالاشتراط في ضمن العقد لا يكون موجبا لعدم قابليته لسقوطه نعم اذا كان حكما لم يكن قابلا للسقوط بالاسقاط اضف الي ذلك انه كيف يسقط بالتقايل و الحال ان الملاك واحد.

الوجه الثاني ما عن العلامة من ان التأجيل صفة تابعة كالجودة

فكما ان الوصف المأخوذ في العين غير قابل للاسقاط كذلك حق التأجيل.

و يرد عليه انه قياس مع الفارق فان الوصف عنوان للعين و للمبيع و لا مجال لاسقاطه و بعبارة اخري يتملك المشتري الموصوف الكذائي و هذا لا يتغير و اما الشرط و جعل الحق فهو قابل للاسقاط و رفع اليد عنه.

الوجه الثالث: انه افاد الماتن ان مرجع التأجيل الي اسقاط حق المطالبة

و الساقط لا يعود و يرد عليه أولا ان حق المطالبة حكم غير قابل للاسقاط. و ثانيا ان حق المطالبة للبائع و الكلام في جواز اسقاط المشتري حقه. و ثالثا ان حق التأجيل احداث للحق لا اسقاط شي ء.

الوجه الرابع: ان في التأجيل حقا لصاحب الدين و لا يجوز الاسقاط من طرف واحد حقا يقوم بالمتعدد نعم يجوز اسقاطه بالتقايل.

و يرد عليه أولا ان الدليل اخص من المدعي اذ ربما يكون الحق

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 110

مختصا بالمشتري فلا موضوع للتعدد و ثانيا ان لكل منهما حق مستقل و لا يرتبط احدهما بالآخر.

و امر الماتن بالتأمل بقوله فتأمل و لعل وجه التأمل ان استفادة كل واحد منهما من الحق لا يستلزم التعدد و لكن الظاهر كما قلنا ان الحق متعدد و لا مجال للاتحاد و الوحدة.

و بعبارة اخري لا شك في تعدده كي يكون قابلا لهذا البيان في وجه التأمل فتحصل انه لا مقتضي لعدم جواز الاسقاط.

الفرع الرابع انه لو نذر التأجيل و كان النذر منعقدا لاجل رجحان المتعلق فلا يسقط لا بالاسقاط و لا بالتقايل

و الوجه فيه ان النذر لا يوجب حقا وضعيا كي يسقط بالاسقاط أو بالتقايل بل مقتضاه الوجوب الشرعي و الحكم الشرعي غير قابل للاسقاط و التقايل فلاحظ.

[مسألة إذا كان الثمن بل كل دين حالا أو حل وجب علي مالكه قبوله عند دفعه إليه]

اشارة

«قوله قدس سره: مسألة اذا كان الثمن بل كل دين حالا او حل وجب علي مالكه قبوله عند دفعه إليه»

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، 4 جلد، كتابفروشي محلاتي، قم - ايران، اول، 1413 ه ق عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب؛ ج 4، ص: 110

قد تعرض قدس سره في هذه المسألة لفروع.

الفرع الأول انه لو دفع الثمن الي مالكه مع الحلول يجب علي المالك قبوله
اشارة

و ما يمكن أن يذكر في تقريب المدعي وجوه:

الوجه الأول ان عدم القبول اضرار بالمديون و الاضرار بالغير حرام

ان قلت: يرتفع الضرر بقبض الحاكم عند الامتناع و بعزله و ضمانه علي مالكه.

قلت: قبض الحاكم و كذلك العزل لا يكونان في رتبة قبض المالك كي يصيران بدلين عنه عند الامتناع بل تصل النوبة إليهما عند

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 111

الاضطرار فلا ترتفع حرمة الاضرار بالبدلية.

و لقائل أن يقول لا يصدق علي الامساك عن القبول عنوان الاضرار مضافا الي أن القبول ربما يكون ضررا بالنسبة الي القابل نعم يمكن أن يكون الامساك ايذاء و لكن اي دليل دل علي حرمة الايذاء علي الاطلاق.

الوجه الثاني ان عدم القبول ظلم بالنسبة الي المشتري و الظلم حرام.

و يرد عليه ان الظلم عبارة عن التعدي علي الغير و وضع الشي ء في غير موضوعه و انطباق العنوان المذكور في المقام اوّل الكلام و الاشكال نعم كما تقدم ربما ينطبق عليه عنوان الايذاء و لكن لا دليل علي حرمة الايذاء علي الاطلاق.

مضافا الي انه معارض بأنه ربما يكون القبول موجبا لايذاء نفسه و الترجيح يحتاج الي الدليل الا ان يقال انه لا دليل علي حرمة ايذاء المكلف لنفسه.

الوجه الثالث الاجماع

و فيه ان الاجماع علي فرض حصوله محتمل المدرك اذ يمكن استناد المجمعين الي الوجوه المذكورة في المقام.

الوجه الرابع ان وجوب الوفاء بالعقد يقتضي وجوب القبول فانه من شئونه

و يرد عليه أولا ان وجوب الوفاء وضعي و الامر به ارشاد الي اللزوم فلا يرتبط بما نحن فيه.

و ثانيا ان كون القبول من شئون الوفاء اوّل الكلام و الاشكال.

الوجه الخامس ان مقتضي تسلط كل انسان علي نفسه تسلط المشتري علي افراغ ذمته فيجب علي البائع القبول

و يرد عليه انه

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 112

كما ان المشتري مسلط علي نفسه كذلك البائع مسلط علي نفسه فلا وجه للترجيح.

الوجه السادس ان الّذي يختلج بالبال أن يقال ان القبول قد اشترط في ضمن العقد بالارتكاز

فان مقتضاه وجوب قبوله و الظاهر ان الوجه المذكور تام.

الوجه السابع ان مقتضي الانصاف ان السيرة العقلائية جارية علي عدم حق لاحد أن يشغل ملك غيره

و أيضا ليس له أن يشغل ذمة غيره بلا رضاه و لذا لا يجوز وضع شي ء في دار الغير بل يجب رفعه و افراغ مملوك الغير و هكذا الكلام بالنسبة الي ذمة الغير و هذه السيرة ممضاة من قبل الشارع.

الفرع الثاني انه بعد فرض عدم جواز الامتناع و انه لا حق له فيه اذا امتنع عن القبول يسقط اعتبار رضاه

و استدل الماتن قدس سره علي المدعي بقاعدة نفي الضرر و أفاد ان مورد الحديث كان من هذا القبيل اذ سمرة كان بلا اذن يدخل بستان الاعرابي و كان دخوله ضررا عليه فالغي النبي احترام ماله و امر بقطع نخله بعد امتناعه عن الاستيذان و عن البيع.

و يرد عليه انا ذكرنا في محله ان المستفاد من القاعدة الحكم التكليفي اي حرمة الاضرار بالغير و لم نسلم كون القاعدة ناظرة الي ادلة الاحكام مضافا الي أن القاعدة لا تنطبق علي قطع الشجرة بل مقتضي القاعدة منع السمرة عن الدخول اذ الضرر كان ناشيا من دخوله بلا اعلام و استيذان.

فالحق في مقام الاستدلال علي سقوط اذنه عن الاعتبار بوجوب القبول عليه و عدم حق له في ابقاء ذمة الغير مشغولة و بعد سقوط

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 113

اذنه و رضاه عن الاعتبار تصل النوبة الي تصدي الحاكم الشرعي لكن هل يتصدي الحاكم بنفسه للقبض أو يتصدي لاكراهه علي القبض أو لا و مع عدم امكانه يتصدي بنفسه فان السلطان ولي الممتنع.

يمكن ان يقال ان الحق هو الاحتمال الثاني و الوجه فيه ان تصدي الحاكم علي خلاف القاعدة فما دام امكن قبض البائع و لو مع الاكراه يكون مقدما.

ان قلت: مقتضي حديث رفع الاكراه عدم ترتب الاثر علي القبض الاكراهي قلت: هذا فيما لا يكون الاكراه حقا و أما مع كونه حقا كما هو المفروض

فلا مجال للاستدلال بحديث الرفع كما هو ظاهر.

ثم انه اذا لم يمكن تصدي الحاكم الشرعي فأفاد الماتن بانه يأمره و يجبره كل مكلف عادلا كان أو فاسقا و استدل عليه بوجوب الامر بالمعروف.

و يرد عليه ان وجوب الامر بالمعروف يشمل كل مكلف و لا يكون الحاكم مقدما علي غيره مضافا الي أن الامر بالمعروف و النهي عن المنكر لا يقتضيان الاكراه و لا دليل علي وجوبه انما الكلام في انه هل يقوم العادل مقام الحاكم الشرعي في صورة تعذره و عدم امكان تصديه كما هو المفروض أم لا.

الظاهر انه مع عدم امكان تصدي الحاكم تصل النوبة الي العادل و مع عدم امكانه يصل الامر الي مطلق المكلف و اذا انطبق العنوان علي المديون يتصدي للامر بنفسه و لا يخفي ان وصول النوبة الي تصدي الغير يتوقف علي عدم امكان قبضه بنفسه و لو مع الاجبار و الاكراه.

و لقائل أن يقول لا يلزم صدق عنوان القبض في افراغ الذمة

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 114

من الدين فان اللازم صدق عنوان الاداء و هو يحصل بالتخلية بينه و بين المال أو الاقدار علي القبض مع التفاته فانه يصدق عليه عنوان الاداء فيلزم أن نقول ان تصدي الحاكم يترتب علي عدم امكان الاداء.

الفرع الثالث انه لو فرض عدم امكان القبض او الاداء

حتي بالنسبة الي الحاكم و من يقوم مقامه و ان كان تحقق الفرض المذكور مشكلا فهل يجوز عزله ربما يقال بأنه يجوز لقاعدة نفي الضرر في الشريعة فان مقتضاها جواز الافراغ بالعزل.

و يرد عليه أولا ان القول به يتوقف علي الالتزام بمسلك المشهور في مفاد القاعدة و ثانيا ان القواعد النافية تنفي الاحكام الاولية مثلا قاعدة لا ضرر تنفي الوجوب الضرري و اما

اثبات الحكم الاخر فلا يستفاد من تلك القواعد فلا مجال لان يقال ان المستفاد من حديث لا ضرر جواز الجبيرة عند كون الوضوء التام ضرريا و عليه كيف يمكن الالتزام في المقام بتحقق الافراغ بالعزل.

و صفوة القول انه لا دليل علي تشخص كلي الثمن في المعزول و اما ان قلنا بجواز العزل و تحقق الافراغ به فلا مجال لان يقال ان المعزول باق في ملك المشتري و اذا تلف يتلف عن البائع فانه جمع بين المتنافيين مضافا الي أن لازمه عدم مالكية البائع لشي ء و يترتب عليه عدم امكان بيعه و التصرف فيه فان المفروض فراغ ذمة المشتري بالعزل فلا يكون مالكا لما في ذمة المشتري و لا يكون مالكا للمعزول اذ قد فرض انه باق في ملك المشتري فالبائع لا يكون مالكا لشي ء و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم الفاسد.

و أما تقدير دخوله في ملك البائع قبل التلف فأيضا قول بلا دليل

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 115

ثم علي هذا الاساس الفاسد هل يمكن القول بجواز تصرف المشتري في المعزول و اتلافه و رجوع التالف الي ذمته أم لا الحق هو الثاني اذ لا وجه للاشتغال بعد الافراغ لعدم الدليل عليه بل الدليل قائم علي عدمه و هو استصحاب عدم الاشتغال.

ثم انه لو قلنا بجواز العزل و تشخص الكلي في المعزول و صيرورته مملوكا للبائع فهل يجب علي المشتري حفظه الظاهر عدم الوجوب لانه اكثر ضررا عليه فلاحظ.

ثم انه لو قلنا ان دليل لا ضرر يقتضي جواز العزل و صيرورة المعزول مملوكا للبائع فهل يمكن اسراء هذا الحكم الي فرعين آخرين احدهما ان الغاصب لو غصب من المشاع نصيب احد الشريكين بالخصوص

أي ينوي الخصوصية.

الفرع الثاني أن يجبر الغاصب احد الشريكين أن يدفع إليه نصيب الشريك فنقول لا بدّ من التفصيل بين الفرعين بأن نقول لا مقتضي للتعين في الفرع الأول و بعبارة اخري نية الغاصب لا تغير الواقع و الاشاعة بحالها و لازمه تحقق الغصب و وروده علي كلا الشريكين.

و أما في الفرع الثاني فمجال لان يقال ان قاعدة نفي الضرر تقتضي جواز القسمة و تعيين حصة الشريك في المغصوب.

لكن يشكل بأن القاعدة كما تقتضي نفي الضرر بالنسبة الي الغير المغصوب عنه كذلك تقتضي عدم الاضرار بالنسبة الي الشريك و حيث انه لا ترجيح لاحد الطرفين علي الاخر تسقط القاعدة بالمعارضة و الذي يهون الخطب ان القاعدة ناهية لا نافية و علي فرض كونها نافية اثرها النفي لا اثبات الحكم الاخر.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 116

[مسألة في عدم جواز تأجيل الثمن الحال بأزيد منه و الاستدلال عليه]

اشارة

«قوله قدس سره: مسألة لا خلاف علي الظاهر من الحدائق المصرح به في غيره في عدم جواز تأجيل الثمن الحال بل مطلق الدين بازيد منه»

تارة يقع الكلام في مقتضي القاعدة الاولية و اخري في مقتضي النص الخاص الوارد في المقام فيقع الكلام في موضعين. اما

الموضع الأول [في مقتضي القاعدة الأولية]

فقد حكم عليه بالحرمة لاجل كونه مصداقا للربا بحسب النظر العرفي.

و يرد عليه انه ليس مصداقا للربا القرضي فان المستفاد من دليله ان القرض الربوي حرام تكليفا و فاسد وضعا و المقام ليس من مصاديق القرض بل اخذ شي ء في قبال التأجيل و الاهمال و عليه لا يمكن الالتزام بالحرمة و الفساد بالتقريب المذكور.

و أما الاستدلال عليه بعدم الخلاف في عدم جوازه ففيه ان الاجماع لا يكون حجة فكيف بعدم الخلاف مضافا الي احتمال كون القول بعدم الجواز مستندا الي بعض الوجوه المذكورة في المقام.

فعلي هذا الاساس نقول لو لا النص الخاص تارة يقع المعاوضة بين شي ء و التأجيل و اخري يلتزم الدائن في ضمن الشرط بالتأجيل مدة أما علي الاول فلا يصح المعاوضة وضعا و ان جاز تكليفا اذ لا دليل يدل علي تمامية كل معاوضة فان دليل وجوب الوفاء بالعقود ارشاد الي اللزوم و لا يمكن ان يكون دليلا للصحة.

و أما اطلاق قوله تعالي «تجارة عن تراض» فيرد فيه ان اطلاق التجارة علي غير البيع اوّل الكلام و الاشكال و أما علي الثاني فالظاهر انه لا مانع منه تكليفا و لا وضعا لعدم المقتضي للمنع فلو ملكه شيئا و شرط في ضمن التمليك أن يؤجل مدة يصح و يلزم اذ المؤمن

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 117

لا يفارق شرطه و الشرط لازم هذا تمام الكلام في

الموضع الاول.

و أما

الموضع الثاني فقد وردت في المقام عدة نصوص

منها ما عن ابن عباس قال: كان الرجل منهم اذا حل دينه علي غريمه فطالبه به قال المطلوب منه له زدني في الاجل و ازيدك في المال فيتراضيان عليه و يعملان به فاذا قيل لهم هذا ربا قالوا هما سواء يعنون بذلك ان الزيادة في الثمن حال البيع و الزيادة فيه بسبب الاجل عند محل الدين سواء فذمهم اللّه به و الحق الوعيد بهم و خطأهم في ذلك بقوله «و احل اللّه البيع و حرم الربا» «1» و هذه الرواية لا اعتبار بها سندا.

و منها ما عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام انهما قالا في الرجل يكون عليه الدين الي اجل مسمّي فيأتيه غريمه فيقول انقدني من الذي لي كذا و كذا واضع لك بقيته أو يقول انقد لي بعضا و امد لك في الاجل فيما بقي عليك قال لا اري به بأسا ما لم يزدد علي رأس ماله شيئا يقول اللّه «فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوٰالِكُمْ لٰا تَظْلِمُونَ وَ لٰا تُظْلَمُونَ» «2».

و منها ما رواه ابن عمار عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون له مع رجل مال قرضا فيعطيه الشي ء من ربحه مخافة أن يقطع ذلك عنه فيأخذ ماله من غير أن يكون شرط عليه قال لا بأس بذلك ما لم يكن شرطا «3».

فانه يستفاد المدعي من هذه الروايات و منها جملة من الروايات

______________________________

(1) مجمع البيان ج 2 ص 389.

(2) الوسائل الباب 7 من ابواب الصلح الحديث 1.

(3) الوسائل الباب 19 من ابواب الدين و القرض الحديث 3.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 118

تدل علي جواز اعماله الحيلة الشرعية لجواز الانتفاع في قبال التأجيل.

منها

ما رواه ابن عمار قال: قلت لابي الحسن عليه السلام ان سلسبيل طلبت مني مائة الف درهم علي أن تربحني عشرة آلاف فاقرضها تسعين الفا و ابيعها ثوب وشي تقوم بالف درهم بعشرة آلاف درهم قال لا بأس «1».

و منها ما عن الكليني قال و في رواية اخري لا بأس به اعطها مائة الف و بعها الثوب بعشرة آلاف و اكتب عليها كتابين «2».

و منها ما رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل رجل له مال علي رجل من قبل عينة عينها اياه فلما حلّ عليه المال لم يكن عنده ما يعطيه فأراد أن يقلب عليه و يربح أ يبيعه لؤلؤا أو غير ذلك ما يسوي مائة درهم بألف درهم و يؤخره قال لا بأس بذلك قد فعل ذلك ابي رضي اللّه عنه و امرني ان افعل ذلك في شي ء كان عليه 3.

و منها ما رواه ابن عمار قال: قلت لابي الحسن عليه السلام يكون لي علي الرجل دراهم فيقول اخرني بها و انا اربحك فأبيعه جبة تقوم علي بألف درهم بعشرة آلاف درهم أو قال بعشرين الفا و اؤخّره بالمال قال لا بأس «4».

و منها ما رواه عبد الملك بن عتبة قال سألته عن الرجل يريد أن

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من ابواب احكام العقود الحديث 1.

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث 2 و 3.

(4) نفس المصدر الحديث 4.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 119

أعينه المال أو يكون لي عليه مال قبل ذلك فيطلب مني مالا ازيده علي مالي الذي لي عليه أ يستقيم أن ازيده مالا و ابيعه لؤلؤة تسوي مائة درهم بألف درهم فأقول ابيعك

هذه اللؤلؤة بألف درهم علي أن اؤخرك بثمنها و بمالي عليك كذا و كذا شهرا قال لا بأس «1».

و منها ما رواه ابن عمار قال قلت للرضا عليه السلام الرجل يكون له المال فيدخل علي صاحبه يبيعه لؤلؤة تسوي مائة درهم بألف درهم و يؤخر عنه المال الي وقت قال لا بأس به قد أمرني ابي ففعلت ذلك و زعم انه سأل أبا الحسن عليه السلام عنها فقال مثل ذلك «2».

فانه يستفاد من هذه الروايات لزوم اعمال هذه الحيلة الشرعية و لو جاز أخذ شي ء في قبال التأجيل لم يكن اعمال الحيلة لازما.

«قوله قدس سره:

مسألة اذا ابتاع عينا شخصية بثمن مؤجل جاز بيعه من بايعه و غيره»

ما أفاده من الجواز في شقوق المسألة علي طبق القاعدة الاولية لوجود المقتضي و عدم المانع و يدل علي المدعي بعض النصوص لاحظ ما رواه بشار بن يسار «3» فان الحديث يدل بإطلاقه علي الجواز في مورد الخلاف حيث ان الامام عليه السلام في مقام الجواب لم يفصل و حكم بالجواز و من عدم التفصيل يستفاد جواز الحكم في جميع الاقسام كما صرح به الماتن قدس سره و لاحظ ما رواه حسين بن منذر «4» و هذه الرواية أيضا يشمل مورد الخلاف و لاحظ ما

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من ابواب العقود الحديث 5.

(2) نفس المصدر الحديث 6.

(3) قد تقدم في ص 83.

(4) قد تقدم في ص 49.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 120

رواه علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام «1» و الكلام فيه هو الكلام.

«قوله قدس سره: الا بالنسبة الي بعض صور المسألة فمنع منها الشيخ في النهاية و التهذيبين و هي بيعه من البائع بعد الحلول بجنس الثمن لا مساويا و قال في النهاية اذا اشتري

نسية فحل الاجل و لم يكن معه ما يدفعه الي البائع جاز للبائع ان يأخذ منه ما كان باعه اياه من غير نقصان من ثمنه فان اخذه بنقصان مما باع لم يكن ذلك صحيحا»

و يرد علي الطوسي قدس سره كما أورد عليه الماتن بأن الادلة الاولية الدالة علي صحة البيع تقتضي خلاف ما بني عليه كما ان اطلاق جملة من النصوص الخاصة كذلك انما الكلام في أنه هل هناك دليل يقتضي رفع اليد عما ذكرنا و الذهاب الي مذهب الطوسي أم لا.

ربما يستدل عليه بما رواه خالد بن الحجاج قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل بعته طعاما بتأخير الي اجل مسمّي فلمّا حلّ الاجل أخذته بدراهمي فقال ليس عندي دراهم و لكن عندي طعام فاشتره مني قال: لا تشتره منه فانه لا خير فيه «2».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بخالد فلا يعتد بها مضافا الي أنه يمكن أن يقال ان المستفاد منها الكراهة لمكان قوله عليه السلام لا خير فيه.

اضف الي ذلك انه لا دليل علي أن المبيع في العقد الثاني عين

______________________________

(1) قد تقدم في ص 49.

(2) الوسائل الباب 12 من ابواب السلف الحديث 3.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 121

المبيع الاول فان لفظ طعام في قول السائل نكرة و لا قرينة في الكلام تدل علي كون المراد منه هو الذي اشتراه من البائع و يضاف الي ذلك كله ان الحديث مطلق و غير مختص بمورد كلام الطوسي فلاحظ.

و ربما يستدل عليه بما رواه ابن بشير قال سأله محمد بن القاسم الحناط فقال أصلحك اللّه ابيع الطعام من الرجل الي اجل فأجي ء و قد تغير الطعام من سعره فيقول ليس

عندي دراهم قال خذ منه بسعر يومه قال افهم اصلحك اللّه انه طعامي الذي اشتراه مني قال لا تأخذ منه حتي يبيعه و يعطيك قال أرغم اللّه أنفي رخص لي فرددت عليه فشدد علي «1».

و هذه الرواية غير نقية السند مضافا الي أن الحديث لا يختص بمورد كلام الطوسي قدس سره.

«قوله قدس سره: و قد يستدل برواية يعقوب بن شعيب و عبيد ابن زرارة قالا سألنا أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل باع طعاما بدراهم فلما بلغ ذلك الاجل تقاضاه فقال ليس عندي دراهم خذ مني طعاما قال لا بأس انما له دراهمه يأخذ بها ما شاء «2» و في دلالتها نظر»

يمكن أن يكون وجه النظر ان هذه الرواية لا تدل علي خلاف ما ذهب إليه الشيخ اذ لا دلالة في الحديث علي ان المبيع الثاني عين ما بيع أوّلا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب السلف الحديث 5.

(2) الوسائل الباب 11 من ابواب السلف الحديث 10.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 122

و يرد عليه انه يكفي الاطلاق فانه مقتضي قوله عليه السلام يأخذ بها ما شاء لكن لم يفرض في الحديث التفاضل في الثمن و يمكن أن يكون وجه النظر من هذه الجهة.

«قوله قدس سره: اقول الظاهر ان الشيخ قدس سره جري في ذلك و فيما تقدم عنه في النهاية»

ملخص الكلام ان الشيخ الطوسي قدس سره استفاد من بعض النصوص قاعدة كلية و هي ان عوض الشي ء الربوي لا يجوز أن يعوض به شي ء بزيادة و ان عوض العوض عوض و الحديث المشار إليه ما رواه ابن جعفر قال: سألته عن رجل له علي آخر تمر أو شعير أو حنطة أ يأخذ

بقيمته دراهم قال اذا قوّمه دراهم فسد لان الاصل الذي يشتري به دراهم فلا يصلح دراهم بدراهم و سألته عن رجل أعطي عبده عشرة دراهم علي أن يؤدي العبد كل شهر عشرة دراهم أ يحل ذلك قال لا بأس «1».

و الظاهر انه يستفاد المدعي من الحديث بعموم العلة و أورد سيدنا الاستاد قدس سره علي الاستدلال بالرواية علي ما في تقريره الشريف بأن الحديث ضعيف سندا مضافا الي انه معارض لمثله في مورده.

و كلا الاشكالين مدفوعان أما الاشكال الاول فلأن الحديث و ان كان ضعيفا باحد سنديه و لكنه تام بسنده الاخر فان الحر قدس سره نقل الحديث عن كتاب علي بن جعفر و أما الاشكال الثاني فأيضا مدفوع بأن الحديث المزبور ضعيف سندا بعبد اللّه بن حسن فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب السلف الحديث 12.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 123

«قوله قدس سره: و اما الحكم في المستثني و هو ما اذا اشترط في البيع الاول نقله الي من انتقل عنه»

هذا هو الفرع الثاني الذي قد تعرض له الماتن قدس سره و عدم الجواز فيه مشهور بين القوم و استدل عليه بأن الشرط المذكور يستلزم الدور المحال بتقريب ان البيع متوقف علي الشرط المذكور و الحال ان الشرط المشار إليه لا يتحقق الا بالبيع الاول فيتوقف البيع الاول علي أمر يتوقف ذلك الامر عليه فالتوقف من الطرفين هذا تقريب الاستدلال.

و الحق بطلان الاستدلال و لا مانع من الشرط المذكور اذ تارة يتوقف البيع الاول علي تحقق البيع الثاني و اخري يتوقف علي الالتزام به أما علي الاول فمجال للتقريب المذكور و يصح الاستدلال الدوري.

و أما علي الثاني فلا دور فان البيع

الاول يتوقف علي الالتزام بالبيع الثاني في ظرفه القابل و البيع الثاني يتوقف علي البيع الاول فكل من الامرين يتوقف علي شي ء فلا دور.

و ان شئت قلت: التقريب الدوري انما يصح فيما يكون الشرط شرط النتيجة اي بالشرط يتحقق البيع الفعلي و اما اذا كان الشرط علي نحو شرط الفعل فلا دور و لا اشكال.

و بما ذكرنا ظهران التقريب الثاني للاشكال و هو عدم قصد البائع الاول اخراج العين عن ملكه غير وارد فان تحقق الشرط يتوقف علي تحقق البيع الاول.

و بعبارة واضحة: لا يتحقق البيع الثاني الا في صورة تحقق البيع الاول فكيف لا يكون البائع في البيع الاول قاصدا للبيع.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 124

ان قلت: يشترط في كل شرط أن يكون جائزا في حد نفسه كي لا يكون مخالفا مع الشرع و الحال ان البيع الثاني لا يكون جائزا الا بعد البيع الاول.

قلت: يشترط أن يكون الشرط جائزا في ظرفه و الشرط المذكور جائز في ظرفه و لذا يجوز قبل الزوال أن يبيع زيد داره من بكر و يشترط عليه أن يصلي صلاة ظهر ذلك اليوم و الحال ان الاتيان بصلاة الظهر لا يجوز قبل الزوال و يجوز بعده بل يجب.

ان قلت: البيع الاول معلق علي الشرط و التعليق باطل قلت:

البيع الاول معلق علي الالتزام و الالتزام موجود بالفعل و التعليق علي الموجود بالفعل المحرز عند المتعاقدين جائز فلاحظ.

و هذا الذي ذكرنا سار و جار في جملة من الموارد و الشروط فان البيع بشرط الوقف علي البائع من هذا القبيل و أيضا البيع بشرط أن يكون المبيع رهنا علي الثمن و قس عليهما بقية الموارد المشابهة لما ذكرنا.

هذا كله

بحسب القاعدة الاولية و في المقام حديثان ربما يقال بأنه يستفاد المدعي منهما الحديث الاول ما رواه ابن منذر «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا بابن منذر مضافا الي ان المستفاد من الحديث فساد البيع الثاني و الكلام في البيع الاول.

و الحديث الثاني ما رواه ابن جعفر «2» و هذه الرواية تامة سندا اذ الحر قدس سره نقل الحديث عن كتاب ابن جعفر فلا بأس بسنده.

______________________________

(1) قد تقدم في ص 49.

(2) قد تقدم في ص 49.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 125

و ما افاده سيدنا الاستاد من ان الرواية ضعيفة ليس تاما لكن الذي يهون الخطب ان المستفاد من الحديث فساد البيع الثاني و الحال ان الكلام في العقد الاول فان المستفاد من الحديث ان البائع اذا اشترط في العقد الاول الاشتراء منه ثانيا يكون العقد الثاني باطلا فلاحظ.

و يستفاد من حديث ابن جعفر نكتة مهمة فقهية و هي ان الشرط الفاسد لا يفسد العقد اذ قد فرض ان الشرط المذكور فاسد بحكم الشارع الاقدس و مع ذلك الامام عليه السلام لم يتعرض لفساد البيع الاول مع كونه في مقام البيان فان الاطلاق المقامي يقتضي صحة البيع الاول.

[القول في القبض]

[مسألة اختلفوا في ماهية القبض في المنقول بعد اتفاقهم علي أنها التخلية في غير المنقول علي أقوال]

«قوله قدس سره: مسألة اختلفوا في ماهية القبض في المنقول»

الظاهر انه ليس للقبض حقيقة شرعية و لا متشرعية بل للقبض معني واحد لغوي عرفي غايته تكون مصاديقه مختلفة بحسب اختلاف ما يقبض قال في الحدائق «1» في جملة كلام له في هذا المقام لم يرد له تحديد شرعي يرجع فيه إليه و نقل عن المصباح المنير تفسير القبض بالاخذ و لا يبعد أن يكون القبض عبارة عن ايصال الشي ء الي من يجب اقباضه و جعله

مسلطا و مستوليا استيلاء خارجيا.

و ربما يقال ان القبض عبارة عن اخراج العين عن الدار و الدليل عليه ما رواه عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشتري متاعا من رجل و أوجبه غير انه ترك المتاع عنده و لم يقبضه قال آتيك غدا ان شاء اللّه فسرق المتاع من مال من يكون قال من مال

______________________________

(1) الحدائق ج 19 ص 153.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 126

صاحب المتاع الذي هو في بيته حتي يقبض المتاع و يخرجه من بيته فاذا اخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتي يرد ماله إليه «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا و لا يعتد بها و علي الجملة القبض له مفهوم عرفي يحمل عليه و كل حكم مترتب عليه يترتب علي ما يصدق عليه هذا المفهوم بحسب العرف و اذا فرض في مورد استفيد من الدليل الشرعي تحقق القبض بنحو خاص نلتزم به في ذلك المورد.

و لا يخفي ان نسبة الاقباض الي القبض نسبة الايجاد الي الوجود فلا يعقل أن يتحقق الاقباض و لا يتحقق القبض فلا مجال لان يقال ان الاقباض متحقق من ناحية المشتري و القبض لم يحصل من قبل البائع مثلا أو بالعكس.

[القول في وجوب القبض]

اشارة

«قوله قدس سره:

مسألة يجب علي كل من المتبايعين تسليم ما استحقه الآخر»

الامر كما افاده فان الناس مسلطون علي أموالهم و لا يجوز حبس مال الغير و منعه عن التصرف فيه بل يمكن الاستدلال علي المدعي بدليل نفوذ الشرط فان التسليم شرط ضمني في كل من الطرفين.

و ربما يقال يجب الابتداء من ناحية البائع فان الثمن تابع للمبيع و لان الاطلاق ينصرف إليه و لان البيع يستقر باقباض المبيع فان المبيع لو تلف قبل القبض يكون من مال البائع.

و الوجوه المذكور كلها ضعيفة أما كون الثمن تابعا فلا نفهم له معني معقولا اذ لا فرق بين المبيع و الثمن و كل واحد عوض للآخر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب الخيار.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 127

و أما الاطلاق فلا موضوع له اذ البيع تمليك و لا يرتبط بالاقباض و أما كون تلف المبيع من مال البائع اذا كان قبل القبض فلا يرتبط بما نحن بصدده مضافا الي أن دليل ذلك الحكم ضعيف سندا و نتعرض له إن شاء اللّه.

ثم انه لو امتنع من يجب عليه الاقباض عنه يجبر عليه و علي فرض عدم الامكان ينوب عنه الحاكم الشرعي فانه ولي الممتنع و بعبارة واضحة: المقام من الامور الحسبية فتصل النوبة الي الحاكم ثم الي العدول ثم الي الفساق و علي هذا الاساس اذا كان احدهما مستعدا للاقباض أو أقبض و الاخر امتنع يجبر الممتنع و اذا كان كلاهما ممتنعين عنه يجبران عليه.

و اذا كان كلاهما مستعدين للاقباض و امتنع كل منهما عن البدأة هل يجبران كما في كلام الشيخ قدس سره يشكل الجزم به فان الواجب عند العقلاء و عند الشرع وجوب اقباض كل منهما عند اقباض الاخر بحيث يتحقق الاقباض من

كلا الجانبين و أما الازيد من هذا المقدار فالالتزام به مشكل.

ان قلت: مقتضي القاعدة وجوب اقباض مال الغير و عصيان احد و ظلمه لا يكون مجوزا للظلم و العصيان.

قلت: يرد علي التقريب المذكور أولا ان مقتضي الشرط الارتكازي العقلائي اشتراط تسليم كل منهما عند اقباض الاخر و مع امتناع احدهما عن الاقباض لا مقتضي لتعلق الوجوب بغير الممتنع

و ثانيا: انه مقتضي جواز الاعتداء بالمثل المستفاد من قوله تعالي «فَمَنِ اعْتَديٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَديٰ عَلَيْكُمْ» «1».

______________________________

(1) البقرة/ 184.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 128

ثم ان وجوب الاقباض مشروط بعدم اشتراط التأجيل و أما مع اشتراطه فلا يجب فلو كان الاشتراط من الطرفين لا يجب لا علي البائع و لا علي المشتري و لو فرض ان احدهما أقبض لا يجب علي الاخر و اذا كان التأجيل من جانب واحد لا يجب عليه و يجب علي الاخر الاقباض.

و لو فرض عدم الاقباض من ناحية من لم يكن فيه تأجيل بالعصيان أو بغيره حتي تم الاجل و حل فهل يجوز له عدم الاقباض الا عند اقباض الاخر؟ الظاهر لا اذ لا يكون له حق التأخير فلا مجال لان يقال الحبس مقابل الحبس بل جواز الحبس لاجل التأجيل.

و لقائل أن يقول مقتضي جواز الاعتداء بالمثل جوازه.

و لما انجر الكلام الي مفاد الآية ناسب ان نبحث في مفادها و نري مقدار دلالتها فنقول الظاهر ان المستفاد من الآية الشريفة انه يجوز المكافاة و المجازاة.

ان قلت: لا يمكن الالتزام بالإطلاق اذ بعض افراده يقرع الاسماع قلت: نرفع اليد عن اطلاق الآية بقدر الضرورة و نعمل به في الباقي.

ثم انه لو قبض احدهما ما في يد الاخر بلا

اذنه لا يكون هذا القبض صحيحا و لا يترتب عليه اثر و يكون القابض آثما لانه ارتكب الحرام و تجاوز عن الحد و يجب عليه رده اذ المفروض انه لاحق له فجواز القبض يتوقف علي احد امرين اما الاقباض و اما صدور الاذن من الطرف المقابل.

و اذا كان القبض علي خلاف القاعدة فلا يترتب عليه الاثر المترتب عليه مثلا لو قلنا ان بيع المشتري لا يجوز قبل القبض لا يجوز بيع المقبوض بالقبض الفاسد و هذا ظاهر واضح.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 129

ثم انه لو أقبض احدهما اما لكونه واجبا عليه و اما تبرعا فيجبر الطرف علي الاقباض و لا يمنع عن التصرف في المقبوض و لا في شي ء آخر من امواله لعدم الدليل علي المنع و الحجر و بعبارة واضحة:

منعه و حجره عن التصرف في المقبوض أو في غيره من امواله لا دليل عليه فلا يجوز نعم يجبر علي اقباض مال الغير.

«قوله قدس سره:

مسألة يجب علي البائع تفريغ المبيع من امواله مطلقا»

اذ لا يجوز اشغال مال الغير بلا اذنه لانه عدوان و غصب مضافا الي أن الاشتراط الارتكازي يقتضي ذلك.

ثم انه ما المراد من الاطلاق و من قوله «في الجملة» يمكن أن يكون المراد من الاطلاق عدم الفرق بين علمه بكون العين مشغولة بماله و بين عدم علمه به فانه يجب عليه الافراغ مطلقا و اما بالنسبة الي مملوك الغير فلا بد من التفصيل بأن يقال يجب عليه الافراغ في صورة العلم و عدم وجوبه في صورة الجهل.

و يرد عليه انه لا وجه للتفصيل المذكور فان مقتضي القاعدة وجوب الافراغ علي جميع التقادير اذ الاشتراط الارتكازي العقلائي يقتضي وجوب تسليم مال الغير فارغا عن جميع المزاحمات نعم يمكن

أن يفصّل بنحو آخر و هو التفصيل بين كونه قادرا علي الافراغ و بين ما لم يكن كذلك اذ كل تكليف مشروط بالقدرة و لكن لا فرق من هذه الجهة بين مال نفسه و مال غيره.

«قوله قدس سره: و هذا الوجوب ليس شرطيا»

الامر كما أفاده فان وجوب الافراغ حكم مستقل في قبال وجوب

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 130

اصل التسليم و الاقباض و يترتب عليه انه لو سلم و لم يفرغ كان عاصيا بالنسبة الي الحكم الثاني و أما بالنسبة الي الحكم الاول فالامتثال حاصل.

«قوله قدس سره: فان التسليم بدونه كالعدم»

ليس الامر كذلك فان التسليم و لو مشغولا يترتب عليه فوائد كثيرة.

«قوله قدس سره: فلو كان في الدار متاع وجب نقله فورا»

فان التصرف في ملك الغير حرام و مع العذر يسقط التكليف بمقدار الضرورة فيجب في اوّل ازمنة الامكان.

«قوله قدس سره: كان له الخيار لو تضرر»

الخيار ليس من باب قاعدة لا ضرر بل من باب الشرط الارتكازي و عليه لا فرق بين صورة الضرر و غيرها.

«قوله قدس سره: و في ثبوت الاجرة لو كان لبقائه اجرة الي زمان الفراغ وجه»

و الوجه وجيه فان الانتفاع بمال الغير يوجب الضمان و الميزان استناد الانتفاع و الاتلاف إليه.

«قوله قدس سره: و لو كان تأخير التفريغ بتقصيره فينبغي الجزم بالاجرة»

لا فرق في لزوم الاجرة بين التقصير و عدمه فان اتلاف مال الغير و الانتفاع منه يوجب الضمان نعم اذا لم يكن الاتلاف مستندا إليه بأن يكون الدار مشغولة بمتاع الاجنبي و عدوانه فلا اشكال في ثبوت الخيار و لكن

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 131

هل يكون البائع ضامنا فيه اشكال و بعبارة اخري يشكل الجزم

بالضمان.

«قوله قدس سره: وجب ازالته»

لما تقدم في تقريب الوجوب فلا وجه للاعادة.

«قوله قدس سره: وجب الصبر الي بلوغ اوانه للزوم تضرر البائع بالقلع»

لا وجه لوجوب الصبر الا مع علم المشتري بالحال و اشتراط الصبر و دليل لا ضرر لا ينفي باثبات الوجوب اذ دليل لا ضرر ينهي عن الاضرار بالغير و لا ينفي الحكم الضرري و علي فرض التسليم يكون ضرر المشتري بالصبر معارضا مع ضرر البائع و ثبوت الخيار لا يقتضي عدم المعارضة.

«قوله قدس سره: كما لو وجدها مستأجرة»

القياس مع الفارق اذ في مورد كون الارض مستأجرة لا يمكن للبائع بيع العين مع منافعها لكون المنافع مملوكة لشخص آخر فتصل النوبة الي الخيار و أما لو كان الزرع للبائع فيمكن له أن يبيع الارض مع منافعها فلا يجوز له ابقاء زرعه في ملك الغير الا مع اذن المالك فان الاختيار بيده فيمكن له الاذن في الابقاء مجانا أو مع الاجرة و يمكن له أن لا يأذن و يأمر بالقلع و ليس عليه الارش لعدم المقتضي بل يجب علي مالك الزرع قلعه و ترميم الارض و جعلها كأمثالها من الارضين.

«قوله قدس سره: و قلعه بالارش»

لا وجه للارش فان المشتري مالك للارض مع منافعها فيكون له

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 132

القلع و لا شي ء عليه.

«قوله قدس سره: هدمه باذن المشتري»

لانه تصرف في ملك الغير فيتوقف علي اذنه و يجب عليه الطم و اصلاح ما انهدم و الميزان في باب الضمان ارجاع نفس التألف و علي فرض عدم امكانه كما هو كذلك في صورة التلف تصل النوبة الي المثل و مع تعذره تصل النوبة الي القيمة فلا وجه للترديد بين الاصلاح و الارش و

ان جميع الموارد من واد واحد.

«قوله قدس سره: لا ارش العيب»

يمكن أن يكون الوجه في عدم الارش ان للبائع أن يهدم مقدمة للتفريغ و اما الهدم فلا يكون مجانا فيجب عليه قيمته هذا تقريب المدعي.

و يرد عليه انه كان له حق التفريغ شرعا و يكون في الهدم ذا حق شرعي فلا وجه لوجوب القيمة عليه و ان لم يكن له الحق المذكور يجب عليه الارش فالتفصيل بين الارش و القيمة لا وجه له.

«قوله قدس سره: كان له وجه»

و لكن غير وجيه بل الحق جعل جميع الموارد مثليا ان امكن فلا تصل النوبة الي التفصيل و ملاحظة الاقوال و اختلافها فان الميزان الكلي وجوب المثل.

[مسألة لو امتنع البائع من التسليم]

«قوله قدس سره: الا ان منافع الاموال الفائتة بحق لا دليل علي ضمانها»

الظاهر ان الامر كذلك فان الضمان ينافي كون الانتفاع ناشيا عن الحق و هذا ظاهر واضح.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 133

«قوله قدس سره: و علي المشتري نفقة المبيع»

فان نفقة كل مملوك علي مالكه الا أن يقوم دليل علي خلافه في مورد بالخصوص.

«قوله قدس سره: فان في استحقاقها النفقة ترددا»

ما يمكن أن يقال انه تجب النفقة في الزوجية الا فيما يتحقق النشوز و لا بأس بأن يقال ان كان عدم التمكين عن حق لا يتحقق النشوز و النشوز يتحقق مع عدم الحق فيكون المقامان من باب واحد

«قوله قدس سره: و يمكن الفرق بين النفقة في المقامين»

بأن يقال ان النفقة في باب المملوك من آثار الملكية و المفروض ان الملكية حاصلة فالموضوع متحقق و أما النفقة في باب الزوجية فمترتبة علي التمكين و مع عدمه لا تجب.

و يرد عليه ان النفقة في باب الزوجية مترتبة علي عنوان الزوجية

و المفروض تحققها غاية الامر يسقط الوجوب بالنشوز و المفروض عدم تحققه و أما التفصيل بين اليسر و العسر كما عن جامع المقاصد فلا وجه له لعدم الدليل علي التفصيل المذكور نعم كل تكليف يسقط عند العسر و الحرج.

«قوله قدس سره: ففي وجوب اجابته وجهان»

فربما يقال بعدم الوجوب اذ تصرف المشتري في العين ينافي الاستيثاق و بعبارة اخري الامساك علي العين لاجل قبض الثمن ينافي تصرف المشتري و ربما يقال بالوجوب لعدم التنافي بين الامرين و يختلج بالبال أن يقال انه لا يجب القبول مطلقا فان مقتضي

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 134

الارتكاز جواز منع البائع المشتري عن التصرف في العين باي نحو كان فلاحظ.

«قوله قدس سره: و مقتضي القاعدة ان نفقته علي المشتري»

لا مجال للاخذ بالقاعدة مع وجود النص الخاص لاحظ ما رواه ابو ولاد الحناط قال اكتريت بغلا الي قصر ابن هبيرة ذاهبا و جائيا الي ان قال قال فقلت جعلت فداك قد علفته بدراهم فلي عليه علفه فقال لا لانك غاصب «1».

فان مقتضي هذه الرواية ان النفقة علي الغاصب.

[القول في أحكام القبض]

اشارة

«قوله قدس سره:

مسألة من احكام القبض انتقال الضمان ممن نقله الي القابض»
اشارة

في هذه المسألة فروع

الفرع الأول ان المبيع ما لم يقبض ضمانه علي البائع
اشارة

و هذا الحكم علي خلاف القاعدة الاولية فلا بد في اثباته من قيام دليل عليه.

و ما يمكن أن يقال في تقريب المدعي وجوه

الوجه الأول ما عن النبي كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه

«2» و هذه الرواية ضعيفة من حيث السند و لا جابر لها و عمل المشهور بها علي تقدير تحققه لا اثر له كما ذكرنا مرارا.

الوجه الثاني ما رواه عقبة بن خالد

«3» و الرواية ضعيفة بمحمد بن عبد اللّه بن هلال و الكلام في انجبارها بعمل المشهور هو الكلام الجاري في الوجه السابق.

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من ابواب الاجارة الحديث 1.

(2) مستدرك الوسائل الباب 9 من ابواب الخيار.

(3) قد تقدم في ص 125.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 135

الوجه الثالث الاجماع

قال الماتن «اجماعا مستفيضا بل محققا»

و يرد عليه انه قد ثبت في محله ان الاجماع لا يكون حجة فان تم الامر بالتسالم و كون الحكم واضحا ظاهرا فهو و الا فالجزم بالحكم المذكور مشكل جدا و طريق الاحتياط ظاهر.

الفرع الثاني: ان الضمان المذكور ضمان معاوضة

اي يكون تلف العين واقعا في ملك البائع و يكون التلف من ماله فان الظاهر من الدليل و هو قوله «فهو من مال بايعه» صيرورة المبيع مملوكا للبائع و وقوع التلف في ماله فلا بد من تقدير كون المبيع قبل تلفه مملوكا للبائع ثم تلفه من ماله.

و لا اشكال في ان المستفاد من الحديث كذلك لكن الاشكال في سنده كما تقدم و يترتب عليه ان الاجنبي لو اتلفه يكون طرف المصالحة البائع فانه المالك لما تلف من المال.

ان قلت قوله صلي اللّه عليه و آله «كل مبيع تلف قبل قبضه» يدل علي ان الضمان يحصل بعد التلف فلا بد من الالتزام بكون المراد بالضمان ضمان المثل أو القيمة.

قلت: قوله صلي اللّه عليه و آله «فهو من مال بايعه» يقتضي أن يكون التالف قبل تلفه مملوكا للبائع اللهم الا أن يقال علي هذا الاساس يكون الحديث مجملا و غير قابل للاستدلال فلا بد من اتمام الامر بالاجماع و التسالم.

ثم ان مقتضي القاعدة الالتزام بكون العين مملوكة للمشتري الي زمان التلف اذ لا موجب للخروج عن ملكه و انما الضرورات تقدر بقدرها.

الفرع الثالث: ان الحكم بالضمان علي النحو المذكور شرعي

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 136

تعبدي و لا يكون من الحقوق فلا يكون قابلا للاسقاط و لا اثر لابراء المشتري و لا يرتبط هذا بعدم جواز اسقاط ما لم يجب بل الوجه فيه ان الحكم الشرعي غير قابل للاسقاط كالجواز في الهبة مثلا.

الفرع الرابع: ان نماء المبيع قبل القبض و قبل التلف مملوك للمشتري

فان القاعدة الاولية تقتضي ذلك.

ثم ان الملكية المفروضة للبائع تقديرية أو تحقيقية الحق هو الثاني فان مقتضي كون التلف من مال البائع انفساخ العقد و رجوع العين الي ملكه تحقيقا.

و أما ما أفاده الماتن من ان زمان الملكية مقدار غير قابل للتجزية فهو أمر غير معقول اذ قد ثبت في الفلسفة استحالة الجزء الذي لا يتجزي.

الفرع الخامس: انه يلحق بالتلف الحقيقي تعذر الوصول إليه عادة

فانه ملحق عند العقلاء بالتلف و يوجب انفساخ العقد و يدل عليه حديث عقبة بن خالد «1».

لفرع السادس: ان القبض اذا لم يكن شرعيا كما لو قبضه بدون اذن البائع لا يترتب عليه الاثر

و يكون كلا قبض و مما قلنا يظهر انه لا اثر للتخلية و لا للنقل و لا لوضع اليد الا في صورة صدق عنوان القبض الشرعي المترتب عليه الاثر فلاحظ.

الفرع السابع: انه لو اتلف البائع العين فهل يكون حكمه حكم تلفها بآفة سماوية

الظاهر انه ليس داخلا تحت ذلك الدليل فان حديث «كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه» منصرف عن

______________________________

(1) قد تقدم في ص 125.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 137

صورة اتلاف البائع و ان ابيت عن الانصراف فلا اقل من الاجمال فلا يمكن الجزم بالحكم فالمحكم دليل اتلاف مال الغير فيكون البائع ضامنا للمثل أو القيمة.

نعم يمكن أن يقال انه يثبت في الفرض المذكور الخيار للمشتري لتعذر التسليم ثم انه هل للبائع الامتناع عن اداء عوض العين قبل قبضه للثمن الظاهر بحسب الارتكاز كذلك اذ لا فرق في نظر العرف و العقلاء بين المبدل و البدل من هذه الجهة.

الفرع الثامن: انه لو أتلفه المشتري فتارة يكون منشأ الاتلاف تغرير البائع

كما لو قدمه الطعام المبيع بعنوان الاطعام من قبل نفسه و اخري لا يكون كذلك يمكن أن يقال ان دليل تلف قبل القبض منصرف عن صورة استناد التلف الي المشتري فلا بد من العمل علي طبق القاعدة من بقاء العقد بحاله و تلف العين من مال المشتري غاية الامر في صورة الغرور يرجع الي البائع بالبدل من باب قاعدة الغرور.

و يمكن أن يقال في صورة الغرور يكون للمشتري خيار الفسخ لتعذر تسليم العين.

الفرع التاسع: انه لو أتلف الاجنبي العين فان قلنا بانصراف الدليل عن صورة الاتلاف

فالامر ظاهر من عدم انفساخ العقد و ضمان المتلف غاية ما في الباب تحقق الخيار للمشتري لتعذر تسليم العين.

و ان قلنا بعدم الانصراف ينفسخ العقد و يكون المتلف ضامنا للبائع بالمثل أو القيمة.

الفرع العاشر: انه لو قبضه المشتري ظلما و كان للبائع استرداده فاتلفه البائع

فهل يكون كاتلافه بعد القبض أو يكون كاتلافه قبله

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 138

الحق انه لا فرق بين الصورتين فانه قد مرّ ان دليل «كل مبيع تلف قبل قبضه» منصرف عن الصورة المذكورة فلا بد من الحكم علي طبق القاعدة فلاحظ.

«قوله قدس سره:

مسألة تلف الثمن المعين قبل القبض كتلف المبيع المعين»
اشارة

في هذه المسألة فرعان

الفرع الأول: انه هل يجري حكم تلف المبيع قبل القبض بالنسبة الي الثمن أم لا
اشارة

ما يمكن أن يذكر في تقريب المدعي وجوه:

الوجه الأول: عدم الخلاف فيه

و يرد عليه ان الاجماع لا يعتد به فكيف بعدم الخلاف.

الوجه الثاني: شمول عنوان المبيع للثمن.

و يرد عليه انه لا دليل علي هذه الدعوي.

الوجه الثالث حديث عقبة بن خالد

«1» بتقريب ان المستفاد من الحديث ان المشتري بعد قبض المبيع ضامن الملك البائع الي أن يقبضه منه.

و يرد عليه أولا ان الحديث ضعيف سندا و ثانيا انه قد علق الضمان علي قبض المبيع و اخراجه من البيت فالنتيجة عدم نهوض دليل معتبر علي المدعي الا أن يتم الامر بالتسالم و ثالثا ان المستفاد من الحديث انه ضامن لمال البائع بالمثل أو القيمة و الكلام في المقام في أن التلف يكون في ملك الضامن و كم فرق بين الامرين.

الفرع الثاني: انه هل يجري الحكم المذكور في غير البيع

لا

______________________________

(1) قد تقدم في ص 125.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 139

اشكال في ان القاعدة الاولية تقتضي عدم السريان فان الحكم المذكور علي خلاف القاعدة فلا بد من قيام دليل معتبر عليه.

«قوله قدس سره:

مسألة لو تلف بعض المبيع قبل قبضه»
اشارة

ذكر الماتن قدس سره في هذه المسألة فرعين

الفرع الأول: انه لو تلف بعض المبيع قبل قبضه و يكون ذلك البعض مما يقسط عليه الثمن يجري ذلك الحكم عليه

بتقريب ان مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين الموارد فان الموضوع تلف المبيع قبل القبض فلا فرق بين كون التالف كل المبيع أو بعضه.

و يرد عليه مضافا الي اصل الاشكال الذي قد تقدم ان بعض المبيع ليس مبيعا بل بعضه و المفروض ان الحكم تعلق بعنوان المبيع و بعض المبيع لا يكون مبيعا فيكون خروجه عن الموضوع بالتخصص.

و قد ذكرنا سابقا انه لو التزم بالانحلال يلزم أن يكون في بيع الدار مثلا ثبوت الخيار للمجلس بعدد كل جزء من اجزاء الدار بل يلزم تحقق بيوع و خيارات غير متناهية لما ثبت في الفلسفة من استحالة الجزء الذي لا يتجزي.

الفرع الثاني: انه لو كان التالف مما لا يقسط عليه الثمن

كما لو فات بعض الصفات أو تعيب المبيع بعيب فلا اشكال في أن دليل تلف قبل القبض لا يشمله فلا بد من أن يعامل معه علي طبق القاعدة الاولية.

فنقول: حدوث العيب أو زوال وصف الكمال اما بآفة سماوية و اما بفعل احد و علي الثاني اما يكون السبب نفس المشتري و اما

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 140

يكون هو البائع و اما يكون هو الاجنبي فان كان الحادث بآفة سماوية يكون للمشتري خيار الفسخ بمقتضي الشرط الارتكازي لا بواسطة حديث لا ضرر فان حديث لا ضرر لا يقتضي اثبات حكم بل يقتضي نفي الحكم الضرري و ليس له اخذ الارش اذ المفروض ان السبب آفة سماوية.

و ان كان المشتري بنفسه سببا لحدوث ذلك الحادث فليس له لا الفسخ و لا الارش لعدم المقتضي فان الشرط الارتكازي ليس في مورد كون السبب هو المشتري.

و ان كان السبب هو البائع يكون للمشتري الفسخ كما ان له الارش اما الفسخ فللشرط الارتكازي و أما الارش فلأن المفروض انه

المتلف و من اتلف مال الغير فهو ضامن و اما ان كان باتلاف الاجنبي فله الفسخ للشرط الارتكازي و له أن يرجع الي المتلف لكونه ضامنا بالاتلاف.

«قوله قدس سره:

مسألة الاقوي من حيث الجمع بين الروايات حرمة بيع المكيل و الموزون قبل قبضه الا تولية»

تمامية ما أفاده قدس سره تتوقف علي ملاحظة نصوص الباب كي نري ان مقتضي القاعدة ما افاده أو غيره فنقول من النصوص الواردة في المقام ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال اذا اشتريت متاعا فيه كيل أو وزن فلا تبعه حتي تقبضه الا أن توليه فاذا لم يكن فيه كيل و لا وزن فبعه يعني انه يوكل المشتري بقبضه «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من ابواب احكام العقد الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 141

و مقتضي هذه الرواية التفصيل بين المكيل و الموزون و بين غيرهما بالمنع عن البيع فيهما قبل القبض إلا تولية و الترخيص في بيع غيرهما قبل القبض.

و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في الرجل يبتاع الطعام ثم يبيعه قبل أن يكال قال لا يصلح له ذلك «1» و المستفاد من الحديث عدم جواز بيع الطعام قبل أن يكال.

و منها ما رواه علي بن جعفر عن اخيه انه سأل أخاه موسي بن جعفر عليه السلام عن الرجل يشتري الطعام أ يصلح بيعه قبل أن يقبضه قال اذا ربح لم يصلح حتي يقبض و ان كان يوليه فلا بأس «2».

و المستفاد من الحديث التفصيل في الطعام بين بيعه قبل القبض تولية فيجوز و بين أن يربح فلا يجوز قبل القبض.

و منها ما رواه معاوية بن وهب قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يبيع البيع قبل أن

يقبضه فقال ما لم يكن كيل أو وزن فلا تبعه حتي تكيله أو تزنه الا أن توليه الذي قام عليه «3» و المستفاد من الحديث هو التفصيل المتقدم.

و منها ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال اذا اشتريت متاعا فيه كيل أو وزن فلا تبعه حتي تقبضه الا أن توليه فان لم يكن فيه كيل و لا وزن فبعه «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من ابواب احكام العقد الحديث 5.

(2) نفس المصدر الحديث 9.

(3) نفس المصدر الحديث 11.

(4) نفس المصدر الحديث 12.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 142

و المستفاد منه هو التفصيل الي غيرها من النصوص و المستفاد منها ان المبيع لو كان من المكيل أو الموزون يشترط في جواز بيعه أن يكال أو يوزن و يقبض لاحظ الحديث الاول من الباب فان المستفاد منه اشتراط الصحة بالقبض و لاحظ الحديث الخامس منه و لاحظ الحديث الحادي عشر.

و لاحظ ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال:

قال امير المؤمنين عليه السلام من احتكر طعاما أو علفا أو ابتاعه بغير حكرة و اراد أن يبيعه فلا يبعه حتي يقبضه و يكتاله «1» فان المستفاد من المجموع اشتراط البيع في المكيل و الموزون بالكيل أو الوزن و الاقباض.

و في قبال هذه النصوص جملة اخري من الروايات يمكن أن يستفاد منها خلاف ما استفيد من الطائفة الاولي منها ما رواه البصري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن رجل عليه كر من طعام فاشتري كرا من رجل و قال للرجل انطلق فاستوف حقك قال لا بأس به «2» و هذه الرواية ناظرة الي وفاء الدين بما اشتري

لا بيعه فلا ترتبط بالمقام.

و منها ما رواه الكرخي قال قلت لابي عبد اللّه عليه السلام اشتري الطعام من الرجل ثم ابيعه من رجل آخر قبل أن اكتاله فاقول ابعث وكيلك حتي يشهد كيله اذا قبضته قال لا بأس «3» و هذه الرواية ضعيفة بالكرخي فلا يعتد بها.

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من ابواب احكام العقد الحديث 17.

(2) نفس المصدر الحديث 2.

(3) نفس المصدر الحديث 3.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 143

و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الرجل يشتري الثمرة ثم يبيعها قبل أن يأخذها قال لا بأس به ان وجد بها ربحا فليبع «1» و المبيع في هذه الرواية لا يكون من المكيل و الموزون.

و منها ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يشتري الطعام ثم يبيعه قبل أن يقبضه قال لا بأس و يوكل الرجل المشتري منه بقبضه وكيله قال لا بأس «2» و هذه الرواية ضعيفة بعلي ابن حديد.

و يستفاد الجواز في مورد خاص من حديث سماعة قال سألته عن الرجل يبيع الطعام أو الثمرة و قد كان اشتراها و لم يقبضها قال لا حتي يقبضها الا أن يكون معه قوم يشاركهم فيخرجه بعضهم من نصيبه من شركته بربح أو يوليه بعضهم فلا بأس «3».

و حديث سماعة ضعيف بالاضمار فان سماعة من الواقفة و لا دليل علي كون اضماره عن المعصوم عليه السلام فلا يعتد بمضراته فتحصل انّ مقتضي الجمع بين النصوص عدم الجواز الا تولية و الجواز بعد الكيل و الوزن و القبض.

«قوله قدس سره: و ربما يستأنس للجواز بالاخبار الواردة في جواز بيع السلم علي

من هو عليه»

و هذا الاستيناس علي خلاف القاعدة اذ التخصيص في كل عام و التقييد في كل مطلق امر جائز مضافا الي أن الكلام في المقام في

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من ابواب احكام العقد الحديث 4.

(2) نفس المصدر الحديث 6.

(3) نفس المصدر الحديث 15.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 144

بيع العين قبل القبض من غير بايعها فلا جامع بين الفرعين.

«قوله قدس سره: ثم ان صريح التحرير و الدروس الاجماع علي الجواز في غير المكيل و الموزون»

هذا علي طبق القاعدة فان القاعدة الاولية تقتضي الجواز علي الاطلاق و انما نرفع اليد عنها في خصوص المكيل و الموزون كما صرح بالتفصيل في جملة من النصوص فلاحظ.

ثم انه هل يختص الحكم المذكور بالمبيع الشخصي أم يعم الكلي في الذمة الظاهر هو الثاني بمقتضي اطلاقات النصوص.

ثم انه ما المراد من الحرمة اي المراد الفساد أو الحكم التكليفي لا اشكال في ظهور النهي في الحرمة التكليفية و لكن لو قيل بظهور النهي في امثال المقام في الفساد الوضعي لا يكون جزافا اذ لا يحتمل ان مجرد الانشاء يكون حراما تكليفيا بل لا اشكال في المدعي بحسب بعض النصوص لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في الرجل يبتاع الطعام ثم يبيعه قبل أن يكتاله قال لا يصلح له ذلك «1».

فان قوله عليه السلام لا يصلح ظاهر بحسب الظهور العرفي في الحكم الوضعي.

ثم ان الماتن ذيّل كلامه بجملة من التنبيهات. التنبيه الاول: انه هل يلحق الحكم المذكور الثمن أم لا فنقول لا اشكال في أن الاصل الاولي عدم الالحاق فان الالحاق يحتاج الي الدليل.

و ربما يقال في وجه الالحاق بأن ملاك المنع مشترك بين المبيع

و الثمن و هو ضعف الملكية قبل القبض. و الوجه المذكور اوهن من بيت العنكبوت.

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من ابواب احكام العقود الحديث 13.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 145

و ربما يستدل علي الجواز بما رواه يعقوب بن شعيب «1» و يرد عليه أولا انه حكم خاص في مورد مخصوص و لا وجه للتعدي و ثانيا ان الثمن في الحديث فرض دراهم و الكلام في المكيل و الموزون.

و ثالثا انّ الكلام في بيع الثمن و الظاهر بل الصريح في الرواية جعل دراهم ثمنا في البيع الثاني.

و رابعا ان المفروض في الحديث العقد مع من يكون الدراهم عليه و الكلام في بيعه من ثالث فلاحظ.

التنبيه الثاني: ان الحكم المذكور هل يختص بالبيع أم يعم غيره من المبادلات الحق هو الاول فانه حكم علي خلاف القاعدة الاولية فلا بد من الاقتصار فيه بمقدار دلالة الدليل و هو وارد في البيع فلو وقع العقد علي المبيع بصورة الصلح يجوز و لو كان قبل القبض و قبل الكيل و الوزن.

التنبيه الثالث: ان المنهي عنه خصوص البيع أو يعم النهي تطبيق الكلي علي الفرد فلو كان عليه دين كلي كمن من الحنطة فدفع دراهم للدائن و قال اشتر بها من حنطة و اقبضه بدل طلبك هل يجوز أم لا.

الظاهر هو الجواز فان تطبيق الكلي علي الفرد لا يكون مصداقا للبيع و الدليل مختص بالبيع فلاحظ و يمكن الاستدلال علي الجواز بما رواه ابن شعيب: سألته عن الرجل يكون له علي الاخر احمال من رطب أو تمر فيبعث إليه بدنانير فيقول اشتر بهذه و استوف منه الذي لك قال لا بأس اذا ائتمنه «2».

______________________________

(1) قد تقدم في ص 121.

(2)

الوسائل الباب 12 من ابواب السلف ذيل حديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 146

و ربما يقال بأنه يستفاد عدم الجواز من حديثي حلبي قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اسلفه دراهم في طعام فلما حل طعامي عليه بعث الي بدراهم و قال اشتر لنفسك طعاما و استوف حقك قال: اري ان تولي ذلك غيرك و تقوم معه حتي تقبض الذي لك و لا تتولي انت شرائه «1».

و عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أسلف دراهم في طعام فحل الذي له فأرسل إليه بدراهم فقال اشتر طعاما و استوف حقك هل تري به بأسا قال يكون معه غيره يوفيه ذلك «2».

و لا يبعد أن يكون المستفاد من الخبرين الكراهة و علي فرض التعارض بين دليل المانع و المجوز تصل النوبة الي الاخذ بالقاعدة الاولية و هي تقتضي الجواز فان المقام من اشتباه الحجة بغيرها اذ الاحدث غير معلوم.

ثم انه لا فرق في الجواز بين كون الطعام المشتري شخصيا و بين كونه كليا اذ غاية ما يمكن أن يقال ان الايفاء بالكلي المشتري يتوقف علي القبض و الاقباض كي يتعين ذلك الكلي في الشخص الخارجي و يصير ملكا للمديون و بعده يوفي به دينه.

لكن يرد عليه انه يمكن الوصول الي المطلوب بالحوالة أو الوكالة و اجراء حكم البيع علي الوكالة و الحوالة بلا وجه.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 1.

(2) نفس المصدر الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 147

«قوله قدس سره: الرابع ذكر جماعة انه لو دفع الي من له عليه طعام دراهم و قال اشتر بها لنفسك طعاما لم يصح»

بتقريب

ان المعاوضة تتوقف علي دخول كل من العوضين في موضع خروج العوض الاخر عنه و أما خروج الثمن من كيس احد و دخول المعوض في كيس شخص آخر فغير معقول.

و لكن ذكرنا سابقا انه لا مانع عنه اذا صدق عليه عنوان البيع و قلنا السيرة جارية علي أن الانسان يدفع الثمن للخباز مثلا و يشتري رغيفا للفقير و لا نري مانعا عنه من هذه الجهة و لا يتوجه الاشكال.

و في الدورة السابقة قلنا يتوجه الاشكال من ناحية اخري و هي ان ما يشتري الغريم بدرهم المديون يدخل في كيس الدائن فيكون الضمان و الدين باقيا بحاله اذ سقوط الدين عن ذمة المديون اما بالابراء و اما بالاداء و اما بالتبديل و شي ء من هذه الوجوه لم يتحقق في المقام فلا بد من الالتزام بكون اللام للمنفعة اي يشتري الغريم للمديون و بعد ذلك يأخذه بدلا عن دينه.

و لكن يختلج بالبال أن يقال: ان النحو المذكور من طرق اداء الدين اي دفع الدرهم أو الدينار و الامر بالاشتراء لنفسه من طرق الاداء.

ان قلت مقتضي قوله تعالي «إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ»

حصر اكل مال الغير بالتجارة و من ناحية اخري صدق عنوان التجارة علي غير البيع اوّل الكلام و الاشكال فما الحيلة.

قلت يكفي للالتزام بالجواز السيرة الجارية العقلائية الممضاة عند الشارع الاقدس غاية ما في الباب لزوم التخصيص في الآية الشريفة و هو ليس بعزيز كما ان تقييد المطلق كذلك فلاحظ.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 148

«قوله قدس سره: كما ورد في مورد بعض الاخبار السابقة اشتر لنفسك طعاما»

لاحظ ما رواه الحلبي «1».

«قوله قدس سره:

مسألة لو كان له طعام علي غيره فطالبه في غير مكان حدوثه في ذمته»
اشارة

تعرض الماتن في هذه المسألة لفروع ثلاثة

الفرع الأول انه لو أسلفه طعاما في العراق و طالبه في المدينة مع عدم الاشتراط

فلا اشكال في عدم وجوب ادائه في ذلك البلد و أيضا لا تجب اجابته لو طالبه باداء قيمته في ذلك البلد بل عدم الوجوب فيه اولي لعدم المقتضي للوجوب.

انما الكلام فيما لو طلبه بالقيمة في بلد المطالبة و تراضيا به فهل يجوز أم لا ربما يقال بعدم الجواز لعدم جواز بيع المكيل و الموزون قبل القبض.

و يرد عليه أولا ان الكلام في البيع و يمكن ان تكون المبادلة علي نحو الصلح و اجراء حكم البيع علي مطلق المبادلة تخرص بالغيب و ثانيا ان النهي تعلق بالبيع من غير البائع و اما بيع ما يشتري من نفس البائع فليس محل الكلام مضافا الي أن النص الخاص دال علي الجواز بالنسبة الي البائع.

لاحظ ما رواه الحلبي قال سئل ابو عبد اللّه عليه السلام عن رجل أسلم دراهمه في خمسة مخاتيم من حنطة او شعير الي اجل مسمّي و كان الذي عليه الحنطة و الشعير لا يقدر علي أن يقضيه جميع الّذي

______________________________

(1) قد تقدم في ص 146.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 149

له اذا حل فسأل صاحب الحق أن يأخذ نصف الطعام أو ثلثه أو اقل من ذلك أو اكثر و يأخذ رأس مال ما بقي من الطعام دراهم قال لا بأس «1».

«قوله قدس سره: لان الطعام الّذي يلزمه دفعه معدوم»

الذي يختلج بالبال أن يقال لا مجال لوصول النوبة الي البدل اي القيمة اذ المفروض ان الدين هو الكلي في الذمة و انعدام الكلي لا معني له و من ناحية اخري لا مقتضي للزوم دفع القيمة مع امكان دفع العين و لو بعد مدة.

نعم يمكن أن يقال ان المشتري

له خيار الفسخ بواسطة التأخير لا اجبار المديون علي دفع القيمة اللهم الا أن يتعذر دفع الكلي و صار بحيث لا يمكن دفع مصداق منه فطبعا تصل النوبة الي البدل.

«قوله قدس سره: و قد يتوهم انه يلزم من ذلك جواز مطالبة الطعام و ان كان ازيد قيمة»

الظاهر ان التوهم المذكور في محله اذ لو فرض ان الدائن يكون له حق المطالبة فلا فرق بين الصورتين فلاحظ.

«قوله قدس سره: فالظاهر وجوب الطعام عليه»

الامر كما أفاده فان المفروض ان الدين قد حلّ اجله و المديون يمكنه الوفاء فيجب عليه و يجوز للدائن مطالبته و اللّه العالم.

الفرع الثاني أن يكون ما عليه قرضا

افاد قدس سره ان الدائن لا يستحق المطالبة بالمثل مع اختلاف القيمة لانها انما يستحقها في بلد القرض فالزامه بالدفع في غيره اضرار.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب السلف الحديث 7.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 150

و يرد عليه أولا ان حديث لا ضرر لا يكون حاكما علي ادلة الاحكام بل مفاده النهي عن الاضرار.

و ثانيا ان ضرر الدائن يعارضه ضرر المديون بالصبر و لا ترجيح و الذي يختلج بالبال أن يقال انه يجوز مطالبة المديون بنفس العين بعد حلول الاجل و لا مقتضي للانتقال الي القيمة.

ثم انه لا نتصور المثل في المقام اذ المفروض ان الدين كلي فيدور الامر بين دفع نفس العين و دفع القيمة و بعبارة اخري: اما يوجد فرد الكلي في الخارج و اما لا يوجد أما علي الاول فما يتحقق به الرد مصداق ذلك الكلي لا مثله.

و أما علي الثاني فتكون القيمة متعينة فلا مورد يدور الامر فيه بين الامرين فلاحظ.

و صفوة القول انه يجوز مطالبة المديون بنفس العين اذ المفروض حلول الاجل الا

أن يشترط حين العقد اشتراط الدفع بكونه في بلد القرض و يأذن المقرض للمقترض أن لا يدفع الدين في غير بلد القرض.

ثم انه لا وجه لوصول النوبة الي القيمة الا مع فرض عدم امكان وجود الطبيعة في الخارج فانه في هذا الفرض تصل النوبة الي القيمة و الميزان في القيمة بلد المطالبة و الا فلا مقتضي لها.

الفرع الثالث: أن يكون الاستقرار بواسطة الغصب

و في هذه الصورة يكون للمالك مطالبة المديون بنفس العين فان كان المتالف مثليا يجب دفعه و لو كان قيميا تجب القيمة و لو كان قيمة المغصوب اقل قيمة في بلد الغصب.

و لا مجال للاخذ بدليل لا ضرر اذ يرد علي الاستدلال به أولا ان

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 151

مفاده النهي لا النفي و ثانيا ان ضرر المديون باداء الاكثر يعارض بضرر الدائن بالصبر و لا مرجح.

و ثالثا ان دليل لا ضرر لا يتقدم علي الدليل الذي يكون مفاده الضرر و لذا نري ان الحج و الخمس و الزكاة و امثالها واجبة و تكون ادلتها مخصصة لدليل لا ضرر و يؤيد المدعي بما اشتهر بين الاصحاب من أن الغاصب يؤخذ باشق الاحوال. و علي الجملة مع امكان تأدية مصداق ذلك الكلي يجب و علي تقدير عدم امكانه تصل النوبة الي القيمة فلاحظ.

و الحمد للّه و له الشكر و قد وقع الفراغ من كتابة هذا التعليق في ليلة الاحد الحادي و العشرين من شهر ذي حجة الحرام من السنة 1415 بعد الهجرة علي مهاجرها آلاف التحية و الثناء في بلدة قم المقدسة عش اهل بيت العصمة و الطهارة و السلام علينا و علي عباد اللّه الصالحين و رحمة اللّه و بركاته.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب،

ج 4، ص: 152

[الفوائد التي تكون موجبة لتجديد النظر في كثير من الفروع الاستنباطية]

اشارة

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ الحمد للّه رب العالمين اما بعد فقد سألني بعض الافاضل ان اضمّ الي كتابنا عمدة المطالب جملة من الفوائد التي خطرت ببالي القاصر طوال سنين كي ينتفع بها رواد الفضيلة و العلم و حيث كان المطلوب أمرا حسنا و ذات اهمية أجبت و لذا قمت بهذه المهمة و اذكر تلك الفوائد التي تكون موجبة لتجديد النظر في كثير من الفروع الاستنباطية و ما توفيقي الا باللّه عليه توكلت و إليه انيب.

الفائدة الأولي: ان المرجح في باب التعادل و الترجيح منحصر في الأحدثية

اشارة

و تفصيل هذا الاجمال انه لو وقع التعارض بين الحديثين بالتباين الكلي أو الجزئي و لا يكون احدهما قابلا لرفع اليد به عن الاخر فمقتضي القاعدة الاولية التساقط اذ المفروض عدم امكان الجمع بينهما و عدم جواز ترجيح احدهما علي الاخر بلا مرجح فالقاعدة تقتضي تساقطهما فهل يكون مقتضي الدليل الثانوي التوقف أو التخيير أو الترجيح بالمرجح الموجود في احد الطرفين أو الاحتياط أو غير ذلك؟

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 153

و الروايات الواردة في هذا المقام مختلفة
الطائفة الاولي ما يدل علي وجوب التوقف:

منها ما رواه عمر بن حنظلة قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما- الي أن قال: فان كان كل واحد اختار رجلا من أصحابنا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما و اختلفا فيما حكما و كلاهما اختلفا في حديثكم (حديثنا- خ) فقال: الحكم ما حكم به أعدلهما و أفقهما و أصدقهما في الحديث و اورعهما و لا يلتفت الي ما يحكم به الاخر.

قال: فقلت فانهما عدلان مرضيان عند اصحابنا لا يفضل (ليس يتفاضل) واحد منهما علي صاحبه قال: فقال: ينظر الي ما كان من رواياتهما عنّا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه عند اصحابك فيؤخذ به من حكمنا و يترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند اصحابك فان المجمع عليه لا ريب فيه- الي أن قال: فان كان الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثقات عنكم قال ينظر فما وافق حكمه الكتاب و السنة و خالف العامة فيؤخذ به و يترك ما خالف حكمه حكم الكتاب و السنة و وافق العامة.

قلت: جعلت فداك ان رأيت ان كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب و السنة و وجدنا احد الخبرين موافقا للعامة و

الاخر مخالفا لهم بايّ الخبرين يؤخذ.

فقال: ما خالف العامة ففيه الرشاد فقلت: جعلت فداك فان وافقهما الخبران جميعا قال: ينظر الي ما هو إليه أميل حكامهم و قضاتهم فيترك و يؤخذ بالآخر.

قلت: فان وافق حكامهم الخبرين جميعا قال اذا كان ذلك فارجئه

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 154

حتي تلقي إمامك فان الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات «1».

و الراوي الاول في الحديث غير معتبر فان عمر بن حنظلة لم يوثق مضافا الي كون الحديث مختصا بزمان امكان الوصول الي الامام عليه السلام.

و منها مرسل الطبرسي: روي سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام قلت: يرد علينا حديثان واحد يأمرنا الاخذ به و الاخر ينهانا عنه قال: لا تعمل بواحد منهما حتي تلقي صاحبك فتسأله عنه قال قلت: لا بدّ من أن نعمل باحدهما قال خذ بما فيه خلاف العامة «2».

و المرسل لا اعتبار به مضافا الي اختصاصه بزمان امكان الوصول الي الامام عليه السلام.

و منها ما رواه في السرائر نقلا من كتاب مسائل الرجال لعلي ابن محمد ان محمد بن علي بن عيسي كتب إليه يسأله عن العلم المنقول إلينا عن آبائك و أجدادك صلوات اللّه عليهم قد اختلف علينا فيه فكيف العمل به علي اختلافه أو الرد أليك فيما اختلف فيه فكتب عليه السلام ما علمتم انه قولنا فالزموه و ما لم تعلموا فردوه إلينا «3».

و غاية ما يستفاد منه التوقف فيكون قابلا لان يقيد بما يدل علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من ابواب صفات القاضي الحديث 1.

(2) جامع الاحاديث ج 1 ص 266 الحديث 32.

(3) الوسائل الباب 9 من ابواب صفات القاضي الحديث 36.

عمدة المطالب في التعليق

علي المكاسب، ج 4، ص: 155

ترجيح احد الطرفين بالمرجح الخارجي.

و بعبارة اخري علم انه علي فرض تمامية الدليل علي التوقف لا بدّ من تقييده بما يدل علي الترجيح بالمرجح.

اضف الي ذلك كله ان غاية ما يستفاد من الطائفة المشار إليها انه لا يجوز الاخذ باحد الطرفين و الحكم به لكن لا تنافي بين عدم الاخذ باحدهما و الاخذ بالدليل اللفظي الاخر من عموم أو اطلاق ان كان و الا فبالاصل العملي بمقتضاه فلاحظ.

الطائفة الثانية: ما يدل علي التخيير

منها ما أرسله في الاحتجاج روي عن الحسن بن الجهم عن الرضا عليه السلام انه قال: قلت:

للرضا عليه السلام تجيئنا الاحاديث عنكم مختلفة قال: ما جاءك عنه (عنا- خ ل) فقسه علي كتاب اللّه عز و جل و أحاديثنا فان كان يشبهها فهو منا و ان لم يشبهها فليس منا.

قلت يجيئنا الرجلان و كلاهما ثقة بحديثين مختلفين فلا نعلم ايهما الحق فقال: اذا لم تعلم فموسع عليك بايهما أخذت «1» و المرسل لا اعتبار به.

و منها ما رواه ابن المغيرة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا سمعت من أصحابك الحديث و كلهم ثقة فموسع عليك حتي تري القائم فترده عليه «2».

و فيه ان الرواية لا ترتبط بالمقام فان المستفاد منها اعتبار قول الثقة و لا تعرض فيها للتعارض فلاحظ.

______________________________

(1) جامع الاحاديث ج 1 ص 260 الحديث 20.

(2) نفس المصدر الحديث 21.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 156

و منها مرفوعة العلامة الي زرارة بن اعين قال: سألت الباقر عليه السلام فقلت: جعلت فداك يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان فبايهما آخذ قال عليه السلام: يا زرارة خذ بما اشتهر بين اصحابك و دع الشاذ النادر.

فقلت: انهما معا مشهوران مرويان مأثوران

عنكم فقال عليه السلام: خذ بقول أعدلهما عندك و أوثقهما في نفسك.

فقلت: انهما معا عدلان مرضيان موثقان فقال عليه السلام: انظر ما وافق منهما مذهب العامة فاتركه و خذ بما خالفهم قلت: ربما كانا معا موافقين لهم أو مخالفين فكيف اصنع فقال عليه السلام: اذا فخذ بما فيه الحائطة لدينك و اترك ما خالف الاحتياط.

فقلت: انهما معا موافقان للاحتياط أو مخالفان له فكيف اصنع فقال عليه السلام: اذا فتخير احدهما فتأخذ به و تدع الاخر «1» و المرفوعة لا اعتبار بها.

و منها ما ارسله الكليني في ديباجة الكتاب: فاعلم يا اخي ارشدك اللّه انه لا يسع احدا تمييز شي ء مما اختلف الرواية فيه عن العلماء عليهم السلام برأيه الاعلي ما أطلقه (اطلعه- خ ل) العالم عليه السلام بقوله: اعرضوها علي كتاب اللّه فما وافق كتاب اللّه جل و عز اقبلوه (فخذوه- خ ل) و ما خالف كتاب اللّه عز و جل فردوه.

و قوله عليه السلام: دعوا ما وافق القوم فان الرشد في خلافهم و قوله عليه السلام خذوا بالمجمع عليه فان المجمع عليه لا ريب فيه و نحن لا نعرف من جميع ذلك الا اقله و لا نجد شيئا أحوط و لا أوسع من رد علم ذلك كله الي العالم عليه السلام و قبول ما وسع من الامر فيه

______________________________

(1) جامع الاحاديث ج 1 ص 255 الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 157

بقوله بايما اخذتم من باب التسليم وسعكم «1» و المرسل لا اعتبار به.

و منها ما رواه ابن مهزيار قوله: «فروي بعضهم أن صلّهما في المحمل و روي بعضهم لا تصلهما الا علي الارض فاعلمني كيف تصنع انت لأقتدي بك في ذلك

فوقع عليه السلام: موسع عليك باية عملت «2».

و هذه الرواية لا يستفاد منها المدعي بل المستفاد منها التخيير في الاتيان بالنافلة بين الامرين فلا ترتبط بما نحن فيه.

و منها ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من اهل دينه في امر كلاهما يرويه احدهما يأمر بأخذه و الاخر ينهاه عنه كيف يصنع قال: يرجئه حتي يلقي من يخبره فهو في سعة حتي يلقاه «3».

و المستفاد من الرواية عدم الجزم باحد الطرفين و تأخير الامر الي أن يصل الي من يخبره بواقع الامر و الي ذلك الزمان في سعة أي لا يكون الزام لا بطرف الفعل و لا بطرف الترك فلا ترتبط الرواية بالمقام مضافا الي أن الحكم يختص بزمان الحضور.

و منها جواب مكاتبة الحميري الي صاحب الزمان عليه السلام الي أن قال عليه السلام في الجواب عن ذلك حديثان اما احدهما فاذا انتقل من حالة الي اخري فعليه التكبير و أما الاخر فانه روي انه اذا رفع رأسه من السجدة الثانية و كبّر ثم جلس ثم قام فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير و كذلك التشهد الاول يجري هذا المجري

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 3.

(2) جامع الاحاديث ج 1 ص 269 في ذيل حديث 42.

(3) الوسائل الباب 9 من ابواب صفات القاضي الحديث 5.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 158

و بايهما أخذت من باب التسليم كان صوابا «1».

و فيه انه حكم خاص وارد في مورد مخصوص و لا وجه لاسرائه الي غير مورده لعدم المقتضي للاسراء مضافا الي أن مقتضي القاعدة في مورد الرواية تخصيص العموم بالخصوص و عدم ملاحظة النسبة و اجراء التعارض

علي خلاف القاعدة.

فكيف يمكن التعدي عن المورد فان مقتضي الجمع بين الحديثين أن يقيد الحديث الاول بالحديث الثاني و لكن الامام عليه السلام امر بغير النحو المذكور و أمره مطاع و لكن لا يتعدي عن المورد.

و منها ما عن الفقه الرضوي عليه السلام و النفساء تدع الصلاة اكثره مثل ايام حيضها الي أن قال: و قد روي ثمانية عشر يوما و روي ثلاثة و عشرون يوما و بأي هذه الاحاديث اخذ من جهة التسليم جاز «2». و لا اعتبار بالحديث سندا.

فالنتيجة انه لا دليل علي التخيير و علي فرض وجود دليل عليه علي نحو الاطلاق لا بد من أن يقيد بما يدل علي الترجيح بالمرجح.

ثم انه علي القول به هل يكون ابتدائيا أو استمراريا يمكن القول بالاستمرار لوجهين احدهما استصحاب التخيير فان مقتضاه بقائه.

ثانيهما: اطلاق دليل التخيير فانه في كل زمان يصدق التعارض و مع صدقه يترتب عليه حكمه اعني التخيير.

و يرد علي الوجه الأول عدم جريان الاستصحاب في الحكم الكلي بالمعارضة و أما الوجه الثاني فالظاهر انه تام.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من ابواب صفات القاضي الحديث 39.

(2) مستدرك الوسائل ج 17 الباب 9 من ابواب صفات القاضي الحديث 12.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 159

الطائفة الثالثة: ما يدل علي الاحتياط

منها ما رواه العلامة «1».

و هذه الرواية لا اعتبار بها سندا.

الطائفة الرابعة: ما يدل علي الترجيح بمخالفة القوم.

منها ما رواه الحسين بن السري قال: قال ابو عبد اللّه عليه السلام: اذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم «2» و الحديث ضعيف بالارسال و بغيره.

و منها ما رواه الحسن بن الجهم قال: قلت للعبد الصالح عليه السلام: هل يسعنا فيما ورد علينا منكم الا التسليم لكم فقال: لا و اللّه لا يسعكم الا التسليم لنا فقلت: فيروي عن أبي عبد اللّه عليه السلام شي ء و يروي عنه خلافه فبايهما نأخذ فقال: خذ بما خالف القوم و ما وافق القوم فاجتنبه «3».

و الحديث ضعيف بأبي البركات فانه مخدوش كما ستعرف ان شاء اللّه تعالي.

و منها ما رواه محمد بن عبد اللّه قال: قلت للرضا عليه السلام كيف نصنع بالخبرين المختلفين فقال: اذا ورد عليكم خبران مختلفان فانظروا الي ما يخالف منهما العامة فخذوه و انظروا الي ما يوافق اخبارهم فدعوه «4».

و الحديث ضعيف سندا و منها ما ارسله الكليني «5» و المرسل لا اعتبار به.

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 156.

(2) الوسائل الباب 9 من ابواب صفات القاضي الحديث 30.

(3) نفس المصدر الحديث 31.

(4) نفس المصدر الحديث 34.

(5) قد تقدم ذكر الحديث في ص 156.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 160

الطائفة الخامسة: ما يدل علي الترجيح بموافقة الكتاب.

منها رواه حسن بن الجهم «1» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

و منها ما رواه احمد بن الحسن الميثمي انه سأل الرضا عليه السلام في حديث طويل الي أن قال عليه السلام: فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوهما علي كتاب اللّه فما كان في كتاب اللّه موجودا حلالا أو حراما فاتبعوا ما وافق الكتاب «2» و الحديث ضعيف سندا.

الطائفة السادسة: ما يدل علي الترجيح بموافقة الكتاب أولا و بمخالفة القوم ثانيا.

لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: قال الصادق عليه السلام: اذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما علي كتاب اللّه فما وافق كتاب اللّه فخذوه و ما خالف كتاب اللّه فردوه فان لم تجدوهما في كتاب اللّه فاعرضوهما علي أخبار العامة فما وافق أخبارهم فذروه و ما خالف أخبارهم فخذوه «3».

و عبّر سيدنا الاستاد عن هذه الرواية بالصحيحة «4» و الحال ان الامر ليس كذلك فان من جملة رجال السند أبا البركات و قال سيدنا الاستاد في رجاله:

قال الشيخ الحر في تذكرة المتبحرين: الشيخ ابو البركات علي ابن الحسين الجوزي الحلي عالم صالح محدث يروي عن أبي جعفر ابن بابويه «5».

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 155.

(2) الوسائل الباب 9 من ابواب صفات القاضي الحديث 21.

(3) نفس المصدر الحديث 29.

(4) مصباح الاصول ج 3 ص 415.

(5) معجم رجال الحديث ج 11 ص 375.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 161

و يرد علي سيدنا الاستاد أولا: ان الحر قدس سره من المتأخرين و سيدنا الاستاد لا يري اعتبار توثيقهم الا أن يقال انه ما الفرق بين توثيق المتقدم و المتأخر فان الفصل الزماني الطويل ان كان مانعا عن الحجية فتوثيق النجاشي للرواة الاسبقين غير معتبر و ان لم يكن مضرا فلا وجه

لعدم الاعتبار.

و يمكن ان يقال في وجه الفرق: ان المتقدمين كالنجاشي و اضرابه كانوا مجدين علي وجدان مدارك وثاقة الرجال فكيف يمكن أن لا يجدوا المدرك و المتأخرين عنهم يجدون فيعلم ان توثيق الحر و اضرابه اجتهادي و حدسي لا حسي فلا أثر له. و لكن بنينا اخيرا ان توثيق المتأخر كتوثيق المتقدم اذا كان ناشيا عن الحس يكون معتبرا.

و ثانيا: ان الحرّ لم يوثق الرجل و لم يقل انه ثقة بل قال «صالح»

و الحال ان ديدن الرجالين في الرجال التصريح بالوثاقة و لا يكتفون في التوثيق بالتعبير عن الموثق بقولهم «ديّن» أو «صالح» و لاثبات هذه الدعوي نذكر عدة موارد منهم المفيد فان العلامة و النجاشي و الشيخ صرحوا بكونه ثقة.

و منهم الطوسي فان العلامة و النجاشي صرحا بوثاقته. و منهم الكليني فان العلامة و الشيخ و النجاشي صرحوا بوثاقته و منهم زرارة فقد صرح العلامة و النجاشي و الشيخ بوثاقته.

و منهم الشيخ علي بن عبد الصمد التميمي قال الشيخ منتجب الدين في فهرسته: ديّن ثقة و منهم قطب الدين سعيد بن هبة اللّه قال منتجب الدين في حقه، فقيه عين صالح ثقة.

و منهم علي بن عبد العالي قال الحر في ترجمته: كان فاضلا عالما متبحرا محققا مدققا جامعا كاملا ثقة زاهدا عابدا ورعا

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 162

جليل القدر عظيم الشأن فريدا في عصره.

فنري انهم يصرحون بالوثاقة في موارد تراجمهم فان الحرّ فرق بين الموردين بالتصريح بالوثاقة في احد الموردين مع تصريحه بكونه ورعا و لم يذكر الوثاقة في الاخر و اكتفي بقوله صالح.

ان قلت: اذا لم يكن شخص ثقة كيف يمكن أن يقال في حقه صالح؟ قلت لا يبعد

انه اذا كان شخص بحسب الظاهر يصلي و يصوم و يحضر المجالس الدينيّة و يبكي لذكر مصائب الائمة عليهم السلام يصح أن يقال انه صالح اي ظاهر الصلاح.

و الذي يدل علي صحة هذه المقالة ان الشهادة بالصلاح لا تكون شهادة بالعدالة فعلي هذا الاساس لا يكون التعبير المذكور توثيقا و لا اقل من عدم امكان الجزم به.

و ثالثا: ان الحرّ قدس سره قال في الفائدة الثانية عشرة من فوائده في الخاتمة من الوسائل «و انما نذكر هنا من يستفاد من وجوده في السند قرينة علي صحة النقل و ثبوته و اعتماده و ذلك اقسام.

و قد يجتمع منها اثنان فصاعدا.

منها من نص علمائنا علي ثقته مع صحة عقيدته، و منها من نصوا علي مدحه و جلالته و ان لم يوثقوه مع كونه من أصحابنا الخ.

فيمكن أن يكون قوله فلان صالح مستندا الي نص العلماء بجلالته و مدحه فكيف يمكن الاعتماد علي قوله في حق الرجل «صالح» و يجزم بكونه ثقة مستندا الي شهادة الحرّ.

و رابعا: انه قابل في كلامه في هذا المقام بين التوثيق و المدح فان المدح بمجرده لا يكون توثيقا بصريح عبارته فلا يكون قوله

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 163

فلان صالح توثيقا.

و خامسا: ان الحرّ قدس سره قال في جملة من كلامه و منها من وقع الاختلاف في توثيقه و تضعيفه فان كان توثيقه أرجح فوجوده في السند قرينة الخ.

فانه يظهر من هذه العبارة انه يجتهد في مقام الاعتماد و كون الشخص ثقة، و من الظاهر انه لا اعتبار باجتهاد الشاهد في مقام الشهادة.

و سادسا ان الحر قدس سره قال في الفائدة الثامنة من كتاب امل الامل ج 1 ص 17

اعلم انني تتبّعت احوال علمائنا المتأخرين جهدي بعد ما كانت اسمائهم و احوالهم و مؤلفاتهم متفرقة متشتتة في كتبهم و اجازاتهم و غيرها و سمعت كثيرا منها من افواه مشايخنا و معاصرينا الخ.

و قال في الفائدة العاشر ص 18 في ذكر الكتب التي انقل منها اعلم انّي نقلت في هذا الكتاب من فهرست الشيخ منتجب الدين علي بن عبيد اللّه ابن بابويه الي ان قال.

و قد نقلت أيضا من تاريخ ابن خلكان من نسخة بخط مؤلفه و من يتيمة الدهر للثعالبي و من دمية القصر لابي الحسن الباخرزي و من طبقات الادباء لعبد الرحمن بن محمد الانباري و هؤلاء الاربعة من العامة لكن مدحهم لعلماء الامامية بعيد عن التهمة.

و قد ذكر نظير هذه العبارة في المجلد الثاني من كتاب امل الامل (تذكرة المتبحرين) ص 369.

فتري ان توثيقات الحر و توصيفاته للرواة علي اي اساس فالنتيجة ان شهادة الحر بوثاقة احدا و توصيفه شخصا بكونه صالحا

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 164

مثلا لا يترتب عليه اثر فيكون الحديث الّذي محل الشاهد في مقام الترجيح ساقطا عن الاعتبار فلا دليل علي ترجيح احد المتعارضين بموافقة الكتاب و لا بمخالفة العامة.

الطائفة السابعة: ما يدل علي الترجيح بالاحدثية.

منها ما رواه ابو عمرو الكناني قال: قال لي ابو عبد اللّه عليه السلام: يا با عمرو أ رأيت لو حدثتك بحديث أو افتيتك بفتيا ثمّ جئتني بعد ذلك فسألتني عنه فأخبرتك بخلاف ما كنت أخبرتك أو افتيتك بخلاف ذلك بايهما كنت تأخذ؟ قلت: بأحدثهما و ادع الاخر فقال: قد أصبت يا أبا عمرو أبي اللّه الا أن يعبد سرا، أما و اللّه لئن فعلتم ذلك انه لخير لي و لكم أبي اللّه عز و

جل لنا في دينه الا التقية «1».

و منها ما ارسله الحسين بن المختار عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أ رأيتك لو حدثتك بحديث العام ثم جئتني من قابل فحدثتك بخلافه بايهما كنت تأخذ؟ كنت آخذ بالاخير فقال لي: رحمك اللّه «3» و المرسل لا اعتبار به.

و منها مرسل الكليني و في حديث آخر خذوا بالاحدث «4» و الحديث ضعيف سندا بالارسال.

و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من ابواب صفات القاضي الحديث 17.

(3) الوسائل الباب 9 من ابواب صفات القاضي الحديث 7.

(4) نفس المصدر الحديث 9.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 165

قلت له: ما بال اقوام يروون عن فلان و فلان عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لا يتهمون بالكذب فيجي ء منكم خلافه قال: ان الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن «1».

و مقتضي هذه الرواية ان الاعتبار بالحديث الثاني فالاحدث حجة و ناسخ للمتقدم.

و اورد عليه سيدنا الاستاد بأن ضرورة المذهب علي عدم امكان نسخ القرآن أو السنة بالخبر الظني فلا بد من كون الخبر مقطوع الصدور و مقطوع الصدور خارج عن محل الكلام و ان كان المراد من النسخ التخصيص أو التقييد فلا كلام في تخصيص العام و تقييد الاطلاق بالمخصص و المقيد.

و يرد عليه أولا انه لم يفرض في الحديث كون الوارد عن النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم مقطوع الصدور بل مطلق من هذه الجهة و الميزان الكلي الاخذ بالإطلاق و رفع اليد عنه بالمقدار الذي علم بعدم ارادته. فنقول: نقيد نسخ الاول بالثاني بصورة عدم كون الاول مقطوع الصدور.

و ثانيا ان

الميزان الكلي الاخذ بإطلاق الجواب لا بخصوص السؤال، و الجواب في الحديث مطلق فان قوله عليه السلام: الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن مطلق شامل لكون كلا الخبرين من النبي الاكرام أو كليهما من غيره أو يكون احدهما عن النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم و الاخر عن الامام عليه السلام.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، 4 جلد، كتابفروشي محلاتي، قم - ايران، اول، 1413 ه ق عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب؛ ج 4، ص: 165

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من ابواب صفات القاضي الحديث 4.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 166

و علي جميع التقادير يكون كلاهما مقطوعي الصدور أو مظنوني الصدور أو بالاختلاف، فبالمقدار الذي قامت ضرورة المذهب علي خلافه ترفع اليد و في الباقي يؤخذ بالدليل و يلتزم به.

و منها: ما رواه منصور بن حازم قال: قلت لابي عبد اللّه عليه السلام: ما بالي اسألك عن المسألة فتجيبني فيها بالجواب ثم يجيئك غيري فتجيبه فيها بجواب آخر فقال: انا نجيب الناس علي الزيادة و النقصان.

قال قلت: فاخبرني عن أصحاب رسول اللّه صدقوا علي محمد صلي اللّه عليه و آله أم كذبوا؟ قال: بل صدقوا.

قال: قلت فما بالهم اختلفوا؟ فقال: أ ما تعلم ان الرجل كان يأتي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فيسأله عن المسألة فيجيبه فيها بالجواب ثم يجيبه بعد ذلك ما ينسخ ذلك الجواب فنسخت الاحاديث بعضها بعضا «1».

و يمكن الاستدلال بهذه الرواية علي المدعي بتقريبين: التقريب الاول: انه عليه السلام قال في جواب السائل أو لا «انا نجيب الناس علي الزيادة و النقصان» و يفهم العرف ان الميزان بالمتأخر من الجواب.

التقريب الثاني: انه

عليه السلام قال في آخر كلامه «فنسخت الاحاديث بعضها بعضا» بنحو العام الاستغراقي فالاحاديث كلها نبويا كان الخبر أو غيره ينسخ كما ينسخ القرآن.

______________________________

(1) الاصول من الكافي ج 1 ص 65 الحديث 3.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 167

التقريب الثالث: أن نفرض كون الألف و اللام في كلامه الاخير للعهد و الاشارة الي الاخبار النبوية و لكن نقول: العرف يفهم من مجموع الكلام صدرا و ذيلا ان الميزان بالخبر الثاني و هذا هو المطلوب و المدعي في المقام.

الفائدة الثانية: [العلم الإجمالي لا ينجز إلا في بعض الأطراف]

اشارة

ان المشهور عند القوم تنجز العلم الاجمالي بالنسبة الي جميع الاطراف و الحق ان العلم الاجمالي لا ينجز الا في بعضها و لا مانع عن جريان الاصل في بقية الاطراف تخييرا و تفصيل هذا الاجمال و هو جريان الاصل في احد الطرفين أو الاطراف بنحو التخيير انّ

التخيير يتصور علي صور:
الصورة الأولي: التخيير الاصولي

كالتخيير في باب الاخذ باحد الخبرين المتعارضين فان المجتهد يأخذ باحد المتعارضين و يفتي علي طبقه و هذا النحو من التخيير لا مانع منه ثبوتا و لكن لا دليل عليه في مقام الاثبات.

الصورة الثانية: التخيير الوارد في مورد المتزاحمين

فان مثله أيضا غير جائز في المقام فان باب التزاحم متقوم بتكليفين متزاحمين بحيث لا يمكن الجمع بين امتثالهما فتكون النتيجة التخيير و أما في المقام فحيث ان المكلف يقدر علي الامتثال القطعي بالاجتناب عن جميع الاطراف فذلك التخيير اجنبي عن المقام أيضا.

الصورة الثالثة: التخيير العقلي

الثابت بضميمة الدليل الشرعي من جهة الاقتصار علي القدر المتيقن في رفع اليد عن ظواهر الادلة

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 168

كما لو دلّ دليل علي وجوب اكرام كل عالم و علمنا عدم وجوب اكرام زيد العالم و بكر العالم تعيينا لكن يحتمل وجوب اكرامهما تخييرا فلا بد من الاقتصار علي القدر المتيقن.

بأن نقول مقتضي اطلاق دليل الوجوب وجوب اكرام كل منهما علي الاطلاق و لكن نعلم بأن اكرام كل منهما يقتضي عدم وجوب اكرام الاخر و نشك في سقوط الوجوب عن كل واحد عند ترك اكرام الآخر و مقتضي اطلاق الدليل رفع اليد عنه في الجملة فنلتزم بوجوب اكرام كل واحد منهما عند ترك الاخر و عدم وجوبه عند فعل الاكرام بالنسبة الي الاخر.

اذا عرفت ما تقدم نقول:

ما يمكن أن يقال في تقريب منع شمول دليل الاصل أو الامارة لكلا الطرفين أو الاطراف أو قيل وجوه:
الوجه الأول: ما عن الميرزا النائيني

بأن الاطلاق اذا كان غير ممكن فالتقييد مثله اذ التقابل بين الاطلاق و التقييد تقابل العدم و الملكة و اذا استحال احد المتقابلين بالعدم و الملكة استحال الطرف الآخر فلا يمكن انطباق الصورة الثالثة علي المقام.

و لكن ذكرنا مرارا ان التقابل بين الاطلاق و التقييد بالتضاد مضافا الي أن استحالة احدهما تستلزم وجوب الاخر لاستحالة الاهمال في الواقع.

و الحق ان استحالة احد المتقابلين بالتقابل المذكور في جملة من الموارد توجب وجوب الطرف الاخر مثلا افتقار الممكن الي الواجب واجب و الحال ان غناه عنه محال و افتقار الباري الي مخلوقه

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 169

محال و غناه عنه واجب و أيضا علم المخلوق بالخالق محال و جهله به واجب و جهل الواجب بالممكن محال و علمه به واجب فهذا الوجه غير وجيه.

الوجه الثاني: ان ترخيص كل من الطرفين بشرط ترك الطرف الآخر يوجب الجمع في الترخيص

فان المكلف اذا ترك كلا الطرفين يتحقق الشرط من كلا الجانبين فيكون ارتكاب كليهما جائزا و كيف يمكن أن يجوز الشارع الاقدس ارتكاب الحرام.

و يرد عليه انه لا يتوجه محذور لا من ناحية المبدأ و لا من ناحية المنتهي أما من ناحية المبدأ فلأنا ذكرنا مرارا انه لا تناقض و لا تضاد بين الاحكام الشرعية فانها من باب الاعتبار و الاعتبار خفيف المئونة و ذكرنا أيضا ان الحكم الواقعي تابع للملاك في المتعلق و الحكم الظاهري تابع للملاك في نفس الجعل فلا اشكال من هذه الناحية.

و اما من ناحية المنتهي فما دام المكلف تاركا لكلا الطرفين لا يصدر عنه العصيان و مع ارتكاب احد الطرفين لا يجوز له ارتكاب الطرف الاخر فلا محذور من هذه الناحية أيضا.

و ان شئت قلت: المحذور في الترخيص في الجمع لا في الجمع بين الترخيصين

كما ان الامر كذلك في الترتب فانه في صورة عصيان الامر بالاهم يجمع المولي بين الحكمين لا أنه يأمر بالجمع بين الضدين و كم فرق بين المقامين.

الوجه الثالث: انه لا بدّ من احتمال تطابق الحكم الظاهري مع الحكم الواقعي

و الحال انه لا يحتمل فان الحكم الواقعي اما الحلية أو

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 170

الحرمة مثلا و علي كلا التقديرين يكون الحكم مطلقا و أما الحلية الظاهرية فهي مقيدة فلا تطابق.

و فيه انه لا دليل علي الاشتراط المذكور و انما اللازم احتمال سنخية الحكم الظاهري مع الحكم الواقعي و هذا الشرط متحقق في المقام.

الوجه الرابع: ان لازم القول المذكور شمول دليل الاصل من أول الامر

فيما يكون تضاد بين الطرفين و لا يمكن الجمع بينهما و الحال انه ليس الامر كذلك.

و فيه ان الوجه الاخير أردإ الوجوه فان الوجه المذكور يؤيد و يدل علي المطلوب فان التقييد في بقية الموارد جعلي و التعليق اعتباري و في المقام ضروري.

فانقدح بما ذكرنا انه لا مانع من الالتزام بجواز ارتكاب احد الطرفين مع ترك الطرف الاخر و لا اشكال لا من ناحية المبدأ و لا من ناحية المنتهي.

و يؤيد هذه المقالة ان المحقق التنكابني قدس سره نقل في كتابه إيضاح الفرائد في شرح الرسائل انه التزم بها المقدس الاردبيلي و تلميذه صاحب المدارك و جماعة من الاعلام.

فتحصل مما تقدم ان جريان اصل النافي في كل من الطرفين بشرط ترك الاخر لا مانع فيه و يظهر من التقريب المذكور انه لو كان كل من طرفي العلم الاجمالي مورد الاصل المثبت للتكليف فلا تصل النوبة الي القول بعدم التنجيز مثلا لو كان هناك انا آن كلاهما نجسان ثم علمنا بطهارة احدهما لا اشكال في جريان استصحاب النجاسة في كل من الطرفين و لا تصل النوبة الي اصالة الطهارة أو

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 171

الحل و في الحقيقة المنجز في المقام الدليل الشرعي في كل من الطرفين لا العلم الاجمالي.

ثم انه هل فرق فيما ذكرنا

بين الشبهة الموضوعية و الحكمية أو يختص بالشبهة الموضوعية الحق عدم الاختصاص لعدم وجه له فلو علم اجمالا بحرمة احد أمرين يجوز اجراء الاصل في كل من الطرفين بشرط ترك الطرف الاخر.

ثم انه هل يختص التقريب المذكور بالشبهة التحريمية أم يشمل الشبهة الوجوبية الحق هو الثاني فلا مانع من جريان الاصل في كل من الطرفين بشرط اتيان الاخر.

ثم انه هل يختص ما ذكرنا بالاصل أو يشمل الامارة الحق هو الثاني فان علمنا بحرمة احد أمرين و قامت الامارة علي الاباحة في كل من الطرفين لا مانع من الاخذ بكل واحد منهما بشرط ترك الاخر فلاحظ.

و في المقام شبهة قويّة لا بدّ من دفعها و هي انه علم اجمالا بوجوب احد فعلين كما لو علم بوجوب احدي الصلاتين اما الظهر و اما الجمعة و فرض ان المكلف أتي بالظهر مثلا يكون مقتضي الاستصحاب بقاء الالزام فيجب بحكم العقل الاتيان بالفرد الثاني كي تفرغ الذمّة من الاشتغال.

أقول: تارة يتعلق الالزام بامر معين كما لو علم المكلف بوجوب صلاة الظهر ثم شك في انه هل أتي بها أم لا؟ يكون مقتضي الاصل أي الاستصحاب عدم الاتيان، فيلزم الامتثال.

و بعبارة أخري الشك في سقوط ذلك الالزام مسبب من الشك في الاتيان بها و مقتضي الاستصحاب عدمه.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 172

و أما في مورد العلم الاجمالي فتعلق الالزام بالفرد الاخر غير معلوم فلا مجال لجريان الاستصحاب فيه، اذ ثبوت الامر من أول الامر مشكوك فيه فلا يقين سابق كي يستصحب و استصحاب بقاء الالزام بما تعلق به علي اجماله لا يثبت تعلقه بذلك الفرد الا علي القول بالمثبت.

مضافا الي أنّه لو قلنا بجريان الاستصحاب في الالزام

و بحكم العقل لا بدّ من الخروج عن العهدة نقول يعارضه استصحاب عدم تعلق الالزام بذلك الفرد و بعد التعارض و التساقط تصل النوبة الي قبح العقاب بلا بيان.

و بعبارة واضحة: مقتضي استصحاب بقاء الالزام حكم العقل بلزوم الفراغ و مقتضي عدم تعلق الالزام بذلك الفرد عدم لزوم الاتيان به فبالتعارض يسقط كلا الاستصحابين عن الاعتبار.

و لكن مع ذلك كله في النفس شي ء و هو انه للاشكال في أن المكلف يعلم باشتغال ذمته حدوثا و يشك في فراغها و مقتضي الاشتغال اليقيني البراءة كذلك و هي لا تحصل الا بالاحتياط التام.

ان قلت: قبح العقاب بلا بيان يقتضي عدم لزوم الاحتياط اذ البيان لا يتم بالنسبة الي المجموع.

قلت: لا اشكال في تمامية البيان بالنسبة الي الفرد الاجمالي و البراءة منه مشكوكة الحصول و لكن يترتب علي هذا عدم جريان البراءة في الاقل و الاكثر الارتباطيين اذ لا فرق بين المقامين من هذه الجهة.

و ببيان واضح ان مقتضي الاشتغال في كلا الموردين لزوم الاحتياط و علي هذا اشتهر بينهم ان الاشتغال اليقيني يقتضي

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 173

البراءة كذلك و علي المسلك المنصور أن المرجع استصحاب عدم الاتيان بالمأمور به.

و صفوة القول انه مع الشك في السقوط يكون المرجع عدم الاتيان بالمسقط. ان قلت: في الاقل و الاكثر الارتباطيين نعلم بتعلق الالزام بالاقل، اذ لا اشكال في تعلق الوجوب به و لو ضمنا و أما الاكثر فلا نعلم بتعلق الالزام به، فيجري فيه الاصل بلا معارض.

قلت: الوجوب الضمني لا اساس له فانّه خيال محض و ينحصر الوجوب بما تعلق بالكل اي المركب و لكن مع ذلك كله يختلج ببالي القاصر في هذه العجالة أن

يقال: بعد الاتيان بأحد الفردين لا يجب الاتيان بالفرد الاخر.

و يمكن تقريب المدعي بانّ المولي هل حكم بحكم يكون باقيا بعد الاتيان باحد الفردين أم لا؟ مقتضي الاستصحاب عدمه، فلا يقين بشي ء كي يستصحب بقائه فان الاشتغال بغير المأتي به مشكوك فيه و بالمأتي به حصل الفراغ منه.

و بتقريب آخر نشك في اشتغال الذمة بالفرد الاخر و الاصل عدم الاشتغال.

و بتقريب ثالث: نشك ان ذلك الفرد هل يكون مأمورا به أم لا؟

و الاصل عدم كونه كذلك.

و بتقريب رابع: نقول تنجيز العلم الاجمالي بتعارض الاصول و لولاه لا يكون منجزا فاذا أتي المكلف باحدي الصلاتين كالظهر مثلا نجري الاصل في الاخري بلا معارض كما لو علمنا بنجاسة احد إناءين فاريق احدهما و انعدم بحيث لا يكون له أثر لا مانع من جريان الاصل في الاناء الاخر اذ لا معارض له فلاحظ.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 174

ان قلت: اذا فرضنا عدم جريان الاصل في احد الطرفين للمعارضة كيف يجري بعد ذلك و كيف يعود بعد سقوطه؟

قلت: هذه مغالطة فان عدم جريان الاصل عند المعارضة في احد الطرفين لعدم شمول الدليل اياه للمانع العقلي و أما بعد خروجه عن طرف المعارضة فلا مانع عن الاخذ بالدليل.

و ان شئت فقل بالتخصيص خرج هذا المقدار عن تحت دليل الاصل و أما الزائد فلا. مثلا لو شك المكلف في حلية حيوان قبل قدرته علي اكله لا تجري اصالة الحلية و أما اذا صار مورد الابتلاء و صار قادرا علي أكله تجري اصالة الحلّ بلا اشكال و الحال انّ الشك الموجود في الزمان المتأخر عين الشك الذي كان قبلا فوحدة الشك لا تقتضي عدم الجريان.

و الوجه فيما ذكرنا انّا

لا نقول الاصل الساقط يعود بل نقول المقتضي للجريان موجود في جميع الاحوال لكن المانع يمنع عن الجريان في بعض الاحوال دون الباقي. فان المولي لو قال: اكرم العلماء و في دليل آخر قال لا تكرم الفساق منهم و كان زيد العالم عادلا في يوم السبت ثم صار فاسقا يوم الاحد ثم عادت عدالته يوم الاثنين، يشمله دليل وجوب الاكرام يوم السبت و يوم الاثنين و لا يشمله يوم الاحد.

و هذا معني قولنا «الضرورات تقدر بقدرها». ان قلت: ما المانع من جريان الاستصحاب و الحكم ببقاء ما في الذمة و يترتب عليه وجوب الاتيان بالجمعة بعد الاتيان بالظهر. قلت: يعارضه استصحاب عدم وجوب الجمعة و يتساقطان و بعد ذلك تصل النوبة الي البراءة و قبح العقاب بلا بيان ان قلت: قاعدة الاشتغال تقتضي

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 175

وجوب الاتيان بالجمعة فلا مجال للبراءة. قلت: ان المفروض ان المكلف لا يعلم بشغل زائد للذمة، و بعبارة اخري من اوّل الامر لا يعلم المكلف بشي ء معين كي يقال يلزم التخلص منه بل يعلم اجمالا بالاشتغال. أضف الي ذلك ان حديث الرفع بعد تعارض الاستصحابين محكم لاحظ ما رواه حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: رفع عن أمتي تسعة أشياء، الخطأ و النسيان و ما أكرهوا عليه و ما لا يعلمون الحديث «1».

و بعد جريان البراءة عن وجوب الجمعة لا يبقي مجال لحكم العقل و الزامه.

الفائدة الثالثة: ان دلالة صيغة الأمر علي الوجوب بالإطلاق المقامي

بخلاف ما أفاده سيدنا الاستاد حيث ادعي ان وجه الدلالة حكم العقل بتقريب: ان المولي اذا اعتبر فعلا في ذمة المكلف و ابرز حبه

الي أن يفعل المكلف الفعل الفلاني و لم ينصب قرينة علي جواز الترك يحكم العقل بلزوم الامتثال فلا يكون الوجوب من المداليل اللفظية بل من المداليل السياقية بحكم العقل.

و يرد عليه أولا: النقض بأنه لو قام دليل مجمل و لم يعلم منه المراد و تردد أمر المولي بين كونه وجوبيا أو ندبيا فهل يحكم سيدنا الاستاد بالوجوب و الحال ان اجمال النص أو تعارضه أو فقدانه موضوع لجريان البراءة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 56 من ابواب جهاد النفس و ما يناسبه الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 176

و ثانيا: انه لا وجه لهذا الادعاء و لا موجب لحكم العقل مع الشك في أن المولي أوجب أو لم يوجب مع ان قبح العقاب بلا بيان يقتضي عدم الوجوب و يوجب البراءة عن الالزام.

فالحق أن يقال ان الصيغة موضوعة لابراز اعتبار الفعل في الذمة غاية الامر لو كان المولي في مقام البيان و لم ينصب قرينة علي الندب يستفاد من كلامه الوجوب.

و ان شئت قلت: الاهمال لا يعقل في الواقع فاذا اعتبر المولي فعلا في الذمة فاما يجوز و يرخص في الترك أو لا يرخص فاذا رخص يكون التكليف ندبيا، و اذا لم يرخص يكون وجوبيا فلو كان في مقام البيان و لم يرخص يكون مقتضي الاطلاق المقامي هو الوجوب.

و عليه لا مانع من أن يقال ان الندب و التكليف الاستحبابي مركب من اعتبار الفعل في الذمة مع الترخيص في الترك فعلي هذا لا تكون الصيغة موضوعة لخصوص الوجوب بل موضوعة لابراز الاعتبار الجامع بين الامرين.

و صفوة القول: ان المولي لو استعمل الصيغة و قال «صل» يكون مقتضي اطلاق المقامي الالزام حيث لم ينصب قرينة علي

الترخيص في الترك كما ان مقتضاه عدم الهزل و المزاح و الامتحان و السخرية و التهديد و التعجيز الي غيره فان كل واحد من هذه المذكورات و ان كان ممكنا ثبوتا لكن بدون قيام القرينة و البيان لا مجال لحمل الكلام عليه.

و ان شئت قلت: ان كان احتمال الامور المذكورة مانعا عن حمل الكلام علي إرادة الالزام و التحريك نحو العمل لانسد باب الافادة و الاستفادة.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 177

و صفوة القول: ان إرادة كل واحد من الامور المذكورة تحتاج الي معونة فلو كان المولي في مقام البيان و لم ينصب قرينة علي مراده يستفاد من كلامه ان الداعي له الزام الفعل.

الفائدة الرابعة: ان مضمرات سماعة و أضرابه لا تكون حجة

فلا اعتبار بتلك المضمرات، كما ان الشيخ قدس سره اشار الي هذا في التهذيب و قال ان سماعة قال: سألته و لم يذكر المسئول بعينه و يحتمل أن يكون قد سأل غير الامام فأجابه بذلك و اذا احتمل ما قلنا لم يكن فيه حجة علينا «1».

و تفصيل هذا الاجمال انه تارة يكون الراوي له جلالة و مكانة لا يضمر الا عن المعصوم عليه السلام كزرارة و اضرابه و اما اذا لم يكن شيعيا أو كان و لم يكن اثني عشريا او كان و لكن يحتمل في حقه الاضمار عن غير المعصوم لا يكون حديثه المضمر مؤثرا.

الفائدة الخامسة: ان دليل وجوب الوفاء بالعقود لا يمكن أن يكون دليلا علي الصحة

بل يكون ارشادا الي اللزوم فلا مجال للاستدلال به علي صحة العقد و تفصيل هذا الاجمال ان وجوب الوفاء المستفاد من الآية ليس وجوبا تكليفيا اذ من الظاهر ان الفسخ ليس محرما شرعا فيكون مفاد الآية ارشادا الي اللزوم.

______________________________

(1) التهذيب ج 1 الباب الاول ذيل حديث 35 ص 16.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 178

و عليه نقول: الاهمال غير معقول في الواقع فالعقد الذي حكم بلزومه اما يكون خصوص الصحيح أو الاعم منه و من الفاسد أو خصوص الفاسد؟ لا سبيل الي الثاني و الثالث فيكون الشق الاول متعينا فيلزم فرض العقد صحيحا كي يترتب عليه اللزوم.

و علي الجملة الآية الشريفة لا يمكن جعلها دليلا علي صحة العقود بل الآية دليل علي لزوم العقد الذي فرض كونه صحيحا في الرتبة السابقة.

ان قلت: بعد الحكم باللزوم تستفاد الصحة بالملازمة. قلت:

هذا التقريب انّما يتم في القضية الخارجية حيث يحكم المولي بلزوم العقد الفلاني فيكون صحيحا بالملازمة و اما في القضية الحقيقية- كما هي كذلك في الاحكام الشرعية- فيفرض الموضوع

في الخارج فلا محالة تجري فيها الشقوق المتقدمة و قد تقدم ان الاهمال و الاطلاق لا يمكن الالتزام بهما فيختص الحكم بخصوص الصحيح فلاحظ.

الفائدة السادسة: [عدم اعتبار رواية يكون في سندها مشترك في طبقة واحدة او احتمل الاتحاد]

ان الرواية التي يكون في سندها من يكون مشتركا بين شخصين أو أشخاص كلاهما أو كلهم في طبقة واحدة أو احتمل الاتحاد و لا يكون كلاهما أو كلهم ثقات لا تكون الرواية معتبرة مثلا نري ان الكليني قدس سره في موارد كثيرة جدا يروي الحديث عن محمد بن يحيي عن احمد بن محمد و لا ندري المراد من احمد بن محمد لا يمكن الحكم بكون الحديث معتبرا و لا مجال لحمل لفظ احمد بن محمد علي ابن عيسي

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 179

مع ان محمد بن يحيي يروي عنه و عن احمد بن محمد بلا تذييله بلفظ ابن عيسي.

و قد أوردنا هذا الايراد علي سيدنا الاستاد قدس سره و أجاب بأن تمييز المشتركات يحصل بالممارسة.

و الحق ان هذه الجملة ليس تحتها شي ء فان الممارسة لا تفيد شيئا بل الممارسة أرشدتنا الي خلاف ما رامه و كلما يدقق الفقيه في هذا المجال يصير الامر اصعب عليه فان تمييز المشتركات أمر غير ممكن.

اللهم الا أن يحصل في مورد القطع بكون الراوي الفلان ابن فلان و هذا القطع لا يفيد لغير القاطع.

و بعبارة اخري قطع شخصي و لا يكون قابلا لاثبات الامر لغير القاطع و من الظاهر ان القطع من اي سبب يحصل و في كل مورد تحقق يكون حجة و الحجية ذاتية له.

و كان سيدنا الاستاد قدس سره ينقل عن المرحوم الميرزا علي آقا الشيرازي قدس سره كان يقول اذا أفتي الشيخ الانصاري و الميرزا الشيرازي المجدد و الميرزا محمد

تقي الشيرازي بحكم شرعي انا اقطع بكونه مطابقا مع متن الواقع و هل يفيد لغيره شيئا؟

كلا ثم كلا و علي هذا الاساس تسقط جملة كثيرة من الروايات عن الاعتبار فلا بد من رفع اليد عنها و العمل بالعام أو الاطلاق الفوقاني ان كان و الا تصل النوبة الي الاصل العملي.

هذا و لكن بعد مضي مدة من تقرير الاشكال و تثبيته جدّ و اجتهد زميلنا قرة عيني الشيخ عباس الحاجياني و بني علي أنّ الاشكال المذكور غير وارد.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 180

بتقريب: ان مقتضي بناء العقلاء بحسب الظهور العرفي حمل المطلق علي الفرد الشائع في الاستعمال مثلا لو كان في بلد من البلاد شخصان كل منهما مسمّي بالسيد اسماعيل و لكن يراد من اللفظ في الغالب في الاستعمال الذي يكون نجفيا و علي نحو الندرة و الاتفاق يراد منه الشخص الاخر، لا اشكال في حمل اللفظ مجردا عن القرينة علي النجفي و لا يبقون في التحير و الترديد.

و بعبارة اخري: نفس عدم القرينة علي التعيين، قرينة علي إرادة النجفي و علي هذا الاساس نقول: اذا روي الكليني عن احمد ابن محمد بواسطة محمد بن يحيي أو بواسطة العدة يحمل علي المردد بين احمد بن محمد بن عيسي و احمد بن محمد بن خالد.

و ببيان آخر: لم يذكر في كتب الرجال احمد بن محمد بلا تعيين بل كل من يكون مسمّي بهذا الاسم مذيّل بذيل يكون مميزا عن غيره مثلا نري ان الاردبيلي قدس سره في جامع الروات هكذا ذكر احمد ابن محمد بن ابراهيم و احمد بن محمد بن ابراهيم الارمني و احمد ابن محمد ابو بشر السراج و احمد بن محمد

ابو عبد اللّه الآملي و احمد ابن محمد بن أبي غراب و احمد بن محمد بن أبي نصر زيد و احمد ابن محمد بن أبي نصر و احمد بن محمد بن أبي نصر صاحب الانزل و احمد بن محمد بن احمد ابو علي و احمد بن محمد بن احمد بن طرخان و احمد بن محمد الاردبيلي و احمد بن محمد بن احمد بن طاهر و احمد بن محمد البارقي و احمد بن محمد بن حسام و احمد بن محمد البصري و احمد بن محمد بن بندار و احمد بن محمد بن جعفر و احمد بن محمد بن الحسن بن الوليد و احمد بن محمد بن الحسين و احمد بن محمد بن الحسين بن الحسن و احمد بن محمد بن الحسين

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 181

ابن سعيد و احمد بن محمد الحضين و احمد بن محمد بن فارد و احمد بن محمد بن ربيع و احمد بن محمد بن رميم و احمد بن محمد بن زياد و احمد بن محمد بن زيد و احمد بن محمد المعروف و احمد بن محمد السري و احمد بن محمد بن سعيد و احمد بن محمد الدينوري و احمد بن محمد بن داود و احمد بن محمد بن سلمة و احمد بن محمد ابن سليمان و احمد بن محمد بن الصائغ و احمد بن محمد بن عاصم و احمد بن محمد بن عبد اللّه بن الزبير و احمد بن محمد بن عبد اللّه بن مروان و احمد بن محمد بن عبيد القمي و احمد بن محمد بن عبيد اللّه القمي و أحمد بن محمّد بن علي و

احمد بن محمّد بن علي الكوفي و احمد بن محمّد بن عمار و احمد بن محمّد بن عمرو و احمد بن محمد عمر و احمد بن محمد بن عمر بن موسي و احمد بن محمّد بن عياش و احمد بن محمّد بن عيسي و احمد بن محمّد بن عيسي الفراء و احمد بن محمّد بن عيسي القسري و احمد بن محمد الكوفي و احمد بن محمد بن مسلمة و احمد بن محمد بن مطهر و احمد بن محمد المقري و احمد بن محمد بن موسي و احمد بن محمد النجاشي و احمد بن محمد الوهركيني و احمد بن محمد بن ميثم و احمد بن محمد بن يحيي و احمد بن محمد ابن يحيي العطار و احمد بن محمد بن يحيي الفارسي و احمد بن محمد بن يعقوب.

و حيث ان الشائع في نقل الروايات و الاحاديث مردد بين جماعة ثقات و من ناحية اخري المطلق ينصرف الي الشائع في الاستعمال لا نبقي متحيرين و نحكم باعتبار السند و بعبارة اخري بعد فحص روايات الكافي نري ان الغالب المسمي بهذا الاسم الواقع في السند

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 182

المشار إليه اما اضيف لفظ محمد الي عيسي و اما اضيف الي خالد و يكون المضاف الي غير الرجلين اقل قليل فبمقتضي انصراف المطلق الي الشائع الغالب لا بدّ من حمل المطلق اي ما لا يكون لفظ محمد مضافا يحمل علي إرادة احد الرجلين اذ الامر مردد بينهما و المفروض وثاقة كليهما فيكون السند تاما و اذا تم التقريب المذكور نقول لو فرض انه كان هذا الاسم في سند رواية بغير السند المذكور اعم من أن

يكون الراوي الكليني او الشيخ او الصدوق او غيرهم و كان قابلا لان يكون المراد احد الرجلين أيضا نحمل اللفظ علي إرادة احدهما اذ بحسب الزمان اما يكون النقل مقارنا لزمان الانصراف و اما يكون مقدما و اما يكون متأخرا اما علي الاول فظاهر و اما علي الثاني او الثالث فببركة الاستصحاب الجاري في امثال المقام اي الاصل اللفظي العقلائي نحكم بثبوت الانصراف في ذلك الزمان أيضا و تكون النتيجة ما ذكرنا فلاحظ.

الفائدة السابعة: [لا يفيد سند عن ثقة لم يذكر الراوي الذي قبله]

انا نري الشيخ أو الصدوق له طريق الي الراوي الفلاني كزرارة مثلا و قد بيّن في المشيخة و الطريق تام و لكن نري ان الصدوق في الفقيه ربما يقول قال زرارة و اخري يقول روي عن زرارة و الطريق يفيدنا اذا كان بصيغة معلومة و أما لو كان النقل علي النحو الثاني اي بالمجهول فلا يكون السند تاما و ربما يشتبه الناظر و يتخيل ان الطريق صحيح و الحال ان الرواية في أحد الفرضين تكون مرسلة فلا بد من التدقيق في هذه الجهة و لا يكتفي المراجع الي كتاب الوسائل بقول الحرّ بل لا بدّ من مراجعة نفس المرجع.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 183

الفائدة الثامنة: ان جريان قاعدة لا تعاد يختص بما بعد الصلاة

و لا تشمل القاعدة اذا التفت المصلي بالاخلال في الاثناء و تفصيل هذا الاجمال ان الاعادة انما تتحقق بالوجود الثاني للطبيعة فما دام المركب الاعتباري كالصلاة مثلا لم يتحقق في الخارج و لم يتم لا يصدق عنوان الاعادة مثلا لو كان المصلي في الركوع و التفت الي أنه لم يأت بالفاتحة و السورة تكون صلاته باطلة علي طبق القاعدة الاولية و لا يقال له اعد الصلاة بل يقال له استأنف الصلاة فلا بد من تخصيص جريان القاعدة بصورة اتمام الصلاة و يؤيد ما ذكرنا ما أشار إليه المحقق الهمداني قدس سره «1».

الفائدة التاسعة: ان المستفاد من حديث لا ضرر النهي عن الاضرار لا النفي

و تفصيل هذا الاجمال ما افاده شيخ الشريعة و هو أن يكون المراد بالجملة النهي عن الضرر و الاضرار.

و بعبارة اخري الجملة الخبرية استعملت في مقام الانشاء و اريد من النفي النهي كما ان الامر كذلك في قوله تعالي «فَلٰا رَفَثَ وَ لٰا فُسُوقَ وَ لٰا جِدٰالَ فِي الْحَجِّ» «2».

و قال سيدنا الاستاد- علي ما في التقرير- ان حمل النفي علي النهي و حمل الجملة الخبرية علي الانشائية يتوقف علي وجود قرينة

______________________________

(1) لاحظ مصباح الفقيه كتاب الصلاة ص 533.

(2) البقرة/ 197.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 184

و لا قرينة في المقام و لا يقاس ما نحن فيه بقوله تعالي في سورة البقرة حيث انه لا اشكال في تحقق الامور الثلاثة في الخارج و هي الرفث و الفسوق و الجدال فيكون المراد من النفي النهي.

اذا عرفت ما تقدم نقول لا اشكال في أن الظواهر حجة و لا بدّ من العمل بها ما لم يقم علي خلافها دليل هذا من ناحية و من ناحية اخري لا اشكال في تحقق الضرر و الضرار في

الخارج فلا يمكن حمل الجملة اي قوله صلي اللّه عليه و آله «لا ضرر و لا ضرار» علي الاخبار للزوم الكذب.

مضافا الي أن شأن الشارع بيان الاحكام و تشريعها لا الاخبار عن الامور التكوينية الخارجية فيحمل كلامه علي الانشاء و قد تقدم منا في بحث الانشاء و الاخبار ان الجملة الخبرية وضعت بحسب تعهد الواضع لافهام ان المتكلم في مقام ابراز الحكاية عن الخارج لكن الدواعي لهذا الابراز مختلفة.

كما ان صيغة الامر وضعت بحسب التعهد لابراز ان المتكلم في مقام بيان ابراز اعتبار اللابدية في ذمة المكلف لكن الدواعي مختلفة و علي هذا الاساس لا تكون الجملة الخبرية مستعملة في غير معناها بل دائما تستعمل في معناها لكن الداعي للاخبار ربما يكون الحكاية عما في الخارج و ربما يكون الداعي البعث كما في قوله عليه السلام يعيد و يتوضأ الي غيره من موارد استعمال الجملة الخبرية بداعي الانشاء و المقام كذلك بل يكون آكد في البعث و الزجر فكأن المولي يري ان المأمور به متحقق في الخارج و كأنه يري صفحة الوجود خالية عن المنهي عنه فقوله صلي اللّه عليه و آله «لا ضرر و لا ضرار» زجر عن ايراد الضرر بالغير و عن الضرار و الاضرار.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 185

و يؤكد المدعي ان الجملة الاسمية الخبرية قد أريد منها الانشاء في جملة من الموارد و أليك عدة منها:

منها قوله تعالي «فَلٰا رَفَثَ وَ لٰا فُسُوقَ وَ لٰا جِدٰالَ فِي الْحَجِّ» «1» و منها قوله تعالي «أَنْ تَقُولَ لٰا مِسٰاسَ وَ إِنَّ لَكَ مَوْعِداً» «2».

و قوله عليه السلام المسلمون عند شروطهم «3». و قوله عليه السلام:

ان المشورة لا تكون الا بحدودها

«4».

و قول رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم خمسة يجتنبون علي كل حال «5» و قوله عليه السلام ستة لا يسلم عليهم «6» و قوله عليه السلام ستة لا ينبغي ان يسلّم عليهم «7».

و قوله عليه السلام من اخلاق المؤمن الانفاق علي قدر الاقتار و التوسع علي قدر التوسع و انصاف الناس و ابتداؤه اياهم بالسلام عليهم «8».

و قوله عليه السلام: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم اولي الناس باللّه و برسوله من بدأ بالسلام «9».

و قوله عليه السلام ردّ جواب الكتاب واجب كوجوب ردّ السلام و البادي بالسلام اولي باللّه و برسوله «10».

______________________________

(1) البقرة/ 197.

(2) طه/ 97.

(3) الوسائل الباب 6 من ابواب الخيار الحديث 1 و 2.

(4) الوسائل الباب 22 من ابواب احكام العشرة الحديث 8.

(5) الوسائل الباب 28 من ابواب أحكام العشرة الحديث 4.

(6) نفس المصدر الباب 28 الحديث 5.

(7) الوسائل الباب 28 من ابواب العشرة الحديث 6.

(8) الوسائل الباب 32 من ابواب أحكام العشرة الحديث 2.

(9) نفس المصدر الحديث 3.

(10) الوسائل الباب 33 من ابواب أحكام العشرة الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 186

و قوله عليه السلام: البخيل من بخل بالسلام «1» و قوله عليه السلام السلام تطوع و الرد فريضة «2».

و قوله عليه السلام ان اللّه عز و جل يحبّ افشاء السلام «3».

و قوله عليه السلام من التواضع ان تسلّم علي من لقيت «4».

و قوله صلي اللّه عليه و آله يا علي ثلاث كفارات: افشاء السلام و اطعام الطعام و الصلاة بالليل و الناس نيام 5.

و قوله عليه السلام البخيل من بخل بالسلام «6».

و قوله عليه السلام: ثلاث درجات افشاء السلام

و اطعام الطعام و الصلاة بالليل و الناس نيام «7».

و قوله عليه السلام: من التواضع ان تسلم من لقيت 8.

و قوله عليه السلام: ان أعجز الناس من عجز عن الدعاء و ان ابخل الناس من بخل بالسلام «9».

و قول رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: خمس لا ادعهنّ حتّي الممات «10».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث.

(2) نفس المصدر الحديث 3.

(3) الوسائل الباب 34 من ابواب العشرة الحديث 1.

(4) (4 و 5) نفس المصدر الحديث 4 و 5.

(6) نفس المصدر الحديث 6.

(7) (7 و 8) نفس المصدر الحديث 8 و 9.

(9) نفس المصدر الحديث 10.

(10) الوسائل الباب 35 من ابواب أحكام العشرة الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 187

و قول النبي صلي اللّه عليه و آله قال: خمس لست بتاركهنّ حتي الممات «1».

و قوله عليه السلام: ثلاثة لا يسلمون «2».

و قوله عليه السلام: ليس من الانصاف مطالبة الاخوان بالانصاف «3».

و قوله عليه السلام في كتابه الي المأمون: الصلاة علي النبي صلي اللّه عليه و آله واجبة في كل موطن و عند العطاس و الذبائح و غير ذلك «4».

الي غيرها من الروايات فكما تري ان الموارد المذكورة المشار إليها و غيرها استعملت الجملة الخبرية الاسمية في مقام الانشاء فلا يكون الحمل المذكور في المقام أمرا بعيدا و مستنكرا و غير متعارف.

و يؤيد المدعي و يؤكده انه جملة من مهرة الفن فهموا النهي عن الجملة المذكورة الدالة علي عدم الضرر.

ففي النهاية الاثيرية لا ضرر اي لا يضر الرجل اخاه فينقصه شيئا من حقه و الضرار فعال من الاضرار أي لا يجازيه علي اضراره بادخال الضرر عليه.

و عن لسان العرب لا ضرر اي لا يضر

الرجل لا ضرار اي لا يضار كل منهما صاحبه.

و عن الدرّ المنثور للسيوطي لا ضرر اي لا يضر الرجل اخاه و عن تاج العروس قريب منه.

______________________________

(1) الحديث 2.

(2) الوسائل الباب 42 من ابواب أحكام العشرة.

(3) الوسائل الباب 56 من ابواب العشرة الحديث 3.

(4) الوسائل الباب 64 من هذه الابواب الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 188

و قال الطريحي في مجمع البحرين بعد ما نقل حديث لا ضرر و لا ضرار في الاسلام اي لا يضر الرجل اخاه فينقصه شيئا من حقه و الضرار فعال من الضرر اي لا يجازيه علي اضراره بادخال الضرر عليه الخ.

فالنتيجة ان المستفاد من الحديث حرمة الاضرار و الضرر بالغير علي نحو العموم و التخصيص يحتاج الي الدليل و يؤيد المدعي و يؤكده جملة من النصوص الواردة في الموارد الخاصة الدالة علي حرمة الاضرار في تلك الموارد.

نعم لا يستفاد من الحديث حرمة الاضرار بالنفس فان الظاهر بحكم العرف النهي عن الاضرار بالغير و الشاهد لما نقول تفسير مهرة الفن فانهم كما تري نصوا علي أن المراد منه حرمة الاضرار بالغير.

فالنتيجة ان الحديث الشريف لا يكون شارحا و ناظرا الي ادلة الاحكام كما اشتهر بين القوم و ليس مفاده نفي الاحكام الضررية في الشريعة بل مفاده حرمة الاضرار بالغير و النهي عنه و الظاهر ان الدليل الدال علي حرمة الاضرار بالنحو الشامل لكل مورد منحصر في الحديث الشريف.

و يتضح المدعي ان الحديث الشريف متضمن لقوله صلي اللّه عليه و آله و لا ضرار فعلي ما نقول الامر ظاهر و هو ان المراد من الحديث النهي عن الضرر و عن الضرار و أما علي مسلك القوم نسأل ما المراد من

نفي الضرار.

و بعبارة واضحة: نسلم مقالة المشهور و نقول قوله صلي اللّه عليه و آله لا ضرر ناظر الي نفي الوجوب عن الوضوء الضرري و لكن ما المراد من قوله لا ضرار فان اي حكم من الاحكام الشرعية يكون مصداقا للضرار كي يرتفع و في اي مورد الشارع الاقدس يتعدي

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 189

بالنسبة الي عباده كي يكون مرتفعا و هذا أيضا اكبر شاهد علي أن الصحيح ما ذهب إليه شيخ الشريعة.

و قال سيدنا الاستاد في هذا المقام ان المراد من الجملة الاولي النفي اي نفي الاحكام الضررية و نفي الاحكام الضررية علي نحو الحقيقة.

و الجملة الثانية أيضا نفي لكن النتيجة النهي هذا ما افاده في المقام و هل يمكن مساعدته فانه خلاف الظاهر و بعبارة اخري: وحدة السياق تقتضي عدم التفكيك بين الفقرتين و ما أفاده تفكيك اذ الجملة الاولي اخبارية و الجملة الثانية انشائية.

و الحق ما ذكرنا من أن المستفاد من الحديث حرمة الضرر بالغير علي نحو الاطلاق نعم وردت جملة من الادلة في مقام حرمة الاضرار و لكن ليس مدلول تلك الادلة عاما شاملا لكل مورد و أليك جملة منها:

منها قوله تعالي «وَ إِذٰا طَلَّقْتُمُ النِّسٰاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَ لٰا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرٰاراً لِتَعْتَدُوا» «1».

و منها قوله تعالي «وَ الْوٰالِدٰاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلٰادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كٰامِلَيْنِ لِمَنْ أَرٰادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضٰاعَةَ وَ عَلَي الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَ كِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لٰا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلّٰا وُسْعَهٰا لٰا تُضَارَّ وٰالِدَةٌ بِوَلَدِهٰا وَ لٰا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ» «2».

و منها قوله تعالي «وَ لٰا يُضَارَّ كٰاتِبٌ وَ لٰا شَهِيدٌ» «3».

______________________________

(1) البقرة/ 231.

(2) البقرة/ 233.

(3) البقرة/ 282.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب،

ج 4، ص: 190

و منها قوله تعالي «غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللّٰهِ» «1».

و منها قوله تعالي «أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَ لٰا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ» «2».

و منها جملة من النصوص منها ما عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن قول اللّه عز و جل «لا تضارّ والدة بولدها و لا مولود له بولده» فقال كانت المراضع مما تدفع احداهن الرجل اذا اراد الجماع تقول: لا ادعك اني اخاف ان احبل فاقتل ولدي هذا الّذي ارضعه و كان الرجل تدعوه المرأة فيقول:

اني اخاف ان اجامعك فاقتل ولدي فيدفعها فلا يجامعها فنهي اللّه عز و جل عن ذلك أن يضارّ الرجل المرأة و المرأة الرجل «3».

و منها ما عن محمد بن الحسن (الحسين) قال: كتبت الي أبي محمد عليه السلام رجل كانت له قناة في قرية فأراد رجل أن يحفر قناة اخري الي قرية له كم يكون بينهما في البعد حتي لا تضر احداهما بالاخري في الارض اذا كانت صلبة أو رخوة فوقع عليه السلام:

علي حسب ان لا تضرّ احداهما بالاخري ان شاء اللّه «4».

و منها ما عن محمد بن الحسين قال كتبت الي أبي محمد عليه السلام رجل كانت له رحي علي نهر قرية و القرية لرجل فأراد صاحب القرية أن يسوق الي قريته الماء في غير هذا النهر و يعطل هذه

______________________________

(1) النساء/ 12.

(2) الطلاق/ 6.

(3) الوسائل الباب 72 من ابواب احكام الاولاد الحديث 1.

(4) الوسائل الباب 14 من ابواب احياء الموات.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 191

الرحي أله ذلك أم لا فوقع عليه السلام: يتقي اللّه و يعمل في ذلك بالمعروف و لا يضر اخاه المؤمن

«1».

و منها ما عن عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أتي جبلا فشق فيه قناة فذهبت الاخري بماء قناة الاول قال: فقال:

يتقاسمان «يتقايسان» بحقائب البئر ليلة فينظر ايتهما اضرت بصاحبتها فان رأيت الاخيرة أضرت بالاولي فلتعور «2».

و منها ما عن الصدوق باسناده عن عقبة بن خالد نحوه و زاد:

و قضي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بذلك و قال ان كانت الاولي اخذت ماء الاخيرة لم يكن لصاحب الاخيرة علي الاول سبيل «3».

و منها ما عن طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال ان الجار كالنفس غير مضار و لا اثم «4».

و منها ما عن الفضل بن الحسن الطبرسي في مجمع البيان قال:

جاء في الحديث ان الضرار في الوصية من الكبائر «5».

و منها ما عن هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل شهد بعيرا مريضا و هو يباع فاشتراه بعشرة دراهم و اشرك فيه رجلا بدرهمين بالرأس و الجلد فقضي ان البعير برأيه فبلغ ثمنه «ثمانية» دنانير قال: فقال: لصاحب الدرهمين خمس ما

______________________________

(1) عين المصدر الباب 15 الحديث 1.

(2) الوسائل الباب 16 من ابواب احياء الموات الحديث 1.

(3) نفس المصدر الحديث 2.

(4) الوسائل الباب 12 من أبواب احياء الموات الحديث 2.

(5) الوسائل الباب 8 من ابواب الوصية الحديث 4.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 192

بلغ فان قال أريد الرأس و الجلد فليس له ذلك هذا الضرار و قد أعطي حقه اذا أعطي الخمس «1».

الفائدة العاشرة: انه لا مجال لإثبات صحة غير البيع بقوله تعالي «إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ»

و تفصيل هذا الاجمال انه لم يثبت كون لفظ التجارة موضوعة لمطلق المعاملات بل يستفاد من قول بعض اهل اللغة اختصاص اللفظ بخصوص البيع.

ان قلت:

يستفاد من قوله تعالي «رِجٰالٌ لٰا تُلْهِيهِمْ تِجٰارَةٌ وَ لٰا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّٰهِ» «2» ان التجارة غير البيع اذ حمل العطف علي التفسيري خلاف الظاهر. قلت: هذا التقريب لا يثبت التعدد اذ غاية ما يمكن أن يقال ان العطف يقتضي الاثنينية و من الظاهر ان الاستعمال اعم من الحقيقة فمجرد كون المراد من التجارة اعم من المراد من البيع لا يثبت كون لفظ التجارة اعم بحسب اللغة.

الفائدة الحادية عشر: ان تعارض الاستصحاب الجاري في الجعل مع الاستصحاب الجاري في المجعول لا يختص بالشبهة الحكمية الكلية

بل التعارض بين الامرين حاصل في جملة من الشبهات الموضوعية و الميزان الكلي انه كلما شك في بقاء الحكم و عدمه من ناحية الشك في تحقق الرافع

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من ابواب بيع الحيوان الحديث 1.

(2) النور/ 37.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 193

لا مجال للتعارض بل يجري استصحاب عدم حدوث الرافع كالحدث بالنسبة الي الطهارة الحدثية و حدوث النجاسة عند الشك في بقاء الطهارة الخبثية.

و في مثل هذه الموارد لا يجري الاستصحاب في الحكم بل يجري الاصل في عدم الرافع و أما اذا شك في بقاء المجعول أعم من أن يكون في الحكم الكلي أو الجزئي يقع التعارض بين الاصل الجاري في الجعل مع الاصل الجاري في المجعول فلو شك في أن المدة المجعولة للزوجية الانقطاعية شهر أو شهران يكون مقتضي استصحاب الزوجية بقائها و مقتضي استصحاب عدم جعل الزائد عدمها فلاحظ.

الفائدة الثانية عشر: ان المشهور عند القوم كون قاعدة التجاوز قاعدة مستقلة في قبال قاعدة الفراغ

و الحق انه لا دليل علي قاعدة التجاوز و لا بدّ من النظر في نصوص الباب كي نري اي مقدار يمكن أن يستفاد منها و هل يمكن الاستدلال بها علي كلتا القاعدتين أو يختص الدليل بإحداهما؟

فنقول: من النصوص الواردة في المقام ما رواه زرارة قلت لابي عبد اللّه عليه السلام: رجل شك في الاذان و قد دخل في الاقامة؟

قال: يمضي، قلت رجل شك في الاذان و الاقامة و قد كبّر؟

قال: يمضي، قلت رجل شك في التكبير و قد قرأ؟ قال: يمضي قلت:

شك في القراءة و قد ركع؟ قال: يمضي: قلت شك في الركوع و قد سجد؟ قال يمضي علي صلاته ثم قال: يا زرارة اذا خرجت من شي ء

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 194

ثم دخلت في غيره فشكك

ليس بشي ء «1».

و هذه الرواية تامة سندا.

و اما من حيث الدلالة فالمستفاد منها ان المكلف اذا شك في صحة شي ء و فساده بعد دخوله في غير ذلك الشي ء فلا اثر لشكه.

و لا يشمل الحديث صورة الشك في اصل الوجود بل الظاهر من الحديث لو لم يكن صريحه انه لو شك في شي ء بعد خروجه عن عين ذلك الشي ء لا يعتني بشكه و لا يدل علي بيان حكم الخروج عن محله و الحمل علي الخروج عن المحل خلاف الظاهر.

فلو شك المكلف في أن البسملة التي أتي بها هل تحققت صحيحة أم لا؟ يحكم بصحتها و أما اذا شك في اصل وجودها فلا تكون الرواية المذكورة متكفلة للحكم باتيانها بل مقتضي الاستصحاب عدم الاتيان بها فهذه الرواية يختص بقاعدة الفراغ و لا تشمل قاعدة التجاوز.

ان قلت: الخروج عن الشي ء لا يجتمع مع الشك فيه اذ كيف يمكن أن يكون الخروج مفروضا و مع ذلك يكون ما خرج منه مشكوكا فيه.

قلت: اذا كان الشك في صحة ما خرج منه يتم الامر فان المكلف يدخل في الغسل و يعلم بعد ذلك انه اغتسل و خرج منه و أتي به و لكن يشك في أنه أتي به علي ما هو المقرر أم لا فالحق ما ذكرنا.

و من تلك النصوص ما رواه زرارة أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا كنت قاعدا علي وضوئك فلم تدر أ غسلت ذراعيك أم لا؟ فاعد عليهما و علي جميع ما شككت فيه انّك لم تغسله أو

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من ابواب الخلل الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 195

تمسحه ممّا سمي اللّه ما دمت في حال الوضوء.

فاذا قمت من الوضوء

و فرغت منه و قد صرت في حال اخري في الصلاة أو في غيرها فشككت في بعض ما سمّي اللّه ممّا اوجب اللّه عليك فيه وضوئه لا شي ء عليك فيه فان شككت في مسح رأسك فاصبت في لحيتك بللا فامسح بها عليه و علي ظهر قدميك فان لم تصب بللا فلا تنقض الوضوء بالشك و امض في صلاتك و ان تيقنت انك لم تتم وضوئك فأعد علي ما تركت يقينا حتي تأتي علي الوضوء «1» الحديث.

و المستفاد من هذه الرواية انه لو شك المكلف في الوضوء و دخل في حالة اخري يكون وضوئه صحيحا و لا يعتني بشكه فيكون الحديث دالا علي قاعدة الفراغ بالنسبة الي مورد خاص.

و من تلك النصوص ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا شككت في شي ء من الوضوء و قد دخلت في غيره فليس شكك بشي ء انما الشك اذا كنت في شي ء لم تجزه «2».

و المراد من الضمير الذي اضيف إليه لفظ غير اما الوضوء و اما الجزء الذي شك فيه أما علي الاول فيكون مفاد الحديث عين الحديث الاول.

و أما علي الثاني فيكون مفاده خلاف الاجماع و التسالم علي عدم جريان القاعدة في أثناء الوضوء بل خلاف ما يستفاد من الرواية الاولي من الباب و علي كلا التقديرين يكون ذيل الحديث دالا علي كبري كلية

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من ابواب الوضوء الحديث 1.

(2) نفس المصدر الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 196

سارية في جميع الابواب فان المستفاد من الذيل ان المكلف اذا تجاوز عن شي ء و شك فيه لا يعتني به و حمل التجاوز علي التجاوز عن المحل

خلاف الظاهر.

و من تلك النصوص ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لابي عبد اللّه عليه السلام: رجل شك في الوضوء بعد ما فرغ من الصلاة قال يمضي علي صلاته و لا يعيد «1».

و المستفاد من الحديث جريان قاعدة الفراغ في الصلاة فيما شك فيها من حيث الوضوء و عدمه.

و من تلك النصوص ما رواه بكير بن اعين قال: قلت له: الرجل يشك بعد ما يتوضأ قال: هو حين يتوضأ اذكر منه حين يشك «2».

و المستفاد من هذا الحديث اعتبار قاعدة الفراغ بالنسبة الي الوضوء بعد الفراغ منه و من ذيل الحديث يستفاد ضابط كلي و ميزان عام جار في جميع الموارد فان العلة تعمم كما انها تخصص فيفهم من الحديث اعتبار قاعدة الفراغ علي الاطلاق لكنه ضعيف سندا.

و من تلك النصوص ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: اذا شك الرجل بعد ما صلي فلم يدر أثلاثا صلي أم اربعا و كان يقينه حين انصرف انه كان قد اتم لم يعد الصلاة و كان حين انصرف أقرب الي الحق منه بعد ذلك «3» و تستفاد من هذه الرواية

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من ابواب الوضوء الحديث 5.

(2) الوسائل الباب 42 من ابواب الوضوء الحديث 7.

(3) الوسائل الباب 27، من ابواب الخلل الحديث 3.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 197

قاعدة كلية دالة علي جريان قاعدة الفراغ في جميع الموارد و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: كلما شككت فيه فيه مما قد مضي فامضه كما هو «1».

فان هذه الرواية تدل بالعموم الوضعي علي قاعدة الفراغ اذ الظاهر بل الصريح من قوله عليه

السلام «مضي» انه عليه السلام فرض مضي نفس المشكوك فيه فيكون الشك في صحة المشكوك فيه فتكون الرواية دالة علي جريان قاعدة الفراغ علي النحو الكلي.

و من تلك النصوص ما رواه اسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: ان شك في الركوع بعد ما سجد فليمض و ان شك في السجود بعد ما قام فليمض كل شي ء شك فيه مما قد جاوزه و دخل في غيره فليمض عليه «2».

فان هذه الرواية بالعموم الوضعي تدل علي قاعدة الفراغ بالتقريب المتقدم ذكره آنفا اذ المستفاد من ذيل الحديث فرض تحقق المشكوك فيه اذ قد عبر بعنوان التجاوز عنه و هذا العنوان لا يصدق الا مع فرض اصل الوجود و الشك في صحته و فساده.

و اما اذا شك في اصل الوجود فلا بد من حمل التجاوز علي التجاوز عن المحل.

مضافا الي ان صدق التجاوز عنه و الدخول في غيره لا يمكن الا مع فرض تحقق اصل الوجود اذ مع عدم الوجود لا يصدق التجاوز لا عنه و لا عن محله أما التجاوز عنه فلعدم وجوده فرضا و أما عن محله

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب الخلل الحديث: 3.

(2) الوسائل الباب 15 من ابواب السجود الحديث 4.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 198

فلأن المفروض ان التجاوز عن المحل لا يصدق و لا يتحقق الا بالدخول في الغير فالجمع بين التجاوز و الدخول في الغير يدل علي فرض أصل الوجود و الشك في صحته و فساده.

و من تلك النصوص ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يشك بعد ما ينصرف من صلاته قال: فقال: لا يعيد و

لا شي ء عليه «1».

و المستفاد من هذه الرواية انه لو فرغ المكلف من صلاته ثم شك فيها فلا اثر لشكه فالمستفاد من الرواية قاعدة الفراغ بالنسبة الي الصلاة بعد الفراغ عنها.

و من تلك النصوص ما رواه محمد بن مسلم أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: كلما شككت فيه بعد ما تفرغ من صلاتك فامض و لا تعد «2».

و المستفاد من الحديث بالعموم الوضعي جريان قاعدة الفراغ في الصلاة بعد الفراغ عنها.

هذه روايات الباب و لا يستفاد منها جريان قاعدة التجاوز لا بالخصوص و لا بالإطلاق و العموم بل كلها راجعة الي قاعدة الفراغ.

نعم قد وردت جملة من النصوص في الباب الثالث عشر من ابواب الركوع تدل علي جريان قاعدة التجاوز في خصوص الشك في الركوع و لكن لا تستفاد من تلك النصوص قاعدة كلية سارية في جميع الابواب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من ابواب الخلل الحديث 1.

(2) نفس المصدر الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 199

و مقتضي القاعدة الاولية الحكم بالعدم اذ الشك في وجود شي ء و عدمه موضوع للاستصحاب فلا بد من التدارك مثلا لو شرع في السورة و شك في الفاتحة يجب الاتيان بها للاستصحاب.

هذا فيما يمكن التدارك و بقاء محل تدارك ما شك فيه. و اما مع عدم بقاء المحل فتارة يكون الشك بعد الفراغ عن الصلاة و اخري يكون الشك في الاثناء أما اذا كان بعد الفراغ فلا تجب الاعادة.

و اما اذا كان الشك في الاثناء فاما نقول بجريان قاعدة لا تعاد في الاثناء كما هو المشهور عند القوم و اما لا نقول اما علي الاول فالكلام هو الكلام.

و أما علي الثاني فلا مناص عن الاعادة اذ مقتضي

الاستصحاب عدم الاتيان بالمشكوك فيه و المفروض عدم جريان قاعدة لا تعاد فلا بد في احراز الامتثال من الاعادة.

الفائدة الثالثة عشر: الحق أن ما اشتهر بين القوم من الأخذ بقاعدة الاشتغال لا أساس له

و قاعدة الاشتغال لا تكون قاعدة في قبال بقية الاصول بل الحق أن يقال تارة يكون الشك في مرحلة ثبوت التكليف و اخري في مرحلة السقوط اما في مرحلة الثبوت فالمرجع اصل البراءة و استصحاب عدم التكليف و أما في مرحلة السقوط فالمرجع استصحاب بقائه و عدم اتيانه و امتثاله فعلي كلا التقديرين لا تصل النوبة الي الاشتغال و الامر دائر بين المرحلتين و لا ثالث فلاحظ و اغتنم.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 200

الفائدة الرابعة عشر: ان انقلاب النسبة الذي ذهب إليه جملة من الاعاظم غير تام

و تفصيل هذا الاجمال انه لو كان التعارض بين أزيد من الدليلين فهل القاعدة تقتضي أن تلاحظ الادلة و انها اي شي ء تقتضي أو يلزم ملاحظة نسبة بعضها مع بعض ثم ملاحظة النسبة مع البعض الاخر.

مثلا اذا ورد في دليل «اكرم العلماء» و في دليل آخر لا يجب اكرام العلماء و في دليل ثالث لا تكرم الفساق من العلماء فهل تلاحظ نسبة الدليلين الاولين في حد نفسهما و تكون النتيجة التساقط لاجل كون النسبة التباين الجزئي.

أو القاعدة تقتضي تخصيص قول اكرم العلماء بقوله لا تكرم الفساق من العلماء و بعد تخصيص العام الاول بهذا النحو تكون النسبة الي العام الثاني نسبة الخاص الي العام و لذا يخصص العام الثاني بالعام الاول بعد انقلاب النسبة من التباين الي العموم و الخصوص المطلقين؟

ذهب جملة من الاساطين الي عدم الانقلاب و ذهب سيدنا الاستاد الي الانقلاب و ابتني ما ذهب إليه علي مقدمتين:

المقدمة الاولي: ان لكل لفظ ثلاث دلالات الدلالة الاولي الدلالة الانسية التي تتحقق من كثرة استعمال اللفظ الفلاني في المعني الكذائي و المراد من هذه الدلالة انتقال الذهن من سماع اللفظ الي معناه كانتقال الذهن من سماع لفظ الماء

الي الجسم السيال و هذه الدلالة ناشية من كثرة استعمال اللفظ في معناه.

الدلالة الثانية: دلالة اللفظ علي كون المتكلم مريدا للمعني الفلاني و تسمي هذه الدلالة بالدلالة الوضعية و تحقق هذه الدلالة يتوقف علي عدم قيام قرينة علي ان المتكلم لم يرد المعني

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 201

الفلاني كما ان الامر كذلك في قول القائل رأيت اسدا يرمي فان لفظ يرمي قرينة علي عدم إرادة المتكلم من لفظ الاسد الحيوان المفترس.

الدلالة الثالثة: الدلالة التصديقية أي التصديق بأن المتكلم اراد بالارادة الجدية المعني الفلاني و بعبارة اخري: تطابق الإرادة الوضعية مع الإرادة الجدية و هذه الدلالة متوقفة علي عدم قيام دليل و قرينة علي الخلاف.

المقدمة الثانية: ان التعارض لا يتحقق الا بعد فرض كون كلا المتعارضين في حد نفسهما حجة و اما مع سقوط واحد منهما عن الحجية أو كليهما فلا يبقي مجال للتعارض.

و بعبارة اخري: التعارض فرع التكافؤ و أما مع عدمه فلا تعارض اذا عرفت المقدمتين تعرف وضوح انقلاب النسبة.

و ببيان واضح: ان التصديق بانقلاب النسبة لا يحتاج الي أزيد من تصورها.

و يرد عليه أولا: ان الامر لو كان بهذا المقدار من الوضوح فما الوجه في وقوعه مورد البحث و القيل و القال و كيف يكون كذلك و الحال ان مثل الشيخ و صاحب الكفاية ذهبا الي خلافه و الحال ان لهما اليد البيضاء في هذه المسائل.

و ثانيا: انه لا يكون في لحاظ النسبة بين اطراف التعارض ترتب و فصل زماني أو رتبي كي يتم البيان المذكور بل التعارض يقع بين الادلة الثلاثة أو الاربعة في زمان واحد و رتبة واحدة.

فلو قال المولي في دليل اكرم العلماء و في دليل آخر

قال لا يجب اكرام العلماء و في دليل ثالث قال لا تكرم الفساق من العلماء يكون قوله اكرم العلماء معارضا بمعارضين هما قوله لا تكرم الفساق من العلماء و قوله لا يجب اكرام العلماء فلا وجه لملاحظة النسبة أولا بين احد

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 202

العامين و الخاص المعارض له ثم ملاحظة النسبة بين العام المخصص مع العام الاخر كي تنقلب النسبة من التباين الي العموم و الخصوص بل في الرتبة الاولي يسقط ظهور العام به معارضه.

و ان شئت قلت: في زمان واحد قوله اكرم العلماء معارض بدليلين آخرين و مقتضي معارضته بالدليلين سقوطه عن الاعتبار في جميع مدلوله غاية الامر سقوطه عن الاعتبار بالنسبة الي بعض مدلوله بمعارضين و بالنسبة الي بعض مدلوله بمعارض واحد.

الفائدة الخامسة عشر: ان الشرط إذا وقع ضمن العقد الفاسد يكون صحيحا

و يلزم الوفاء به بل اذا صدق عنوان الشرط يجب الوفاء به و لو لم يقع في ضمن العقد كما لو قال زيد اذا قدم مسافري يوم الجمعة اصلي ركعتين يجب عليه الوفاء اذا تحقق المعلق عليه و السر فيه ان المستفاد من قول «المؤمنون عند شروطهم» وجوب العمل بالشرط فالميزان صدق عنوان الشرط فلاحظ و اغتنم.

الفائدة السادسة عشر: [لا اعتبار بتوثيقات مبنية علي الحدس و الاجتهاد]

انه قال سيدنا الأستاد في الأمر الثالث من الامور التي تثبت به وثاقة شخص: «و ممّا تثبت به الوثاقة أو الحسن ان ينص علي ذلك احد الاعلام المتأخرين بشرط أن يكون من أخبر عن وثاقته معاصرا للمخبر أو قريب العصر منه كما يتفق ذلك في توثيقات الشيخ منتجب الدين أو ابن شهرآشوب.

و أما في غير ذلك كما في توثيقات ابن طاوس و العلامة و ابن داود و من تأخر عنهم كالمجلسي لمن كان بعيدا عن عصرهم فلا

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 203

عبرة بها فانها مبنية علي الحدس و الاجتهاد جزما و ذلك فان السلسلة قد انقطعت بعد الشيخ فأصبح عامة الناس الا قليلا منهم مقلدين يعملون بفتاوي الشيخ و يستدلون بها كما يستدل بالرواية علي ما صرح به الحلي في السرائر و غيره في غيره الي آخر كلامه «1».

اقول: يختلج ببالي القاصر أن ما أفاده لا يكون قابلا لاثبات مراده فان تمام ما أفيد في كلامه ان السلسلة انقطعت و انتهت الي الشيخ و هو قدس سره واسطة بين من تقدم عليه و من تأخر عنه فالنتيجة ان المتأخرين لا يكون لهم طريق حسي فلا محالة يكون توثيقهم مبينا علي الحدس و الاجتهاد.

و من ناحية أخري لا يكون اجتهاد احد حجة لغيره الا لمقلديه فيما

يكون التقليد جائزا هذا غاية ما يستفاد من كلامه في المقام.

و يمكن الايراد عليه بأنه ما المراد من انقطاع السلسلة فان المستفاد مما افاده انقطاع سلسلة الرواة أي لا طريق للمتأخرين الي روايات الرواة الا بواسطة كالشيخ الطوسي و أضرابه و نفرض ان الامر كذلك لكن الكلام ليس في الرواية بل الكلام في التوثيق فأي دليل دلّ علي أن العلامة لم يصل إليه سبب التوثيق حسا و كذا غيره.

مضافا الي ان دلالة ما أفاده علي انحصار طريق الرواية للعلامة و أضرابه فيما ذكروا في اجازاتهم مورد الكلام و المناقشة فان اثبات شي ء لا ينفي ما عداه و أي تناف بين ما أفاده العلامة و بين وجود طريق آخر الي الحديث الفلاني.

و بعبارة أخري يمكن أن يكون طريق العلامة الي الاصول و ارباب الجوامع، الشيخ الطوسي مثلا و لكن ما المانع من أن العلامة سمع جملة من الاحاديث من غير هذه الوسائط.

______________________________

(1) معجم رجال الحديث الجزء الاول ص: 431.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 204

أضف الي ذلك ان سيدنا الاستاد قال في جملة من كلامه «و لا طريق للمتأخرين الي توثيقات رواتها و تضعيفهم غالبا الا الاستنباط و اعمال الرأي و النظر».

فتري أن الاستاد ينكر الحس في الغالب و أما في النادر فلا.

فاذا أمكن في النادر يمكن في الغالب أيضا فان حكم الامثال واحد.

و صفوة القول انه اذا كانت الشهادة ظاهرة في الحس كما هو قائل به و من ناحية اخري احتمل الحس في هذه الاخبارات لم يكن مانع من الاخذ بها.

و مما يؤيد المدعي لو لم يكن دليلا ان العلامة و الشهيد و أضرابهما عارفون بالصناعة و يدرون ان اجتهادهم لا يكون معتبرا

لغيرهم من المجتهدين و مع ذلك يوثقون و يضعفون و لم يستدلوا علي مدعاهم فنفهم ان اخبارهم شهادة حسية و الا فأي اعتبار و أية قيمة لمقالتهم.

و ببيان واضح نسأل ان العلامة مثلا حين يوثق احدا هل يكون ناظرا الي افادة كلامه أم لا؟ لا طريق الي الثاني بعد تمامية اصالة عدم الغفلة و علي الاول هل يري جواز التقليد للمجتهد كلا فلا محالة يكون اخباره حسيا.

و علي الجملة اذا احتمل ان اخبار العلامة و كذا غيره من الثقات اذا أخبروا بوثاقة احد من الرواة و احتمل ان منشأ توثيقهم نقل كابر عن كابر لا نري مانعا من الاخذ بالخبر المذكور فتحصل ممّا تقدم انه لا وجه للتفريق بين المتقدمين و المتأخرين من هذه الجهة و اللّه العالم.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 205

الفائدة السابعة عشر: أنه وقع الكلام بين القوم في جواز ترقيع بدن الإنسان بعضو من أعضاء غيره

اشارة

و يقع الكلام في هذا المقام في

عدة مسائل.
المسألة الأولي في حكم الترقيع من حيث الحكم الشرعي.

فاقول: تارة يفرض البحث في ترقيع شخص بعضو من اعضاء الحيوانات و اخري في ترقيعه بعضو من اعضاء الاناسي و علي الثاني تارة لا يكون المأخوذ منه العضو للترقيع مسلما او بحكم المسلم كالذمي و اخري يكون مسلما أو من يكون بحكمه.

اما لو لم يكن المأخوذ منه انسانا فمقتضي القاعدة و لو ببركة اصالة البراءة الجواز مطلقا اعم من ان يكون المأخوذ منه حيا أو ميتا محلل الاكل أو محرما طاهرا أو نجسا مات حتف انفه أو ذبح علي الوجه الشرعي نعم لو قلنا بحرمة الانتفاع بالميتة لا يجوز فيما يتحقق هذا العنوان الا ان تعارض الحرمة مصلحة اهم كما لو توقف حفظ حياة احد علي ترقيعه بعضو من اعضاء الميتة.

و اما لو كان المأخوذ منه انسانا غير مسلم و لا ذمي فالظاهر الجواز اعم من ان يكون ميتا أو حيا مكرها أو غير مكره اذ قتل الكافر جائز فكيف بايذائه و يمكن ان يقال انه لو منعنا عن الانتفاع بميتة الحيوان لجملة من الاخبار فلا مانع من الاستفادة من ميت الانسان للانصراف مضافا الي انه لا يبعدان يقال انه لا تصدق علي ميت الانسان الميتة بل هو ميت لا ميتة و بملاحظة «1» اللغة يظهر ما ادعيناه.

______________________________

(1) قال في المصباح و الميتة من الحيوان ما مات حتف انفه و اصلها بالتشديد و قيل التزم التشديد في ميتة الاناسي لانه الاصل و التزم التخفيف في غير الاناسي.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 206

و اما لو كان المأخوذ منه مسلما فان كان ميتا فلا يجوز لعدم جواز قطع اعضاء الميت المسلم الا اذا زاحمته مصلحة اهم كما

لو توقفت حياة شخص علي ترقيعه بعضو من أعضاء من الميت و الا لا يجوز اذ حفظ الاعضاء غير واجب كما انه لا يجب تكميل الاعضاء فما افيد في بعض الكلمات من الجواز مطلقا فاسد و ان كان حيا فان لم يكن راضيا بأخذ بعض عضوه فلا يجوز اكراها لان كل شخص مسلط علي نفسه الا ان يزاحمه عنوان اقوي ملاكا من حرمة التصرف في سلطنة الغير و ان كان راضيا فان قلنا بأن قطع الاعضاء حرام حتي علي صاحبها بالاجماع التعبدي فلا يجوز و اما لو قلنا بجوازه فان كان المأخوذ منه عاقلا بالغا فالاقوي الجواز لعدم مانع منه و اما لو كان مجنونا أو صغيرا فلا يجوز اذ رضائهما غير معتبر.

و اما اذا كان المأخوذ منه ذميا فان كان ميتا فيجوز لعدم الحرمة و ان كان حيا فيجري فيه ما قلناه في المسلم.

المسألة الثانية في انه بعد ما رقّع بدن انسان بعضو من اعضاء الغير فهل يكون طاهرا أو نجسا أو فيه تفصيل

الظاهر هو الثالث و تفصيل الكلام ان العضو لو كان من ميت الانسان المسلم بعد غسله أو كان من الحيوان الطاهر بعد ذبحه علي طريق شرعي و رقع به بدن انسان فالظاهر طهارة العضو اذ لا وجه للنجاسة في فرض الكلام و اما لو كان من ميت الانسان الكافر أو المسلم قبل غسله أو كان من الحيوان نجس العين أو طاهر العين لكن لم يذك يكون العضو نجسا فبعد الترقيع لو صار عضوا من البدن المرقع بحيث قطعت اضافته عما اضيف إليه أولا في نظر العرف يكون طاهرا اذ المفروض طهارة بدن المسلم اصالة كما انه لو بقيت الاضافة الاولية بحالها تكون

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 207

النجاسة باقية و لا نحتاج الي استصحاب النجاسة كي يقال بأن

الاستصحاب لا يجري في الاحكام الكليّة للمعارضة و لو اضيف إليهما معا بأن يقال زيد يري بعين الحيوان الفلاني مثلا تكون النجاسة باقية اذ المفروض بقاء الموضوع بحاله و الحكم تابع لموضوعه.

و ربما يقال في هذا الفرض بأن دليل طهارة بدن الانسان المسلم يقتضي طهارة العضو فيقع التعارض بين الدليلين و بعد التساقط يرجع الي اصالة الطهارة اذ استصحاب النجاسة معارض باصالة عدم جعل الزائد علي ما بنينا عليه في محله لكن هذا توهم فاسد و ذلك لان دليل طهارة الانسان لا يدل علي طهارته و لو عرض عليه عنوان من عناوين النجاسة و بعبارة اخري طهارة الاشياء من باب عدم الاقتضاء للنجاسة و المفروض ان المقتضي لها موجود و من المعلوم ان ما لا اقتضاء له لا يعارض ما فيه الاقتضاء و اللّه العالم.

المسألة الثالثة في حكم الصلاة مع العضو المرقع

و البحث فيه يقع علي انحاء:

الاول من ناحية نجاسته و الثاني من ناحية كونه ميتة و الثالث من ناحية كونه مما لا يؤكل لحمه.

اما الكلام من الناحية الاولي ففيما يحكم بطهارة العضو فلا اشكال فيه و اما فيما يحكم بنجاسته فلو كان ما رقع به في الباطن فيمكن القول بالجواز أيضا لعدم دليل علي وجوب ازالة النجاسة عن الباطن أو فقل ان الباطن لا ينجس.

و اما كون العضو الزائد محمولا فعلي فرض عدم جواز الصلاة مع المحمول النجس لا يشمل الدليل فيما كان المحمول في الباطن مضافا الي ان الكلام فيما لا يتم فيه الصلاة

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 208

و اما الكلام من الناحية الثانية فعلي فرض قطع الاضافة الاولية فلا اشكال و اما فيما كانت الاضافة باقيه فلنا ان نقول بالجواز أيضا اذ ما يدل علي

مانعية الميتة يدل علي عدم جواز الصلاة فيها فلو لم يصدق هذا العنوان فلا مانع.

و اما الكلام من الناحية الثالثة اي من جهة كونه مما لا يؤكل لحمه فما قيل في وجه الجواز امور:

الاول ان دليل عدم جواز الصلاة في اجزاء ما لا يؤكل لحمه منصرف عن اجزاء الانسان.

الثاني ان السيرة قائمة علي الجواز.

الثالث حديثا زرارة و عمار ففي الاول «1» عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال سأله ابي و انا حاضر عن الرجل يسقط سنة فأخذ سن انسان ميت فيجعله مكانه؟ قال لا بأس.

و في الثاني «2» عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال لا بأس ان تحمل المرأة صبيها و هي تصلي و ترضعه و هي تتشهد».

أقول: ان الوجوه كلها مخدوشة اما الاول فلان فرض الكلام ليس في خصوص عضو الانسان كي يقال بانصراف الدليل فلو اخذ عضو من الاسد و رقع به هل تجوز الصلاة فيه أم لا.

و اما الثاني فلان السيرة حيث انها ليست دليلا لفظيا لا مجال للاخذ بالإطلاق فلا بد من الاقتصار علي القدر المتيقن منها و من الظاهر انه ليست السيرة قائمة علي ما فيه الكلام.

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من ابواب لباس المصلي الحديث 4.

(2) الوسائل الباب 24 من ابواب قواطع الصلاة الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 209

و اما الثالث فالرواية الاولي ضعيفة بالارسال فلا تكون قابلة للاستناد و اما الثانية فحكم وارد في موضوع خاص بالنسبة الي شخص مخصوص و قد قيد الاطلاق بما رواه «1» ابن جعفر عن اخيه موسي ابن جعفر عليه السلام قال سألته عن المرأة تكون في صلاتها قائمة يبكي ابنها الي جنبها هل يصلح لها ان تتناوله

فتحمله و هي قائمة؟

قال لا تحمله و هي قائمة- فان هذه الرواية تدل علي المنع حال القيام فكيف يمكن الاستناد و اما دليل الجواز: فالحق ان يقال انه لا قصور في شمول ادلة المنع و لا فرق بين صدق عنوان الصلاة في غير المأكول و عدمه اذ علم من الدليل ان مجرد مصاحبة جزء غير المأكول موجبا لفساد الصلاة لاحظ ما رواه ابن بكير «2» قال سأل زرارة أبا عبد اللّه عليه السلام في حديث الي أن قال: «فاخرج كتابا زعم انه املاء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أن الصلاة في وبر كل شي ء حرام أكله فالصلاة في وبره و شعره و جلده و بوله و روثه و كل شي ء منه فاسد الحديث.

فنقول لو امكن الاجتناب بان لا يصاحب جزء غير المأكول يكون مقتضي الاحتياط عدم الترقيع به و لو لم يمكن فان كان الاجتناب موجبا للهلاك فلا يجب بل يجب الترقيع بجزء غير مأكول اللحم لوجوب حفظ النفس كما انه لو كان الاجتناب حرجيا لا يجب لقاعدة نفي الحرج لكن تجب الصلاة علي تلك الحالة اذ علم من الشرع ان الصلاة لا تترك بحال لاحظ ما رواه زرارة عن ابي جعفر عليه السلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من ابواب قواطع الصلاة الحديث: 3.

(2) الوسائل الباب 2 من ابواب لباس المصلي الحديث: 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 210

قال عليه السلام فيه لا تدع الصلاة علي حال فان النبي صلي اللّه عليه و آله قال: الصلاة عماد دينكم «1».

فان المستفاد من هذه الرواية مع ملاحظة التعليل الواقع فيها و مجموع ما دل علي اهمية الصلاة ان الشارع لا يرضي بتركها في حال

من الاحوال و بعبارة واضحة انه لو كان الاجتناب موجبا للهلاك أو كان حرجيا تجب الصلاة مع تلك الحال لعدم سقوطها بحال.

(تتمة لا تخلو عن فائدة) و هي انه لو رقع بدن شخص بجزء من الحيوان

و شك في بقاء الاضافة الي الحيوان المأخوذ منه و عدمه فهل يجري استصحاب بقاء الاضافة أم لا.

الحق هو الاول اما في الشبهة الموضوعية فظاهر اذ اركان الاستصحاب تامة و اما في الشبهة المفهومية فما يمكن ان يقال في وجه عدم جريان الاستصحاب في المقام ان استصحاب بقاء الموضوع بوصف الموضوعية يرجع الي استصحاب الحكم و استصحاب ذات الموضوع اركانه غير تامة اذ الامر دائر بين مقطوع البقاء و مقطوع الزوال فلا شك حتي يجري الاصل.

لكن هذا القول و ان ذهب إليه المشهور غير تام لتحقق اركان الاستصحاب توضيح ذلك ان الاضافة الي الحيوان المأخوذ منه مثلا كانت معلومة و متيقنة و الآن نشك في ان الاضافة باقية أم لا فأيّ ركن من اركان الاستصحاب انهدم اذا لاضافة كانت معلومة

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب الاستحاضة الحديث 5.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 211

سابقا و هي مشكوكة لاحقا و مقتضي الاصل بقائها فيتحقق الموضوع الشرعي ببركة الاصل و علي هذا الاساس قلنا انه لا مانع من جريان الاستصحاب في عدم تحقق المغرب لو تردد بين استتار القرص و ذهاب الحمرة المشرقية في مسألة الشك في المغرب الشرعي بانه هل يحصل باستتار القرص فقط أو مع ذهاب الحمرة ببيان ان ما يكون غروبا في نظر العرف لم يكن حاصلا قبل ساعة و الآن نشك في حصوله و الاصل يقتضي عدم الحصول.

الفائدة الثامنة عشر: المشهور عند القوم أنه لو شك في نسخ حكم يجري الاستصحاب

و بعبارة اخري الشك في النسخ كالشك في التخصيص فكما انه لو شك في تخصيص العموم الافرادي يحكم بعدمه بالاستصحاب كذلك لو شك في النسخ فان النسخ تخصيص ازماني و الحق عدم تمامية البيان المذكور فان الاخذ بالعموم اعم من ان يكون افراديا

أو زمانيا من باب الامارة العقلائية و لا يرتبط بالاستصحاب و ان شئت قلت لو فرض عدم دليل علي الاستصحاب لا اشكال في حجية اصالة العموم لبناء العقلاء عليه في باب الالفاظ.

الفائدة التاسعة عشر: أنه وقع الكلام عند القوم في المستفاد من حديث من بلغ

و ذهب بعضهم كسيدنا الاستاد قدس سره الي ان مفاد تلك الاخبار الارشاد الي حكم العقل بحسن الانقياد و لا يستفاد منها استحباب العمل و يترتب عليه انه لو اتي المكلف بما بلغه من الثواب بعنوان الامر الاستحبابي

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 212

يكون مشرّعا اقول هل يستفاد من تلك الاخبار ان الاتيان بالعمل محبوب للمولي أم لا و بعبارة واضحة ان الشارع الاقدس رغّب المكلف في الاتيان بوعده اعطائه اياه ذلك الثواب الكذائي فيعلم ان الاتيان به محبوب عنده و بعد ثبوت كونه محبوبا عنده يثبت الاستحباب الشرعي فالحق ان المستفاد من تلك النصوص الاستحباب و المولوية فلاحظ.

الفائدة العشرون: انه وقع الكلام و الاشكال عند بعض الفقهاء كسيدنا الاستاد قدس سره في ملكية الهيئات الحكومية

اشارة

و الوجه في الاشكال ان الملكية تحصل بسبب من الاسباب الشرعية و المتصدي لهذه الاسباب اما هو المالك و اما الوكيل عن المالك و اما الولي عليه و الهيئة الحكومية غير الشرعية لا تكون مالكة كما هو ظاهر و لا تكون وكيلا عن قبل المالك كما هو اظهر و لا وليّ عليه.

و حيث ان هذه المسألة في كمال الاهمية و مورد ابتلاء العموم رأيت ان المناسب بل الراجح التعرض لها و ملاحظة جوانبها فاقول لا اشكال في قابلية الهيئة و المملكة للملكية و الذي يدل علي المدعي ان الاعيان الموقوفة مالكة للاشياء المتعلقة بها كفرش المسجد و قناديله و منبره الي غيرها من متعلقات المسجد و قس علي المسجد الحسينيات و الخانات و الضرائح المقدسة فلا اشكال من هذه الناحية.

انما الكلام في وجه تحقق الملكية بتصرفات الهيئات المسلطة عليها

و يمكن الاستدلال لاثبات نفوذ تصرفات المتصدين بوجوه
الوجه الأول انه لو لم يلتزم بالملكية يلزم الحرج الشديد

بل يلزم

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 213

اختلال النظام لانه لو لم نقل بالملكية لا يجوز الذهاب و الاياب الي جميع الادارات الحكومية بل لا يجوز التصرف في الحسينيات و الخانات و غيرهما من الاماكن العمومية التي بنتها السلطة.

و أيضا لا يجوز التصرف في الوسائط النقلية و قس عليها بقية الامور كالتصرف في البنوك و امثالها و يلزم أيضا بطلان صلاة كل من يصلي في المساجد و المجامع التي بنيت بامر السلطة في الطرق بين البلاد و قس علي ما ذكرنا كثيرا من الامور اللازمة لهذا القول و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟ كلا ثم كلا.

الوجه الثاني ان السيرة العقلائية من اوّل الخلقة الي زماننا جارية علي معاملة المالكية مع السلطات الحكومية

علي انواعها و لا يختلج ببال احد ان السلطة من انواع الغاصبين و ما يؤخذ منه غصب و حرام و لم يرد عن الشارع الاقدس ردع عن السيرة المذكورة.

و من ناحية اخري ان القوانين العقلائية اذا لم يردع عنها الشارع ينكشف انه امضاها و لذا نقول الظواهر حجة و كذلك قول الثقة الي غيرهما من السيرات العقلائية.

الوجه الثالث: انه يلزم عدم مالكية كل من يضع ماله في البنك

كما هو المعمول في انحاء العالم و يترتب عليه عدم وجوب الخمس اذ لا موضوع له بالنسبة الي النقود من الاوراق و غيرها اذا كانت موضوعة في البنك.

و يلزم أيضا عدم انتقال المبيع الي التاجر و الكاسب اذ اما يشتري المتاع بالنقد الشخصي و إما يشتري بالذمة أما علي الاول فالبيع باطل اذ المفروض ان الثمن غصب و أما علي الثاني فالبيع و ان كان صحيحا لكن لا تفرغ ذمة المشتري بدفع الثمن اذ المفروض ان

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 214

الثمن غصب و مجهول المالك و هذا يقرع الاسماع بل يضحك الثكلي.

الوجه الرابع انه لم يسمع الاشكال و ابداء الشبهة من زمن الكليني و الطوسي و المفيد و الصدوق الي زمان الشيخ الانصاري

و من بعده و كيف يمكن أن تكون هذه النكتة مغفولا عنها بالنسبة الي هؤلاء الاعلام و الاتقياء العظام.

الوجه الخامس: انه حسب النقل ان الرسول الاكرم قبل هدية ملك حبشة و ان المعصومين عليهم السلام كانوا يقبلون عطايا خلفاء الجور

و جوزوا قبول جوائز السلطان الجائر و هل يكون فرق بين ذلك الزمان و الزمان الاخر.

و يستفاد من جملة النصوص جواز الاخذ و حليته منها ما رواه ابو ولاد قال: قلت لابي عبد اللّه عليه السلام ما تري في رجل يلي اعمال السلطان ليس له مكسب الا من اعمالهم و انا امرّ به فانزل عليه فيضيفني و يحسن إليّ و ربما أمر لي بالدرهم و الكسوة و قد ضاق صدري من ذلك فقال لي: كل و خذ منه فلك المهنّأ و عليه الوزر «1».

و منها ما رواه ابو المعزي قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام و انا عنده فقال اصلحك اللّه امرّ بالعامل فيجيزني بالدراهم آخذها قال: نعم قلت و احج بها قال نعم «2».

و منها ما رواه داود بن رزين قال قلت لابي الحسن عليه السلام اني أخالط السلطان فتكون عندي الجارية فيأخذونها أو الدابة

______________________________

(1) الوسائل الباب 51: من ابواب ما يكتسب به الحديث 1.

(2) نفس المصدر الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 215

الفارهة فيبعثون فيأخذونها ثم يقع لهم عندي المال فلي أن آخذه قال خذ مثل ذلك و لا تزد عليه «1».

و منها ما رواه محمد بن أبي حمزة عن رجل قال: قلت لابي عبد اللّه عبد اللّه عليه السلام: اشتري الطعام فيجيئني من يتظلم و يقول ظلمني فقال اشتره «2».

و منها ما رواه معاوية بن وهب قال قلت لابي عبد اللّه عليه السلام: اشتري من العامل الشي ء و أنا اعلم انه يظلم فقال اشتر منه «3».

و منها ما

رواه ابو عبيدة عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن الرجل منّا يشتري من السلطان من ابل الصدقة و غنم الصدقة و هو يعلم انهم يأخذون منهم اكثر من الحق الذي يجب عليهم قال:

فقال ما الابل الا مثل الحنطة و الشعير و غير ذلك لا بأس به حتي تعرف الحرام بعينه «4».

و منها ما رواه جميل بن صالح قال ارادوا بيع تمر عين أبي ابن زياد فاردت ان اشتريه فقلت: حتي استأذن أبا عبد اللّه عليه السلام فامرت مصادف فسأله فقال له قل له فليشتره فانه ان لم يشتره اشتراه غيره «5».

و منها ما رواه احمد بن محمد بن عيسي في (نوادره) عن ابيه قال سئل

______________________________

(1) الوسائل الباب 51: من ابواب ما يكتسب به الحديث 7.

(2) الوسائل الباب 52: من ابواب ما يكتسب به الحديث 3.

(3) نفس المصدر الحديث 4.

(4) نفس المصدر الحديث 5.

(5) الوسائل الباب 53: من ابواب ما يكتسب به الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 216

أبو عبد اللّه عليه السلام عن شراء الخيانة و السرقة قال اذا عرفت ذلك فلا تشتره الا من العمال «1».

و منها ما رواه اسحاق بن عمار قال سألته عن الرجل يشتري من العامل و هو يظلم قال يشتري منه ما لم يعلم انه ظلم فيه احدا «2».

و منها ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال سألته عن الرجل أ يشتري من العامل و هو يظلم فقال يشتري منه «3».

و هذه النصوص تدل بوضوح علي جواز التصرف فيما يؤخذ من الجائر و المعاملة معه معاملة الملاك و لا وجه لحمل هذه النصوص علي القضية الخارجية كي لا يمكن الاخذ بإطلاقها فان الظاهر

من لفظ السلطان من يكون مصداقا لهذا المفهوم بلا فرق بين المدعي للخلافة و من لا يكون كذلك.

و اوضح منه ما عبّر عنه بعنوان العامل فان العامل مطلق يصدق علي كل عامل فالنتيجة ان الدولة قابلة للمالكية ثبوتا و بحسب مقام الاثبات تكفي الادلة لكونها مالكة كبقية الملاك فلاحظ.

الفائدة الواحدة و العشرون: الظاهر أن الأصحاب لم يتعرضوا لمسألة وجوب إطاعة الوالدين

في الكتب الفقهية الاستدلالية و لا ريب في أهمية الموضوع و ابتلاء العموم به فجدير بأن نذكر فيه ما خطر ببالنا و استفدناه من الآيات

______________________________

(1) الوسائل الباب 52: من ابواب ما يكتسب به الحديث 6.

(2) الوسائل الباب 53: من ابواب ما يكتسب به الحديث 2.

(3) نفس المصدر الحديث 3.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 217

و النصوص فنقول قد ورد في جملة من الآيات الايصاء بالاحسان بالوالدين منها قوله تعالي «وَ إِذْ أَخَذْنٰا مِيثٰاقَ بَنِي إِسْرٰائِيلَ لٰا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللّٰهَ وَ بِالْوٰالِدَيْنِ إِحْسٰاناً» «1» الآية.

فان المستفاد من الآية ان اللّه أخذ الميثاق من بني اسرائيل أن لا يعبدوا الا اللّه و أن يحسنوا بالوالدين و ذي القربي و هو الرحم و اليتامي و المساكين و ان يقولوا للناس حسنا.

و لا اشكال في أنه لا يستفاد من هذه الآية وجوب اطاعتهما بل المستفاد منها رجحان الاحسان إليهما و الاحسان إليهما لا يلازم اطاعتهما فان الاحسان يقابل الإساءة.

و مما يدل علي المدعي ان المستفاد من الآية رجحان الاحسان إليهما و الي ذي القربي و اليتامي و المساكين و من الواضح انه لا يجب اطاعة هؤلاء المذكورين فلا يكون حسن الاحسان مستلزما لوجوب الاطاعة هذا أولا.

و بعبارة اخري: ان وحدة السياق تقتضي عدم الوجوب فلو فرض عدم وجوب غيرها من المذكورين كما هو كذلك فلا يكون اطاعتهما واجبا

أيضا.

الا أن يقال بأن الظاهر من الجملة هو الوجوب و نرفع اليد عنه بمقدار قيام الدليل علي الخلاف لكن يلزم علي هذا تخصيص الاكثر المستهجن فلاحظ.

و ثانيا ان الآية مربوطة ببني اسرائيل و اسراء الحكم الي الامة المرحومة يتوقف علي القول باستصحاب احكام الشرائع السابقة و هو مورد الاشكال و التفصيل موكول الي محله من الاصول.

______________________________

(1) البقرة/ 83.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 218

و منها قوله تعالي «وَ اعْبُدُوا اللّٰهَ وَ لٰا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوٰالِدَيْنِ إِحْسٰاناً وَ بِذِي الْقُرْبيٰ وَ الْيَتٰاميٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ الْجٰارِ ذِي الْقُرْبيٰ وَ الْجٰارِ الْجُنُبِ وَ الصّٰاحِبِ بِالْجَنْبِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ وَ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُكُمْ إِنَّ اللّٰهَ لٰا يُحِبُّ مَنْ كٰانَ مُخْتٰالًا فَخُوراً» «1».

و قد ظهر مما ذكرنا في الآية الاولي انه لا يستفاد المدعي من هذه الآية أيضا.

و منها قوله تعالي «قُلْ تَعٰالَوْا أَتْلُ مٰا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلّٰا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوٰالِدَيْنِ إِحْسٰاناً» «2».

و قد ظهر مما قدمناه عدم دلالة الآية علي وجوب الاطاعة فلا نعيد.

و منها قوله تعالي «وَ قَضيٰ رَبُّكَ أَلّٰا تَعْبُدُوا إِلّٰا إِيّٰاهُ وَ بِالْوٰالِدَيْنِ إِحْسٰاناً إِمّٰا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمٰا أَوْ كِلٰاهُمٰا فَلٰا تَقُلْ لَهُمٰا أُفٍّ وَ لٰا تَنْهَرْهُمٰا وَ قُلْ لَهُمٰا قَوْلًا كَرِيماً» «3» و الكلام فيها هو الكلام و وجوب القول الكريم لهما لا يستلزم وجوب اطاعتهما كما هو ظاهر و بعبارة اخري: كما يحرم أن يقال لهما افّ كذلك يجب القول الكريم لهما فلاحظ.

و منها قوله تعالي «وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسٰانَ بِوٰالِدَيْهِ حُسْناً وَ إِنْ جٰاهَدٰاكَ لِتُشْرِكَ بِي مٰا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلٰا تُطِعْهُمٰا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمٰا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» «4».

______________________________

(1) النساء/ 36.

(2) الانعام/ 151.

(3) الاسراء/

23.

(4) العنكبوت/ 8.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 219

و هذه الآية ذكر فيها الايصاء بالحسن و المنع عن اطاعتهما في صورة المجاهدة علي الشرك اما بالنسبة الي الجملة الاولي فالكلام فيها هو الكلام و أما بالنسبة الي الجملة الثانية فربما يتوهم ان مقتضي مفهوم الشرط وجوب اطاعتهما في المجاهدة علي غير الشرك.

و لكن لا مجال لهذا التوهم فان الشرط في الآية سيق لبيان الموضوع و لا مفهوم له.

و منها قوله تعالي «وَ إِنْ جٰاهَدٰاكَ عَليٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مٰا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلٰا تُطِعْهُمٰا وَ صٰاحِبْهُمٰا فِي الدُّنْيٰا مَعْرُوفاً وَ اتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنٰابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمٰا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» «1».

و قد ظهر مما مر ان تقريب الاستدلال بمفهوم الشرط غير سديد و يستفاد من قوله تعالي في هذه الآية «وَ صٰاحِبْهُمٰا فِي الدُّنْيٰا مَعْرُوفاً» ان الواجب بالنسبة الي الوالدين معاشرتهما بالمعروف نظير قوله تعالي «وَ عٰاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» بالنسبة الي الزوجات فلا يجب علي الولد بالنسبة الي والديه الا الصحبة بما هو المتعارف فلا تجب اطاعتهما علي نحو الاطلاق.

نعم ربما يتفق ان الاطاعة مصداق للصحبة بالمعروف.

و منها قوله تعالي «وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسٰانَ بِوٰالِدَيْهِ إِحْسٰاناً» «2».

و الكلام في هذه الآية هو الكلام في الآيات السابقة المتضمنة للايصاء بالاحسان فالنتيجة ان الآيات بنفسها لا تدل علي وجوب

______________________________

(1) لقمان/ 15.

(2) الاحقاف/ 15.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 220

اطاعتهما بل المستفاد من الكتاب وجوب صحبتهما بالمعروف.

نعم يستفاد من الكتاب ببركة النص حرمة العقوق لاحظ قوله تعالي «وَ بَرًّا بِوٰالِدَتِي وَ لَمْ يَجْعَلْنِي جَبّٰاراً شَقِيًّا» «1» و قد عد العقوق من المعاصي الكبيرة في حديث عبد العظيم الحسني قال حدثني ابو جعفر الثاني

عليه السلام قال سمعت ابي يقول سمعت أبي موسي بن جعفر عليه السلام يقول دخل عمرو بن عبيد علي أبي عبد اللّه عليه السلام فلما سلم و جلس تلا هذه الآية «وَ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبٰائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَوٰاحِشَ» ثم امسك فقال له ابو عبد اللّه عليه السلام ما اسكتك قال احب ان اعرف الكبائر من كتاب اللّه عز و جل فقال نعم يا عمرو اكبر الكبائر الاشراك باللّه الي أن قال، و منها عقوق الوالدين لان اللّه سبحانه جعل العاق جبارا شقيا «2» الحديث.

مستشهدا بالآية الشريفة و حرمة العقوق من الواضحات التي لا ريب و لا شك فيها و لكن حرمة العقوق لا تستلزم وجوب الاطاعة فان العقوق علي ما يظهر من اللغة هو القطع و الايذاء.

نعم لا مانع من الالتزام بوجوب الاطاعة فيما يكون تركها مستلزما للايذاء و القطع و ترك الاحسان و خلاف المصاحبة بالمعروف.

و تدل جملة من الاخبار علي حرمة العقوق، منها ما رواه حديد ابن حكيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال أدني العقوق افّ و لو علم اللّه عز و جل شيئا أهون منه لنهي عنه «3».

______________________________

(1) مريم/ 32.

(2) الوسائل الباب 46 من ابواب جهاد النفس الحديث 2.

(3) اصول كافي ج 2 ص 348 باب العقوق الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 221

و منها ما رواه عبد اللّه بن المغيرة عن أبي الحسن عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كن بارا و اقتصر علي الجنة و ان كنت عاقا (فظا) فاقتصر علي النار «1».

و منها ما رواه يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال اذا كان يوم القيامة

كشف غطاء من أغطية الجنة فوجد ريحها من كانت له روح من مسيرة خمسمائة عام الا صنف واحد قلت من هم قال العاق لوالديه 2

و منها ما رواه السكوني عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: فوق كل ذي برّ برّ حتي يقتل الرجل في سبيل اللّه فاذا قتل في سبيل اللّه فليس فوقه برّ و ان فوق كل عقوق عقوقا حتي يقتل الرجل احد والديه فاذا فعل ذلك فليس فوقه عقوق «3».

و منها ما رواه سيف بن عميرة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال من نظر الي ابويه نظر ماقت و هما ظالمان له لم يقبل اللّه له صلاة «4».

و منها ما رواه محمد بن فرات عن أبي جعفر عليه السلام قال:

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في كلام له اياكم و عقوق الوالدين فان ريح الجنة توجد من مسيرة ألف عام و لا يجدها عاق و لا قاطع رحم الحديث «5».

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث 2 و 3.

(3) اصول كافي ج 2 ص 348 باب العقوق الحديث 4.

(4) نفس المصدر الحديث 5.

(5) نفس المصدر الحديث 6.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 222

و منها ما رواه ابو البلاد (السلمي) عن أبيه عن جده عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال لو علم اللّه شيئا أدني من اف لنهي عنه و هو من ادني العقوق أن ينظر الرجل الي والديه فيحدّ النظر إليهما «1».

و منها ما رواه عبد اللّه بن سليمان عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان أبي نظر الي رجل و معه ابنه يمشي و الابن متكئ علي

ذراع الأب قال: فما كلّمه أبي عليه السلام مقتا له حتي فارق الدنيا «2».

و الحديث الثاني من الباب يدل علي وجوب البرّ و يدل علي وجوب اطاعتهما ما رواه محمد بن مروان قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول ان رجلا أتي النبي صلي اللّه عليه و آله فقال يا رسول اللّه اوصني فقال لٰا تُشْرِكْ بِاللّٰهِ شيئا و ان حرقت بالنار و عذبت الا و قلبك مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ و والديك فاطعهما و برّهما حيين كانا أو ميتين و ان أمراك أن تخرج من اهلك و مالك فافعل فان ذلك من الايمان «3» و لكن الرواية ضعيفة بخالد بن نافع البجلي مضافا الي أنه كيف يمكن أن يلتزم بمفاد الحديث بهذا النحو من الاطلاق اللهم الا أن يقال انه ترفع اليد بالمقدار الذي يقطع بعدم وجوبه و الضرورات تقدر بقدرها.

و قد دلت جملة من الاخبار ان الانسان و ماله لابيه منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الرجل يحتاج الي مال ابنه قال يأكل منه ما شاء من غير سرف، و قال: في كتاب علي عليه السلام ان الولد لا يأخذ من مال والده شيئا الا باذنه

______________________________

(1) اصول كافي ج 2 ص 348 باب العقوق الحديث 7.

(2) نفس المصدر الحديث 8.

(3) اصول كافي ج 2 ص 158 الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 223

و الوالد يأخذ من مال ابنه ما شاء و له أن يقع علي جارية ابنه اذا لم يكن الابن وقع عليها و ذكر ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال لرجل انت و مالك لابيك «1».

و منها ما

رواه أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال لرجل انت و مالك لابيك قال أبو جعفر عليه السلام ما احب أن يأخذ من مال ابنه الا ما احتاج إليه مما لا بدّ منه ان اللّه لٰا يُحِبُّ الْفَسٰادَ «2».

و منها ما رواه الحسين بن أبي العلاء قال قلت لابي عبد اللّه عليه السلام ما يحل للرجل من مال ولده قال قوته بغير سرف اذا اضطر إليه قال: فقلت له فقول رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله للرجل الذي اتاه فقدم أباه فقال له انت و مالك لابيك فقال انما جاء بأبيه الي النبي صلي اللّه عليه و آله فقال يا رسول اللّه هذا أبي و قد ظلمني ميراثي من أمّي فاخبره الأب انه قد أنفقه عليه و علي نفسه و قال انت و مالك لابيك و لم يكن عند الرجل شي ء أو كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يحبس الأب للابن «3».

و منها ما رواه محمد بن سنان ان الرضا عليه السلام كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله: و علة تحليل مال الولد لوالده بغير اذنه و ليس ذلك للولد لان الولد موهوب للوالد في قوله عز و جل «يَهَبُ لِمَنْ يَشٰاءُ إِنٰاثاً وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشٰاءُ الذُّكُورَ» مع انه المأخوذ بمئونته

______________________________

(1) الوسائل الباب 78 من ابواب ما يكتسب به الحديث 1.

(2) نفس المصدر الحديث 2.

(3) نفس المصدر الحديث 8.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 4، ص: 224

صغيرا و كبيرا و المنسوب إليه و المدعو له لقوله عز و جل «ادْعُوهُمْ لِآبٰائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللّٰهِ» و لقول النبي صلي اللّه

عليه و آله انت و مالك لابيك و ليس للوالدة مثل ذلك لا تأخذ من ماله شيئا الا باذنه أو باذن الأب و لان الوالد مأخوذ بنفقة الولد و لا تؤخذ المرأة بنفقة ولدها «1».

و لا اشكال في أن هذه الروايات ناظرة الي الحكم الاخلاقي فالنتيجة انه لم يدل دليل لا من الكتاب و لا من السنة علي وجوب اطاعة الوالدين و طريق الاحتياط ظاهر و اللّه العالم بحقائق الامور و عليه التكلان.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 9.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.